
وجدت أندية الدوري الفرنسي نفسها في صيف صعب، تغيب فيه الصفقات، بسبب ميزانيات مالية تحت الضغط، في تراجع نادر الحدوث وغير مفهوم، إذ كان حجم المصاريف في "الميركاتو" الفرنسي يحتل المرتبة الثالثة أوروبياً عام 2024، خلف الدوري الإنكليزي الممتاز والدوري الإيطالي، لكن عوامل جديدة أدت إلى هذا التراجع، وسط تخوف كبير بين المشجعين، الذين قد يجدون فرقهم بلا نجوم مع بداية الموسم الجديد.
وأفادت صحيفة سو فوت الفرنسية، أمس الاثنين، بأن أندية الدوري الفرنسي تعاني أزمات مالية حادّة، وهو ما ألمح إليه مدربون وإداريون في ختام الموسم الماضي. وذكرت الصحيفة أن بعض الفرق بات مهدداً بالإفلاس، نتيجة هشاشة الوضع المالي، وسط أزمة خانقة تتعلق بعائدات البث التلفزيوني، التي لا تزال ملفاً معقداً وغامضاً، رغم كونها المصدر الرئيس لإيرادات الأندية، والركيزة الأساسية، التي تُبنى عليها ميزانياتها طوال الموسم.
وساقت الصحيفة مثالاً بنادي بريست، الذي بلغ دوري أبطال أوروبا، مستشهدة بتصريحات مدربه الفرنسي، إريك روي (57 عاماً)، الذي قال: "لا أتوقع أن نقوم باستثمارات كبيرة في سوق اللاعبين الموسم المقبل، فلولا التأهل إلى دوري الأبطال لكنا على حافة الإفلاس". وهو تصريح يكشف بوضوح عن حجم المعاناة المالية، التي تعيشها الأندية الفرنسية، والتي باتت تبحث عن طوق نجاة يتيح لها تعزيز صفوفها، دون المجازفة بانهيار مالي.
ومن جانبه، عبّر رئيس نادي ميتز، الصاعد حديثاً إلى دوري الدرجة الأولى، ميشيل روسيي، عن قلقه من الوضع الراهن، قائلاً: "الدوري الفرنسي تراجع 30 سنة إلى الوراء، فباستثناء سبعة أندية تشارك في المنافسات الأوروبية، تعيش باقي الفرق واقعاً مختلفاً تماماً"، وهو ما يعكس اعتماد الأندية بشكل شبه كلي على مداخيل المشاركات القارية، في وقت تشير فيه التقارير إلى أن العديد من الفرق تتجه نحو تقليص رواتب لاعبيها، من خلال إعادة التفاوض معهم، سعياً لتوفير هامش مالي يساعدها في تحسين توازنها الاقتصادي.
ولا تزال سوق الانتقالات في بداياتها، ما يجعل المشهد الصيفي مفتوحاً على جميع الاحتمالات، في ظل مؤشرات تُرجّح أن تتجه الأندية أولاً إلى بيع لاعبيها، قبل أن تعيد تشكيل صفوفها وفق خطط بديلة وبميزانيات محدودة. ويبدو أن تبعات فترة تفشي فيروس كورونا، والخسائر المالية التي تكبدتها الأندية، إلى جانب انهيار المؤسسة الناقلة وغياب الاستقرار في قيمة حقوق البث، كلها عوامل ساهمت بشكل مباشر في هذا التراجع المقلق.
ويبقى الأمل معقوداً على عدد محدود من الأندية، التي لا تزال تحتفظ بقدرة مالية معقولة لتحريك عجلة "الميركاتو" الفرنسي، وفي مقدمتها باريس سان جيرمان وأولمبيك مرسيليا، اللذان يُتوقّع أن يدعّما صفوفهما بصفقات جديدة. أما باقي الفرق فستتعامل مع سوق الانتقالات وفق مبدأ "على المقاس"، أي بميزانيات محدودة وأهداف واقعية لا تتجاوز في الغالب ضمان البقاء ضمن أندية النخبة.
