
كشف مصدر مطّلع مشارك في مباحثات جنيف بين وزير خارجية إيران عباس عراقجي، ونظرائه في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وممثلة الاتحاد الأوروبي، تفاصيل عن هذه المباحثات، قائلاً إنها "كانت جادة، وركزت على بحث التطورات الراهنة على خلفية العدوان الإسرائيلي على إيران". وأضاف المصدر أن "الطرف الأوروبي لم يقدّم للمفاوض الإيراني عرضاً خلال المباحثات"، مؤكداً اتفاق الطرفين على استمرار المفاوضات، وعقد جولتها المقبلة قريباً.
وتابع أن الطرف الأوروبي قال خلال المباحثات، "نريد الحديث حول جميع القضايا"، ليردّ عراقجي عليه مقترحاً التفاوض خطوة بخطوة، يتناول في خطوته الأولى بحث العدوان ووقفه. وقال عراقجي في مقابلة مع شبكة "إن بي سي نيوز" الأميركية الجمعة، إن إيران غير متأكدة من قدرتها على الثقة بالولايات المتحدة في المحادثات الدبلوماسية، بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران، قبل أيام من المفاوضات التي كانت مقررة مع واشنطن بشأن البرنامج النووي الإيراني. ورداً على سؤال حول ما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مع واشنطن خلال مهلة الأسبوعين التي حددها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، اعتبر عراقجي أن الأمر متروك لإدارة ترامب "لإظهار تصميمها على الذهاب إلى حل تفاوضي".
مسؤول إيراني كبير: مقترحات جنيف لن تؤدي إلى اتفاق
في الأثناء، نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني كبير قوله اليوم السبت، إنّ المقترحات التي قدمتها القوى الأوروبية في المحادثات "غير واقعية"، مشيراً إلى أنه في حال الإصرار عليها، سيكون من الصعب التوصل إلى اتفاق. وقال المسؤول الكبير، طالباً عدم الكشف عن هويته: "كانت المناقشات والمقترحات التي قدمها الأوروبيون في جنيف غير واقعية. الإصرار على هذه المواقف لن يُقرّب إيران وأوروبا من التوصل إلى اتفاق"، وأضاف: "على أيّ حال، ستراجع إيران المقترحات الأوروبية في طهران وتقدم ردودها في الاجتماع المقبل".
وفي السياق، قال دبلوماسيون أوروبيون لـ"رويترز" إنّ محادثات يوم الجمعة كانت تهدف إلى اختبار استعداد طهران للتفاوض على اتفاق نووي جديد، رغم عدم وجود أي احتمال واضح لوقف إسرائيل هجماتها قريباً، وأشار دبلوماسيان أوروبيان إلى أن مجموعة الدول الأوروبية الثلاث لا تعتقد أن إسرائيل ستقبل بوقف إطلاق النار في المدى القريب، وأنه سيكون من الصعب على إيران والولايات المتحدة استئناف المفاوضات. وأضافا أن الفكرة كانت بدء مسار تفاوضيّ موازٍ، في البداية بدون الولايات المتحدة، حول اتفاق جديد يتضمن عمليات تفتيش أكثر صرامة، بما في ذلك ربما برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، مع السماح لطهران ببعض القدرة النظرية على تخصيب اليورانيوم.
ورغم تلميح بعض الوزراء الأوروبيين، يوم الجمعة، إلى أن إيران أكثر استعداداً للتفاوض بشأن قضايا تتجاوز البرنامج النووي، وفق "رويترز"، استبعد المسؤول الكبير إمكانية التفاوض بشأن قدراتها الدفاعية، بما في ذلك برنامجها الصاروخي، وكرّر أن فكرة منع التخصيب تؤدي إلى طريق مسدود.
ماكرون لبزشكيان: سنسرّع وتيرة المفاوضات
وفي السياق، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال اتصال مع نظيره الايراني مسعود بزشكيان، اليوم السبت، أن الأوروبيين "سيسرّعون وتيرة المفاوضات" مع طهران في ظل الحرب القائمة بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية. وأوضح ماكرون في منشور على منصة إكس، أن تسريع وتيرة التفاوض يهدف إلى "الخروج من الحرب، وتفادي مخاطر أكبر"، مشيراً الى أنه أبلغ بزشكيان بـ"قلقه العميق من البرنامج النووي الايراني". وجدد ماكرون التأكيد أن طهران "لا يمكنها الحصول على السلاح النووي"، ويتوجب عليها "تقديم كل الضمانات (لتأكيد) أن غاياتها (من البرنامج النووي) هي سلمية".
وحصل "العربي الجديد" على نسخة من بيان، أصدره عراقجي في ختام مباحثاته، أمس الجمعة، مع نظرائه في فرنسا وبريطانيا وألمانيا وممثلة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، كايا كالاس في جنيف. وقال عراقجي في بيانه المكوّن من أربعة بنود إنه خلال مباحثاته مع هذه الأطراف، عبّر عن "القلق الجاد" من عدم قيام الدول الثلاث بـ"إدانة عدوان الكيان الصهيوني" على إيران، مؤكداً استمرار طهران بممارسة "حقها في الدفاع المشروع ضد هذا الكيان بجدية وحزم بهدف وقف العدوان وعدم تكراره".
وأكد عراقجي في البند الثاني من بيانه أنّ "برنامج إيران النووي سلمي يخضع لرقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، قائلًا: "بناء على ذلك يعد الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية السلمية جريمة كبيرة وانتهاكاً صارخاً لقواعد القانون الدولي". وشدد وزير خارجية إيران على أنّ بلاده "مستعدة للنظر في الدبلوماسية في حال وقف العدوان وتحميل المعتدي المسؤولية بسبب جرائمه"، موضحاً: "في هذا السياق أكدنا بصراحة وشفافية أن قدرات إيران الدفاعية غير قابلة للتفاوض".
وأعلن عراقجي دعم طهران لاستمرار المفاوضات مع الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي و"استعدادنا للقاء جديد في المستقبل القريب". وكان وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا، إلى جانب كالاس، قد أعلنوا الجمعة، استعدادهم لمواصلة المحادثات مع إيران في محاولة لاستعادة المسار الدبلوماسي بشأن برنامجها النووي، مشددين على أنه "لا يوجد حل نهائي بالوسائل العسكرية". جاء ذلك بعد محادثات جنيف التي استمرت ثلاث ساعات، وصفها وزير الخارجية الألماني بـ"الجدية"، مع نظرائهم الإيرانيين، من دون الإشارة إلى إحراز أي تقدم ملموس حتى الآن.

Related News

