
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه تمكن من تحقيق “نصراً تاريخياً” على إيران، ودمّر البرنامج النووي، لكنه رويداً رويداً بدأت الأصوات التي صفقت له بمعارضته، مشككة في تحقيق أهداف الحرب على إيران.
وقال نتنياهو في تصريحات له الثلاثاء 24 يونيو/حزيران 2025، إن إسرائيل تخلصت من تهديدين وجوديين مباشرين لها، وهما “خطر الإبادة النووية”، وخطر الهلاك من خلال 20 ألف صاروخ باليستي، واصفاً ما تحقق بأنه “نصر تاريخي سيبقى لأجيال”.
فيما أشار تقييم للجيش الإسرائيلي إلى أن تقديرات الاستخبارات العسكرية تقول إنهم تمكنوا خلال عملية “الأسد الصاعد” من إعادة البرنامج النووي سنوات طويلة إلى الوراء، لكنهم أشاروا إلى أنه من المبكر تقييم نتائج العملية.
لكن وزراء وأعضاء كنيست في الائتلاف الذي يقوده نتنياهو أعربوا عن عدم رضاهم من نتائج العملية الإسرائيلية، مؤكدين أن هدف القضاء على البرنامج النووي الإيراني لم يتحقق.
وفي تصريحات جديدة، قال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير: “من يعتقد أن ملف البرنامج النووي الإيراني قد انتهى، فهو مخطئ، لقد تلقوا ضربة قاسية لكنها ليست حاسمة، أعتقد أنه كان يجب الاستمرار في ضرب إيران لبضعة أيام إضافية، ولا يمكننا القول إننا انتهينا من الملف الإيراني”.

فيما شدد وزير الشتات الإسرائيلي على أنه يجب تغيير الحكم في إيران بوسائل أخرى مثل تقوية المعارضة.
أما عضو الكنيست عن حزب الليكود عميت هاليفي فقد قال: “إذا توقفنا هنا، ستعيد إيران بناء التهديد النووي والصاروخي”.
وفي تغريدة له على منصة إكس، تساءل عضو الكنيست عن حزب الليكود، دان إيلوز: “السؤال الأهم ليس ما إذا كنا قد تعاملنا مع التهديدات المباشرة لإسرائيل، بل ما إذا كان ابني ذو العام الواحد سيواجه نفس التهديدات بعد بضعة عقود من الآن”.
هل تم القضاء على البرنامج النووي الإيراني فعلاً؟
وجاء ذلك بالتزامن مع ما كشفته وسائل إعلام أمريكية عن تقييم استخباراتي أمريكي، بأنه من المرجح أن تؤدي الضربات الأمريكية الأخيرة إلى تأخير البرنامج النووي لبضعة أشهر.
وبحسب شبكة “سي إن إن” الأمريكية، فإنه وفقاً للتقييم الاستخباراتي الأولي، فإن:
- الضربات الأمريكية على 3 منشآت نووية إيرانية نهاية الأسبوع الماضي لم تدمر المكونات الأساسية للبرنامج النووي الإيراني.
- لم تدمر القنابل الأمريكية بشكل كامل أجهزة الطرد المركزي، ولا مخزون إيران من اليورانيوم عالي التخصيب.
فيما أفادت صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير منفصل أن تقييم وكالة استخبارات الدفاع خلص إلى أن البرنامج النووي الإيراني تأخر بأقل من ستة أشهر.
لماذا من المبكر الحديث عن تحقيق أهداف الحرب على إيران؟
أولاً: هل أنجزت إسرائيل مهمتها؟
تقول صحيفة “يديعوت أحرونوت” إن إسرائيل بحاجة الآن إلى تكثيف جهودها في جمع المعلومات الاستخباراتية بكل الوسائل، بالتعاون مع الأمريكيين، لدراسة مدى تحقيق أهداف الحرب، المتمثلة في:
- إلى أي مدى ألحقت إسرائيل الضرر بمشروع الأسلحة النووية، وخاصة بمنشآت التخصيب؟
- إلى أي مدى لا يزال الإيرانيون يمتلكون يورانيوم عالي التخصيب يخفونه، ويمكنهم استخدامه لصنع قنبلة في وقت قصير؟
- مدى تقليص قدرات إيران الصاروخية، وما تبقى لديها من صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار وصواريخ كروز.
وأضافت أنه من المهم مراقبة:
- مدى استعداد الإيرانيين للجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة بسرعة نسبية، ومدى استعدادهم لتقديم التنازلات التي يطلبها الأمريكيون منهم.
- معرفة ما إذا كان الإيرانيون مستعدين للتخلي عن تخصيب اليورانيوم على أراضيهم، وكذلك للحد من برنامج الصواريخ.
وشددت على أن وتيرة المفاوضات وسلوك إيران فيها، وخاصة ما إذا كان الإيرانيون سيوافقون على المراقبة الدقيقة والتدخلية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هي أيضاً قضايا بالغة الأهمية ستحدد مدى تحقيق الحرب لأهدافها.
وأضافت أنه إذا لم تكن إيران مستعدة لتقديم تنازلات في المجالين النووي والصاروخي، ولا للمراقبة المناسبة، فسيتعين على إسرائيل إعادة النظر في أسلوب عملها.

ورأت أن عملية تقييم الأضرار والتفاوض على اتفاق نووي جديد ستستغرق نحو ستة أشهر، وإذا اتضح أن النتائج غير مرضية من وجهة نظر إسرائيل، فسيكون من الضروري الاستعداد لجولة حرب أخرى.
وتتناول صحيفة “هآرتس” العديد من الحقائق التي تؤكد أنه من المبكر الحديث عن “النصر التاريخي” الذي تحدث عنه نتنياهو، وهي:
وفقاً لمعلومات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قبل اندلاع الحرب، كانت إيران تمتلك ما لا يقل عن 408 كيلوغرامات من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%.
من حيث المبدأ، فإنه بإمكان الإيرانيين نقل مئات الكيلوغرامات من المواقع النووية قبل تعرضها للهجوم، إلى أماكن آمنة، ويمكن وضع اليورانيوم المخصب في حاويات صغيرة ونقله، دون الحاجة إلى بنية تحتية خاصة لتخزينه.
الوحدة الأساسية اللازمة لتخصيب اليورانيوم هي جهاز طرد مركزي غازي، وكما يمكن إزالة اليورانيوم المخصب من فوردو، فإنه يمكن أيضاً إزالة عدد قليل من أجهزة الطرد المركزي وإخفاؤها.
كما من المرجح أن يمتلك الإيرانيون أجهزة طرد مركزي إضافية، وتمتلك إيران مواقع لتصنيع مكونات أجهزة الطرد المركزي، وما تم مهاجمته هو المعروف فقط.
يمكن تخصيب اليورانيوم من 60% إلى 90%، وهو المستوى المطلوب لإنتاج أسلحة نووية، باستخدام بضع عشرات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة الموضوعة في حظيرة صغيرة، ولا يتطلب هذا بنية تحتية معقدة للغاية، ويمكن إجراؤه بعدد محدود من الشركاء السريين.
يمكن لمنشأة صغيرة، تعتمد على حوالي عشرة أجهزة طرد مركزي، تخصيب ما يكفي من المواد الانشطارية لصنع قنبلة واحدة في غضون عام تقريباً.
من الضروري إدراك أن الإيرانيين ما زالوا يمتلكون المعرفة التقنية لتخصيب اليورانيوم. بمعنى آخر، الفرصة لوقف برنامج التخصيب قد ضاعت على الأرجح.
لا توجد مجموعة محددة من الأشخاص يمكن استهدافها لمنع إيران من مواصلة التخصيب، ولا يمكن استبعاد احتمال أن تكون بحوزة إيران المعدات اللازمة لذلك.
وأوضحت الصحيفة أن الإسرائيليين يأملون أن تصعب الخطوة الافتتاحية للحرب، التي اغتيل فيها أكثر من عشرة علماء نوويين كبار، على الإيرانيين إكمال تطوير الأسلحة النووية، ومع ذلك يجب التذكير بأنها لا تتطلب معرفة وتكنولوجيا استثنائية، فهي موجودة منذ 80 عاماً وليست في طليعة العلوم، وعليه يمكن تأخير إيران، ولكن لمنعها من تطوير أسلحة نووية، لا بد من اتفاق صارم للغاية.
ثانياً: هل استسلمت القيادة الإيرانية؟
وفي تقرير آخر، شددت صحيفة “يديعوت أحرونوت” على أنه من السابق لأوانه الحديث عن “النصر الكامل” و”استسلام القيادة الإيرانية”.
وأضافت أن الحرب قد تساهم في زيادة تعطش النظام الإيراني لاستعادة قوته وتعزيزها، بكل الحيل والوسائل الممكنة فوق الأرض وتحتها.
وأوضحت أن إيران انشغلت بشكل مهووس لعقود في بناء مشروعها النووي، واستثمرت مئات المليارات من الدولارات في هذا المجال، ونشرت منشآتها النووية على أراضيها لتعيق إسرائيل والولايات المتحدة عن مهاجمتها، وأنشأت صناعة صواريخ باليستية، وحافظت على منظمات وميليشيات تعمل باسمها في لبنان (حزب الله) والعراق وسوريا واليمن، وكل ذلك للحفاظ على مشروعها النووي.

لذلك، فإن الاستنتاج البديهي هو أن خامنئي ونظامه لا ينويان الاستسلام بعد 12 يوماً من القتال في مشروع ناضلوا من أجله لمدة 40 عاماً أو أكثر.
ورأت أنه بالنسبة لقادة إيران، فإن 12 يوماً هي قطرة في بحر حملة استمرت عقوداً، إن لم تكن قروناً، ضد “الصهاينة” وأمريكا، ولذلك، فرغم أن جزءاً كبيراً من استثمارهم قد ذهب أدراج الرياح، فإن هذا لا يعني أنهم رفعوا الراية البيضاء.
كما أن النظام الإيراني سيجري استخلاصات، ويحاول سد الثغرات الاستخباراتية وشبكات التجسس التي كانت تعمل في إيران، ويجهز جيداً للحملة القادمة، بحسب الصحيفة.
Related News
