فرنسا تتجنب أزمة مع الجزائر: البرلمان يسحب قرار إلغاء اتفاقية 1968
Arab
1 day ago
share

سحب البرلمان الفرنسي، بشكل مفاجئ، مسودة قرار يقضي بإلغاء العمل باتفاقية الهجرة لعام 1968، بين الجزائر وفرنسا، كان مقرراً أن يُناقَش ويُعتمَد اليوم الخميس، في خطوة سياسية تستهدف منع أي تأثيرات محتملة على موقف السلطات الجزائرية، قبل أسبوع من إصدار القضاء الجزائري الحكم على الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال الملاحق في قضية المساس بالوحدة الوطنية، حيث تتبنى باريس قضيته وتطالب بالإفراج عنه. 

وقررت الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان)، اليوم الخميس، حجب مناقشة مشروع قرار قدّمته مجموعة إريك سيوتي، من اتحاد اليمين من أجل الجمهورية، يهدف إلى إلغاء العمل بنص اتفاقية الهجرة الجزائرية الفرنسية لعام 1968، التي تمنح الجزائريين امتيازات خاصة في ما يخص الهجرة والعمل والإقامة والتجميع العائلي. وينص القرار المقترح على أنه "حان الوقت لتكييف ترسانتنا القانونية بشأن الهجرة مع تطور علاقتنا مع الجزائر"، و"لإعادة الوسائل القانونية للدولة للحد من منح التأشيرات للجزائريين، وتعليقها عند الضرورة".

وبينما كانت الاحتمالات كبيرة نحو اعتماد القرار، تقرر سحب النص في اللحظة الأخيرة، مع أنه حتى في حال اعتماد القرار، فإنه يبقى غير مُلزم للحكومة، إلا أنه كان سيؤثر حتماً في العلاقات الفرنسية الجزائرية، التي تشهد وضعية متأزمة أصلاً منذ يوليو/ تموز 2024. ورأى مسؤول حكومي فرنسي أنّ هناك صلة بين حجب القرار ومسارات قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال المقرر إصدار حكم عليه الأسبوع المقبل من قبل القضاء الجزائري، حيث تتبنى السلطات الفرنسية قضيته بشكل كامل وتسعى للضغط على الجزائر للإفراج عنه.

رأى مسؤول حكومي فرنسي أنّ هناك صلة بين حجب القرار وبين مسارات قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال

وقال الوزير المنتدب للتجارة الخارجية والفرنسيين في الخارج، لوران سان مارتن، مخاطباً النواب الفرنسيين خلال جلسة النقاش العام: "أود أن أشيد بموقفكم المسؤول بسحب مشروع القرار المقترح. سحب هذا النص قرار مسؤول بالفعل، لأنّ بعثاتنا الدبلوماسية تعمل جاهدةً اليوم لضمان ألا تطغى توترات العلاقات الفرنسية الجزائرية على مسألة الإفراج الفوري عن بوعلام صنصال، وهي مسألة بالغة الأهمية"، مشيراً إلى أنه "كان من الضروري تفادي أي تصعيد، حتى لو كان لفظياً، قد يُعرّض هذا الهدف للخطر".

ويشير مثل هذا التصريح إلى أن تدخلاً سياسياً قد حدث لإقناع الكتلة النيابية بسحب القرار، وتجنّب أي أزمة جديدة مع الجزائر، ومنع كسر مناخ من الهدوء ساد في الفترة الأخيرة على صعيد العلاقات بين الجزائر وباريس، وهذا يعطي بحد ذاته مؤشرات واضحة على وجود توجه في فرنسا نحو التهدئة مع الجزائر، وقد يتعزز الأمر بعودة قريبة للسفير الفرنسي ستيفان روماتيه إلى الجزائر، بعد استدعائه للتشاور منذ إبريل/ نيسان الماضي.

وهذه هي المرة الثانية التي يتجنب فيها البرلمان الفرنسي مناقشة قرار بإلغاء اتفاقية الهجرة بين الجزائر وفرنسا، إذ كان قد رفض في ديسمبر/ كانون الأول 2023، خطوة مماثلة، في خضم أزمة سياسية بين الجزائر وباريس، لم تكن حينها قد تفاقمت على النحو الراهن.

وتعد اتفاقية الهجرة لعام 1968 التي كان الهدف الأساس منها تسهيل الهجرة الاقتصادية لتلبية الحاجة الماسة للعمالة في فرنسا في تلك المرحلة، واحدة من القضايا الخلافية بين الجزائر وباريس. فبينما كان المجتمع السياسي في فرنسا يحاول استغلال هذه الاتفاقية وتوظيفها ضمن أدوات الضغط السياسي، كانت الجزائر قد حذرت باريس من أي مساس باتفاقية الهجرة والإقامة وتنقل الأشخاص لعام 1968، وردّت بسخرية سياسية على الموقف الفرنسي.

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قد وصف الاتفاقية بأنها "قوقعة فارغة"، بسبب التعديلات التي أدخلت عليها في ثلاث مناسبات: 1986، 1994 و2001، حيث أفرغت من محتواها وسحبت الامتيازات التي كان يتمتع بها الجزائريون في فرنسا. فمنذ عام 1986، أصبح الجزائريون بحاجة إلى تأشيرات للدخول إلى فرنسا، ما يلغي فعلياً حرية التنقل التي كانت مضمونة في الاتفاقيات الثنائية، وباتت تخضع هذه التنقلات لقواعد منطقة شنغن.

ووقعت الاتفاقية في 27 ديسمبر/ كانون الأول 1968 بين البلدين، وترسي نظاماً قانونياً منفصلاً يخضع له الجزائريون المقيميون والعاملون في فرنسا وعائلاتهم، بخلاف مواطني دول أخرى، على صعيد حقوق التنقل والتوظيف والإقامة على التراب الفرنسي، اذ كانت تسمح للجزائريين بتقديم جواز سفر على الحدود لدخول فرنسا، دون الحاجة إلى تأشيرة.

وأُنشئت بموجب هذه الاتفاقية شهادة الإقامة، وهي تصريح إقامة خاص بالمواطنين الجزائريين، تصل مدته إلى عشر سنوات، إضافة إلى حق جمع الشمل العائلي وجلب أفراد العائلة للإقامة في فرنسا، وحرية تأسيس نشاط تجاري وممارسة مهنة حرة، وحرية التنقل وحق الحماية الاجتماعية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows