مشاريع بأيدٍ نسائية: من التحديات للتمكين
Reports and Analysis
10 hours ago
share

في ظل الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المرأة الريفية في اليمن، تبرز نماذج نسائية رائدة استطاعت بإصرار تحويل التحديات إلى فرص نجاح وتمكين اقتصادي، لتشكل منجزات تعكس إيمانهن بقدراتهن رغم محدودية الموارد.

“سميرة الكبسي (45 عامًا)”، واحدة من النماذج التي تمكنت بجهودها الذاتية من تأسيس عيادتها الخاصة في قريتها “الكبس” خولان عام ٢٠٢٢م، عبر إمكانيات محدودة، وأصبحت ملاذًا لمعظم النساء الحوامل في المنطقة بأكملها.

تقول الكبسي في حديثها لمنصة ريف اليمن: “لم أكمل دراستي الجامعية بسبب بعد المسافة بين قريتنا والمدينة، ومن حسن الحظ افتُتح معهد طبي في قرية مجاورة، فاغتنمت الفرصة، وبدعم من والدي تمكنت من الدراسة حتى التخرج”.


مواضيع مقترحة

المشاريع الخاصة: أمل نساء الريف لتأمين سبل العيش
نساء ريف تعز.. ضحايا الاحتطاب وغياب الخدمات
نساء جبل صَبِر.. كفاح يومي بين الريف والمدينة


وتضيف: “واجهتني اعتراضات كثيرة من العائلة، وبدعم الوالد تمكنت من تجاوزها، وكنت الفتاة الوحيدة في المعهد، درست قابلة، وتخرجت في العام 2016 وبدأت العمل لخدمة المجتمع، رغم الصعوبات والتحديات الكثيرة”.

بدأت سميرة العمل في غرفة مخصصة بمنزلها، ثم توسعت وافتتحت عيادة خاصة مجهزة بكامل المستلزمات الطبية، وتؤكد أنها تستخدم كافة الأساليب الحديثة في عملها، كما تقدم خدمات تنظيم الأسرة والتوعية بمخاطر زواج الصغيرات، وكثيراً من النصائح التي تحتاجها النساء في ظل انتشار الأمية بين النساء في الريف.

تمكين اقتصادي

بعد أن ذاع صيتها في القرية والقرى المحيطة، قررت شراء قطعة أرض جوار منزلها؛ من أجل بناء العيادة وتجهيزها بكافة المستلزمات الطبية اللازمة، وحازت على ثقة الأهالي والسكان، وعلى الرغم من العمل والنجاح تؤكد سميرة أنها تخصص وقتا للاطلاع وقراءة المستجدات في مجال القبالة، وتسعى إلى توسعة مشروعها والتمكين الاقتصادي.

“عبير عبدالله (35 عاماً )”، هي الأخرى، برعت في عملها بمجال الكوافير وتجهيز العرائس، وحولت مهارتها إلى مشروع يعود عليها وعلى أسرتها بعائد وفير، يكفي لتوفير الكثير من حاجياتهم اليومية وغيرها.


بدأت سميرة العمل في غرفة مخصصة بمنزلها، ثم توسعت وافتتحت عيادة خاصة مجهزة بكامل المستلزمات الطبية


مرت تجربة عبير بمراحل مختلفة، فبعد أن كانت تعمل في منزلها، وتتنقل بين منازل سكان القرية، تمكنت من افتتاح محل خاص عام ٢٠٢٣م، مما سهّل خدمة زبائنها في منطقة “متنة” بمديرية بني مطر بضواحي محافظة صنعاء.

قاومت عبير الصعوبات التي واجهتها في بداية المشروع، وواجهتها بإصرار، مستغلة حاجة القرية لخدمات الكوافير التي كانت تجبر النساء على السفر إلى المدينة، وتقول: “حرمت من فرصة إكمال تعليمي الجامعي بسبب الزواج وانتقالي من المدينة إلى الريف، لكنني حاولت استغلال قدراتي في مجال الكوافير رغم صعوبة البدايات”.

وتضيف: “وجدت معارضة كبيرة من أقارب زوجي وأسرته، لكني تجاوزتها بحنكة واقتدار، وحاليا أعمل بجد واجتهاد للتنظيم بين عملي وبين مسؤوليتي الأسرية تجاه عائلتي، لقد تمكنت من الحصول على دخل أعاننا على احتياجات الحياة والادخار، وساعدنا في تحسين مستوانا المادي كثيراً”.

ويرى أستاذ علم الاجتماع الدكتور “صلاح الحقب” أن التمكين الاقتصادي والتعليم عاملان أساسيان في خلق شخصية إيجابية منتجة للرجل والمرأة على حد سواء، ويساهمان في خلق مجتمع منتج وايجابي بشكل عام.

دعم وتشجيع

ويؤكد الحقب خلال حديثه لمنصة ريف اليمن، أهمية دعم المرأة وتشجيعها في بناء مشروعها الخاص؛ لحمايتها من الاستغلال والقهر والاضطهاد المباشر من قبل القريب قبل البعيد، لأن المجتمع الذكوري عادة ما ينظر إلى المرأة كعنصر تابع لا مستقل، وبالتالي يحدث التهميش والاضطهاد.

وأشار إلى أن اعتماد المرأة على الرجل في مسألة الدخل والتوفير تعزز نظرية تبعية المرأة، وحالما استقلّت المرأة من هاتين المسألتين فإنها بذلك شكلت سياج حماية لنفسها.

أما أستاذة علم الاجتماع بجامعة عدن الدكتورة “أمل راجح” فتؤكد على أهمية إيمان المرأة بقدرتها على النجاح وتطوير مهاراتها وتحقيق ذاتها، والحصول على التعليم من أجل تعزيز قدرتها على النجاح في شتى مجالات الحياة.

وأكدت راجح خلال حديثها لمنصة ريف اليمن، أن تحديد الهدف ومعرفة حدوده، وما يستلزم لتحقيقه، وإعداد خطة لتحديد الاحتياجات، والموارد، وتحديد الفئة المستهدفة، من أهم أساسيات نجاح المشاريع.

وأوضحت أن الأسرة، هي الداعم الأول للمرأة لتأسيس مشروعها، كما تعد منظمات المجتمع المدني داعماً أساسياً للمرأة إذا راعت ظروفها، وعملت على تعزيز ثقتها في قدرتها على تأسيس مشروعها.


دعم المرأة وتشجيعها في بناء مشروعها الخاص، يساعد على حمايتها من الاستغلال والقهر والاضطهاد المباشر


وترى الدكتورة في جامعة صنعاء، “صباح الخيشني” أن المشاريع النسائية بدأت بشكل فردي بناء على رغبة المرأة في أن يكون لها مصدر دخل خاص بها بمشروع لا يؤثر على عملها كربة بيت وعلى علاقتها بزوجها أو المحيطين بها .

وأضافت في حديثها لمنصة ريف اليمن أن هناك نساء غامرن بفتح مشاريع وهن لا يمتلكن شيئاً. بدأن بأخذ سلفة، ومع الأيام اجتزن المشكلة، وكوَّنَّ مشاريع ملهمة، مؤكدة أن أهم داعم للمرأة هي المرأة نفسها إذا كانت على مستوى من المسؤولية، وتستطيع أن تتجاوز أي عائق أمامها، مشيرةً إلى أن التعليم يلعب دورا كبيرا في تنمية المرأة وتطوير مهاراتها.

وتطرقت إلى ضرورة دعم المرأة من قبل الزوج والأهل والنظام المجتمعي من أجل “تعزيز ثقتها بنفسها، وتعزيز دورها في المجتمع، فهذه الأعمال والخدمات التي تقوم بها النساء مهمة جدا للمجتمع، حتى وإن أخفقت إحداهن في البداية، عليها عدم الاستسلام بل المحاولة وتغيير الطريقة والأسلوب ومعرفة أسباب الفشل والعودة لتحقيق النجاح.

The post مشاريع بأيدٍ نسائية: من التحديات للتمكين first appeared on ريف اليمن.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows