قطر: السلطات تمارس التمييز الديني ضد البهائيين
Society
1 month ago
share
Click to expand Image مقر وزارة الداخلية في الدوحة، قطر، 5 مايو/أيار 2021. © 2021 شاترستوك

(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات القطرية تميّز ضد أفراد من الطائفة البهائية، بما في ذلك احتجازهم وترحيلهم بشكل غير قانوني بناء فقط على هويتهم الدينية.

اعتقلت السلطات القطرية في 28 أبريل/نيسان 2025 ريمي روحاني، الذي يشغل منصب رئيس "المحفل الروحاني المركزي للبهائيين" في قطر، وهو هيئة منتخبة تدير شؤون البهائيين في الدولة. أُطلق سراح روحاني سابقا بعد احتجازه في يناير/كانون الثاني 2025، وكان قد قضى عقوبة بالسَّجن لمدة شهر.

قال مايكل بَيْج، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "عانى البهائيون في قطر عقودا من التمييز والترهيب على يد الحكومة، وتجاهلت السلطات باستمرار جهود قادة الطائفة المتكررة للحوار مع الحكومة وطلب الإنصاف. يُشكل هذا التمييز الذي ترعاه الدولة تهديدا لوجود الطائفة البهائية في قطر".

مارست حكومة قطر التمييز ضد البهائيين في قطر لعقود، إذ تضرر مئات الأشخاص نتيجة نمط من العقاب والسياسات التمييزية. رحّلت الحكومة ما يصل إلى 14 فردا من الطائفة دون سبب واضح سوى أنهمبهائيون، في حالات وثّقتها هيومن رايتس ووتش بين عامي 2003 و2025. كما سبق للسلطات القطرية أن أنهت عمل شخص بهائي من عمله ورفضت منح شهادة حسن السيرة والسلوك، اللازمة للعمل في قطر، لأربعة بهائيين آخرين.

ولم تستجب وزارة الداخلية القطرية لطلب هيومن رايتس ووتش للحصول على مزيد من المعلومات حول هذه الحالات.

يخشى العديد من البهائيين في قطر إثارة قضاياهم أمام الرأي العام خشية التعرض لأعمال انتقامية أو المزيد من الإجراءات التمييزية، وفقا لما قاله مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش.

الإسلام هو الدين الرسمي لدولة قطر. وبينما يكفل الدستور القطري حرية ممارسة الشعائر الدينية، مارست السلطات القطرية التمييز ضد الأقلية البهائية في البلاد في المسائل الإدارية والقانونية. قال أحد كبار رجال الدين القطريين لأحد البهائيين المرحَّلين إنه إذا أعلن اعتناقه الإسلام السني، فسيتمكن من "إلغاء ترحيله".

تؤمن الديانة البهائية، التي أسسها بهاء الله في إيران في القرن الـ 19، بأن أنبياء جميع الديانات الرئيسية يأتون من إله واحد، وتتمحور حول وحدة الجنس البشري.

بالإضافة إلى عمليات الترحيل، أعاق المسؤولون محاولات البهائيين استئناف استخدام مقبرة بهائية قائمة أصلا، ورفضوا قبول شهادات الزواج الصادرة عن المؤسسات البهائية المنتخبة في قطر. كما واجه البهائيون تمييزا في دول أخرى في المنطقة، شمل الاضطهاد في إيران الذي يشكل جريمة ضد الإنسانية، وأشكالا أخرى من القمع في مصر واليمن.

في 2021، اتهمت السلطات القطرية روحاني بموجب المادتين 4 و42(5) من القانون رقم (15) لسنة 2014 بشأن تنظيم الأعمال الخيرية، وذلك لجمعه أموال عامي 2013 و2014 بدون إذن من مجلس إدارة "هيئة تنظيم الأعمال الخيرية"، وفقا لوثائق المحكمة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش. دخل هذا القانون حيز التنفيذ بعد نشره في الجريدة الرسمية للبلاد في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2014. ويتعارض تطبيق العقوبات بأثر رجعي بموجب هذا القانون مع المادة 40 من دستور قطر والمادة 15 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية".

وقالت "الجامعة البهائية العالمية" إن التهم استندت إلى قيام روحاني بجمع تبرعات من البهائيين في قطر ضمن دوره في المحفل الروحاني المركزي للبهائيين. تُعد التبرعات المالية واجبا دينيا (ولكن دون ضغط أو إكراه من البهائيين الآخرين أو المؤسسات البهائية) وهي جوهرية في العقيدة البهائية.

تحمي المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية حرية ممارسة الدين، كما يحميها "الإعلان العالمي بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمَين على أساس الدين أو المعتقد".

أُدين روحاني وحُكم عليه بالسَّجن ستة أشهر ودفع غرامة قدرها 100 ألف ريال قطري (27,470 دولار أمريكي)، وخُفّف الحكم لاحقا إلى شهر واحد إضافة إلى دفع غرامة قدرها 50 ألف ريال قطري (13,700 دولار أمريكي)، وفقا لوثائق المحكمة. علم روحاني بالقرار الصادر بحقه غيابيا في أبريل/نيسان 2021 عبر رسالة وصلت بالبريد إلى عنوان منزله في الدوحة.

رغم التأكيدات الشفهية من سلطات الهجرة بأنه حر في السفر، أُلقي القبض على روحاني في 23 ديسمبر/كانون الأول 2024 في "مطار حمد الدولي" بالدوحة، بحسب ما قاله مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش. واستُدعي إلى الإدارة العامة للمباحث الجنائية التابعة لأمن الدولة للاستجواب، واعتُقل مجددا في 28 أبريل/نيسان بموجب القانون رقم (14) من قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لعام 2014، بحسب الجامعة البهائية الدولية ووثائق المحكمة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش.

وُجِّهت إلى روحاني تهمة نشر أخبار، أو صور، أو تسجيلات صوتية، أو مرئية تتعلق بحرمة الحياة الخاصة أو العائلية للغير، وفقا للوثائق. وتصل عقوبة هذه التهمة إلى السجن ثلاث سنوات كحد أقصى مع دفع غرامة قدرها 100 ألف ريال قطري (27,465 دولار أمريكي)، أو الاكتفاء بإحدى هاتين العقوبتين.

وأفاد المحفل الروحاني المركزي للبهائيين بأن هذه التهم تتعلق بحساب على منصة "إكس" أُنشئ قبل خمس سنوات، ويمثل الطائفة البهائية القطرية. راجعت هيومن رايتس ووتش المنشورات على الحساب المذكور، ووجدت أنها تقتصر على الاحتفال بالأعياد القطرية والقيم البهائية.

وقالت ممثلة الجامعة البهائية الدولية لدى "الأمم المتحدة" في جنيف الدكتورة صبا حداد: "إن التهم الموجهة إلى ريمي روحاني ليست مجرد اعتداء على فرد واحد، بل على الطائفة البهائية بأكملها في قطر. يرمي هذا الاستهداف الجائر إلى ترهيب جماعة دينية مسالمة لمجرد إيمانها، وإلى تقويض مبادئ التسامح الديني والتماسك الاجتماعي".

أصدرت السلطات القطرية أيضا أمر ترحيل في يناير/كانون الثاني 2025 بحق شخص بهائي بدون مبرر، وفقا لما أفاد به مصدر مطلع لـ هيومن رايتس ووتش. وُلد هذا الشخص ونشأ في قطر لأبوين إيرانيين، وعاش هناك 52 عاما، أسس خلالها شركة، وتزوج، وأنجب ابنته. كما كان عضوا في المحفل الروحاني المركزي للبهائيين في قطر، وفقا للمصدر.

وأضاف المصدر أن الرجل استُدعي إلى الإدارة العامة للجوازات في 8 يناير/كانون الثاني، حيث أبلغه ضابط شرطة بأنه سيُرحل بتهمة الإخلال بالنظام العام، وأن أمامه أسبوعا لمغادرة قطر. وقال المصدر لـ هيومن رايتس ووتش إن الضابط المسؤول تذرّع بـ "ضغط هائل من جهات عليا" لترحيل هذا الشخص تحديدا. وأضاف المصدر أن تَواصُل وزارة الداخلية مع هذا الشخص بشأن الترحيل كان شفهيا بالكامل.

واستمر هذا الشخص في طلب تمديدات أسبوعية حتى أواخر فبراير/شباط، عندما تدخل صديق قطري نافذ نيابة عنه، ومُنح مهلة حتى 26 مارس/آذار لمغادرة البلاد. لم يتلقَّ طلبُه الكتابي إلى وزارة الداخلية لإعادة النظر في أمر الترحيل أيَّ رد. فغادر قطر في 22 مارس/آذار، وأبلغه المسؤولون بأنه مدرج على القائمة السوداء، ما يمنعه من العودة.

يأتي هذا في أعقاب سلسلة، تمتد لأكثر من 20 عاما، من عمليات ترحيل البهائيين وإدراجهم على القائمة السوداء على يد السلطات، كما وثَّق مقررو الأمم المتحدة الخاصون المعنيون بقضايا الأقليات وحرية الدين أو المعتقد. ووفقا لتقريرهم لعام 2019، أدت المعاملة التمييزية التي تنتهجها السلطات القطرية ضد البهائيين إلى تشتت شمل الأسر وفقدان العمل والدخل.

قال بيج: "خَلقت سياسات الحكومة القطرية التمييزية بيئة يسودها الخوف من تشتت الأسر وفقدان العمل بين البهائيين في البلاد. ينبغي لقطر التوقف فورا عن ترحيل البهائيين وإدراجهم على القائمة السوداء، والمبادرة إلى منح المتضررين سبل انتصاف فعّالة". 

 

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows