جمعية منتظري سقوط طهران
Arab
4 days ago
share

أطنان من الكلام الجاد والثرثرة الفارغة على الفضائيات العربية عن العدوان الأميركي الإسرائيلي على إيران، الجارة الاستراتيجية للعرب، والعضو في منظمة التعاون الإسلامي زميلًة وحليفًة للدول العربية، من دون أن يتطرّق أحد على طرح السؤال الأهم: ماذا عن الأمن القومي العربي إذا انكسرت طهران وانهزمت أمام الهمجية الأميركية الصهيونية؟

كان من المتصور أن تنطلق النقاشات والتحليلات من نقطة مفصلية، جوهرها أن دولة أساسية في الإقليم تواجه حرب تدمير من غرباء عن المنطقة، احتلال صهيوني يستولى على فلسطين العربية، وراعيه الأميركي المهيمن على السياسة والاقتصاد والطاقة في المنطقة كلها، وهو الأمر الذي سوف ينعكس بالضرورة على مستقبل الإقليم إجمالاً، وعلى كل واحدة من دوله العربية على حدة. غير أن المتحدثين بجدّية والمثرثرين بطائفية تعاطوا مع المواجهة كما لو كانوا نقّاد مباراة كرة قدم في استوديو تحليلي، إذ يغلب على معظمهم الانشغال بالجوانب الفنية والقدرات الهجومية والدفاعية والخطط والسيناريوهات، حتى يخيّل إلى المتابع أن المواجهة تدور في منطقة أخرى على كوكبٍ آخر، فيما ذهب آخرون إلى أسوأ من ذلك، إذ أظهروا انحيازاً للمعتدي ضد إيران الجارة للوطن العربي والشقيقة للعالم الإسلامي.

ما بين برود أكاديمي استعلائي واستعراضي وغلٍّ طائفيٍّ طافح دارت المكلمة، باستثناءاتٍ معدودةٍ على أصابع اليد الواحدة لمتداخلين ومعلقين من فلسطين المحتلة يدركون الأمور على حقيقتها ويستشعرون الألم والخطر على قضية الإقليم المركزية إن نجح الأوغاد المعتدون في القضاء على القوة الوحيدة الباقية في المنطقة المناوئة لأطماع التوسّع الصهيوني ومشاريعه لتركيع المنطقة بأسرها لتكون في خدمته.

والحاصل أن هذا الهمّ غاب عن الأسئلة المطروحة، فكان طبيعيّاً أن يغيب عن الإجابات، إذ بدا الإعلام العربي أقرب إلى الحيادية، بحجج المهنية والموضوعية، في مسألةٍ لا تقبل الحياد بين العدو التاريخي والجار الأصيل، ليمتد الأمر فيشمل المسميات والمصطلحات والتعريفات، لتتردّد على أوسع نطاق وبلسان عربي فصيح عبارات مثل "الأراضي الإسرائيلية"، فيما غابت بالكلية مفردات مثل "الاحتلال" و"جيش الاحتلال"، وكأن الحرب تدور بين طرفين يتشاركان عمق الوجود الجغرافي والتاريخي في المنطقة.

المعلن أميركيّاً وإسرائيليّاً هو القضاء على كل مظاهر القوة الاستراتيجية لإيران، وفي القلب منها برنامجها النووي وترسانتها من الصواريخ، والشعار المرفوع بوقاحة: ممنوعٌ على أي طرفٍ في الإقليم امتلاك أيٍّ من مظاهر القوة يمكن أن يسبّب نوعاً من الإزعاج للقوة الغاشمة غير الشرعية والوحيدة المسموح بوجودها وتعاظمها، وهي إسرائيل.. هكذا بوقاحة تجهر بها دول أوروبية، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، باللغة نفسها التي تتكلم بها العصابة الصهيونية التي تحتل فلسطين، ومن ثم لا غضاضة عند هؤلاء في ممارسة أقصى درجات الكذب والخداع والتضليل، في مرحلةٍ أولى، ثم الاتجاه إلى أشدّ أشكال السخرية من القانون الدولي والاستهانة بالقيم الأخلاقية والإنسانية، حين يقرّون بشرعية عمليات الاعتداء والاغتيال والتدمير، إذا كان ذلك كله سيؤدّي إلى ضمان ألا يقلق أحد كلبهم المسعور الذي وضعوه في المنطقة للسيطرة عليها.

هذا التعرّي من القوانين والقيم والأخلاقيات يجسّده دونالد ترامب بخطابه الإجرامي الموغل في صهيونيته، وكذا مستشار ألمانيا، كما تجده عند رئيس فرنسا ورئيس وزراء بريطانيا حين يشدّدون جميعًا على أن امتلاك القوة العسكرية حقٌّ حصريٌّ للكيان الصهيوني، وليس للآخرين سوى أن يكونوا ضعفاء تافهين يموّلون رعاة الجرائم الإسرائيلية بلا حدود. وفي ذلك ترصد النائبة في مجلس العموم البريطاني عن حزب العمّال زارا سلطانه مفارقة مدهشة عن رئيس الحكومة البريطانية المنحاز للعدوان الأميركي الإسرائيلي على إيران، كير ستارمر، فتكتب "في عام 2003 اقتحم ناشطون مناهضون للحرب سلاح الجو الملكي فيرفورد لإيقاف قاذفات القنابل الأميركية المتجهة إلى العراق، فدافع كير ستارمر عن أفعالهم، وقال إنه عمل مبرّر لمنع جرائم الحرب.الآن تمنع حكومته حركة "palestine Action” من فعل الشيء نفسه.. رئيس الوزراء منافق". على أن هذا النفاق طال كذلك الخطاب الرسمي للدبلوماسية العربية التي لم تجرؤ على تسمية العدوان عدواناً، فجاءت البيانات الصادرة عن  وزارات الخارجية العربية وكأنها نسخ مكرّرة كتبها شخص واحد، فالهجوم بالقاذفات الأميركية المدمّرة على دولة إسلامية في الإقليم صار اسمه "تطوّرات وأحداث"، وليس عدوانًا صريحًا وفق القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة، وبالتالي، لا ردة فعل عن العرب سوى "التعبير عن القلق البالغ عند بعضهم وبالغ القلق عند بعضهم الآخر".

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows