
توغلت قوة مشاة إسرائيلية، فجر اليوم الأربعاء، في الحي الشرقي لقرية معرية في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، جنوبي سورية، وفتشت خمسة منازل سكنية قبل انسحابها، في عملية تُعد الأحدث ضمن سلسلة الانتهاكات المتكررة في المنطقة. وجاءت العملية عقب ليلة متوترة في ريف درعا الغربي، شهدت إطلاق قنابل ضوئية من ثكنة الجزيرة العسكرية الإسرائيلية، القريبة من قريتي معرية وكويا، في مشهد وثّقه سكان معظم قرى حوض اليرموك.
وفي السياق، أفادت مصادر محلية من جباثا الخشب لـ"العربي الجديد"، بأن قوات الاحتلال الإسرائيلي أوقفت، اليوم الأربعاء، عمليات تجريف واسعة في حرش الشحار جنوب غربي قرية جباثا الخشب بريف القنيطرة الشمالي، بعد ثلاثة أيام متواصلة من العمل المكثف. وأوضحت المصادر أن القوات الإسرائيلية استقدمت صباح اليوم جرافات وآليات ثقيلة إضافية لاستكمال تدمير نحو 500 دونم من الأراضي الحراجية، بعد إنذار السكان بإخلاء المنطقة خلال 96 ساعة.
وقالت القوات الإسرائيلية للأهالي في المنطقة إن سبب عمليات التجريف هو أن "الكثافة الشجرية تعوق الرؤية البصرية للمراصد العسكرية" الإسرائيلية المنتشرة في الجولان المحتل. وقال أبو علي، مزارع من جباثا الخشب، في شهادة لـ"العربي الجديد": "الجرافات الإسرائيلية دمّرت في ساعات ما بنيناه على مدار عشرات السنوات: أشجار البلوط والسنديان. الإنذارات الإسرائيلية لم تترك لنا وقتاً لإنقاذ حتى أدوات العمل البسيطة".
وفي تطور متزامن، أقامت قوات الاحتلال ساتراً ترابياً قطع الطريق الواصل بين قريتي كودنا والأصبح في ريف القنيطرة الجنوبي، قبل أن تنسحب من الموقع. كذلك شهدت بلدات حدودية في محافظتي القنيطرة ودرعا إسقاط منشورات ورقية من طائرات مسيّرة إسرائيلية، طالبت السكان بعدم استخدام الطائرات المسيّرة "الدرون" الخاصة بالتصوير، محذرة من اعتبارها أهدافاً جوية معادية، ما قد يهدد سلامة السكان.
وفي تطور ميداني آخر، شهدت بلدة الحميدية بريف القنيطرة الشمالي، يوم الاثنين الماضي، تدمير 15 منزلاً سكنياً من قبل قوات الاحتلال، بذريعة قربها من نقطة عسكرية إسرائيلية حديثة الإنشاء. وقد أدى القرار إلى تهجير عائلات دون مأوى، وسط غياب أي تعويضات أو بدائل. وقال مواطن من القرية، فضّل عدم الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية، لـ"العربي الجديد": "لم نصدق أنهم سينفذون تهديدهم. دمّروا البيوت بحجة الأمن، بينما ثكناتهم تبعد كيلومترات. سرقوا الأرض ثم سرقوا البيوت، والحكومة والدول العربية والغربية والأمم المتحدة يتفرجون وصامتون".
وعلى الرغم من المفاوضات التي جرت قبل خمسة أشهر بين قوات "الأندوف" التابعة للأمم المتحدة وقوات الاحتلال، إلا أن المساعي لم تنجح في وقف التصعيد والانتهاكات الإسرائيلية المتكررة. واعتبر سكان محليون تدخل "الأندوف" شكلياً وبلا تأثير ملموس. وتشير المعطيات الميدانية إلى نمط تصعيدي في الانتهاكات الإسرائيلية، يجمع بين مصادرة الأراضي الزراعية والحراجية، وتدمير الممتلكات السكنية، وقطع الطرق بين القرى، إضافة إلى التوغلات الليلية التي تنتهك خصوصية الأهالي.
وتُقابل هذه الانتهاكات بصمت رسمي سوري، حيث اقتصرت التصريحات على توصيف ما يجري بـ"الانتهاكات المعتادة"، دون اتخاذ إجراءات ردعية فعّالة، بينما تبقى تقارير الأمم المتحدة "حبيسة الأدراج"، بحسب ما وصفه الأهالي. ويكشف هذا التصعيد عن تداعيات إنسانية مركبة، تشمل أزمة سكن بعد تهجير العائلات من بعض قرى القنيطرة، وانهيار موارد الرزق بفعل تدمير الأراضي الحراجية التي يعتمد عليها أكثر من 120 عائلة، فضلاً عن العزلة القسرية التي فرضها قطع الطرق، وتعطيل الخدمات الصحية والتعليمية، وصولاً إلى حالات الرعب التي تنتاب الأطفال جراء التوغلات الليلية المتكررة.
