
استعرض الكتاب لـ”يمن ديلي نيوز” عبدالله العطار: كتاب (معتزلة اليمن ـ دولة الهادي وفكره) للكاتب الدكتور/ علي محمد زيد، الطبعة الأولى1989م دار العودة بيروت، ويتكون من (196) صفحة، موزعة على أربعة فصول.
برحلة أدبية كتابية أبدع الكاتب وهو يطوف حول معتزلة اليمن وينقب عن البدايات التي وجدت بها في اليمن وكيف دخلت إلى اليمن وتوضيح الفوارق التي تختلف بها عن الآخرين في الدول الأخرى، موضحاً في كل منعطف خطورة هذه الفئة على المجتمع اليمني قديما وحديثا مستدلا على ذلك بالأدلة الدامغة من كتب أصحابها أو من كتب أخرى.
ليس ذلك فحسب، بل بدأ بشرح البدايات الأولى للمعتزلة منذ الدولة العباسية التي ظهرت بظهور زيد الذي رأى أن الخروج على الدولة الأموية واجب، وهذا كان يخالف ما يراه أخوه الإمام جعفر ومحمد.
منوها إلى دور أبي حنيفة الذي تعاطف مع زيد وأعطاه مالا ،لكنه اعتذر عن الخروج مع زيد بسبب صحته والحقيقة أنه كان لا يريد أن يكون خصما للخليفة آنذاك.
ثم يقول بأن زيدا قال إن علياً هو أفضل الصحابة لكن سيفه حين توفي الرسول كان يقطر دما، ولذلك كانت خلافة أبي بكر هي لمصلحة وبسبب أن الجميع لم يكونوا يميلون لعلي.
خرج زيد يقاتل عامل الأمويين يوسف بن عمر الثقفي، ولكن أنصار ابن أخيه جعفر رفضوا الخروج معه فسماهم الرافضة ،وما زال هذا الاسم حتى الآن، لذلك قاتل زيد ثلاثة أيام، يقاتل بقليل ممن بقوا معه ولكنه قتل، وابنه يحيى قتل أيضا في خراسان.
بعد هذه الأحداث ظهر حزب سياسي شيعي سمي بالزيدية، ولكنها انقسمت بعد ذلك إلى فرق:
- الجارودية: وهي التي تقول إن الإمامة لا تكون إلا في البطنين ،وقد ذكر هذا بالنص.
- التبرية: وتعارض فكرة الإمامة في البطنين.
وقد انقسمت الثانية إلى الجريرية او السليمانية نسبة إلى سليمان بن جرير، وهذه الفئة تؤمن بأن الإمامة تقوم على المشورة، والفئة الثانية هي الصالحية نسبة إلى صالح بن حي، وهذه الفئة لم تمدح عثمان بن عفان ولم تذمه، ثم يخلص الكاتب إلى أنه لا توجد مراجع تؤكد هذا.
بدأ كلامه بشرح المعتزلة التي هي نفر من الصحابة كما يقول، اتخذوا موقف الحياد منذ الحرب بين علي والخارجين عليه ،وبين علي ومعاوية أيضا.
تكونت هذه الجماعة بسبب الخلاف في مجلس الحسن البصري ،هل مرتكب الجريمة وهو مؤمن يخلد في النار؟ أم كما قال واصل بن عطاء بأنه لا مؤمن ولا كافر.
ولذلك اعتزل واصل مجلس الحسن وبدأ يكون حوله مجموعة ممن ناصروه في قوله وهم من كونوا المعتزلة.
أصول المعتزلة الخمسة:
بدأ المؤلف بذكرها وهي:
- العدل.
- التوحيد.
- الوعد والوعيد.
- المنزلة بين المنزلتين.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
ثم يورد أهم نقطة وهي أن المعتزلة يستندون إلى العقل في كل شيء وخصوصا الأصول الخمسة آنفة الذكر، وقد عارضهم بهذا مجموعة من السلفيين الذين قالوا إن العقل عاجز عن كل شيء.
بواكير اللقاء بين الزيدية والمعتزلة:
حاول المؤلف توضيح العلاقة بينهما ولكنه أورد بأنه لا توجد بداية واضحة بينهما، فقد ظهرت المعتزلة بمعزل عن الزيدية ولكنها التقت معها في مرحلة من مراحل تطورها، ولكن الآراء متضاربة في تحديد البداية الأولى في ذلك.
بعدها بيّن أن بعض الزيديين تعلموا على يد من هم معتزلة، ليصل إلى القول بأن الشروط الخمسة اتسعت مع الوقت وتبنتها الزيدية، إلا أن الزيدية عدلت واحدا من الشروط الخمسة وهو شرط المنزلة بين المنزلتين وأضافوا إثبات الإمامة في آل البيت.
ويعرض الكاتب إلى القاسم الرسي ودوره في العلاقة بين المعتزلة والزيدية، ويقول لا يوجد في الأصول ما يدل على ذلك، ولكن المصادر تؤكد بأن الرسي خالف شرط المنزلة بين المنزلتين.
اليمن قبل مجيء الهادي:
وبدأ بشرح الأوضاع السياسية لليمن قبل مجيئ الرسي، فيقول إنه بعد سقوط الدولة الأموية لم تتأثر اليمن بسبب البعد لكن الأوضاع فيها كانت صعبة.
ثم بدأ بشرح الأوضاع التي بدأها بإيراد فترة محمد بن زياد التي استمرت إلى ما بعد الهادي.
وكان عامل الدولة العباسية واسمه إبراهيم بن قوس مهووسا بالقتل؛ وهو ما جعل ابن زياد يستمر ويقوى.
بعدها أسس يعفر الحوالي دولته في كوكبان وبدأ ببسط نفوذه على صنعاء وقد اعترفت به الدولة العباسية.
وبعد ذلك ظل الولاة يتحاربون مثل اليعفريين والدعام وغيرهما الذين استمروا في الحرب كل واحد على حساب الآخر ولذلك ظلت الأوضاع السياسية صعبة في اليمن لفترات طويلة.
فعندما جاء الهادي إلى اليمن كانت اليمن ممزقة بين دويلات وتعاني الحروب وبهذا بدأت دولته تتوسع على حساب دولة يعفر التي كانت منهكة من الحروب.
نظرة في الحالات الاقتصادية والاجتماعية:
اعتمدت اليمن على الزراعة لذلك كان استيلاء الهادي متركزا على المناطق الزراعية، وقد كانت اليمن مكونة من:
- مناطق خصبة معتمدة على المطر وهي السفوح المطلة على تهامة.
- مناطق وأودية في تهامة مثل وادي سردد ومور وزبيد ورماع وسهام.
- مناطق يشح بها الماء.
ولذلك ركز الهادي على المناطق الزراعية والأودية.
واعتمدت اليمن أيضا على بعض الصناعات لذلك كانت 50٪ من الصناعات ركزت على استخراج الحديد والفضة والذهب وصناعة السلاح والدروع وأدوات الزراعة.
وقد كانت لليمن علاقة تجارية في ذلك مع العراق، إلى جانب الطرق التجارية التي كانت بين عدن ومكة المكرمة.
نظرة في الأوضاع الفكرية والثقافية:
اليمن لم تكن مشاركتها كبيرة في الاختلاف في التيارات الفكرية في علم الكلام بسبب بعده عن عاصمة الخلافة، لكن اليمن تأثر كثيراً بالحديث وبالإمام مالك نظرا لقربها من المدينة، وصلة مالك باليمن فأصله منها، وظلت هكذا حتى دخل الشيعة إليها.
وهذا لا يعني عدم مشاركتها في القضايا الفكرية بل كان لها دوراً، ولو لم يكن بالقدر المطلوب؛ إلا أنه كان مهما ومؤلفات الهمداني دليل على الحركة الفكرية آنذاك.
الفصل الأول: الهادي وقدومه إلى صعدة:
تمت مبايعة الهادي على الإمامة، وبعدها اتجه إلى طبرستان، ويقول المؤلف إنه لا توجد معلومات كافية عن وجود الشيعة في المدينة. لكن الهادي ذاع صيته واستطاع الاستيلاء على طبرستان لسببين:
- ظهور داع من دعاة الأئمة وابنه فيها ولكن أهلها لم يعترفوا بهما.
- ضعف الدولة العباسية.
ولأن الهادي كان جده القاسم الرسي وانتشر تعظيم أبيه وأهله له ،جعل الجميع يبايعوه إلى جانب خوفهم من خروج بعض الشيعة عنهم.
وصل إلى صعدة ومنها انطلق نحو صنعاء ومكث في منطقة قريبة منها لكنه لم يجد الدعم بل خذله الجميع مما اضطره أن يعود إلى الحجاز مرة أخرى.
جهز نفسه مرة أخرى مستغلا ضعف الدولة العباسية ولذلك نجده كتب رسالة إلى أحد العلويين ومن خلالها استنتج المؤلف ضعف الدولة العباسية فمن خلال الرسالة اتضح ضعف الجيش وقلة الأموال وتشجيع الاقطاعيين على إقامة دويلاتهم وتحديد المسوغات الدينية للخروج على الخليفة، وتوضيح واقع العلويين المتمثل بقتلهم وقتل أبنائهم واستحياء نسائهم؛ وغيرها من المبررات التي كانت نقطة انطلاق له مرة أخرى.
رحلته الثانية إلى اليمن:
انطلق مرة اخرى إلى صعدة بعدما بايعه بعض العلويين على الإمامة. وقبل أن يدخل صعدة تردد في الأمر ثم أرسل أحد رجاله لتقدير الوضع فيها، وحينما علم بوضعها المتردي انطلق مستغلا الوضع واستولى عليها.
ثم بعد ذلك بدأ بمكاتبة العلويين وغيرهم ،وكتب قصائد شعر يستميلهم فيها لمناصرته ولم يفلح.
الفصل الثاني: دولة الهادي في صعدة بين التوسع والانهيار:
بدأ الهادي نشاطه العسكري والسياسي في صعدة وقد انطلق من محاولته الإصلاح بين الناس، كما كان يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم وبدأ يكسب المناصرين والناس حوله ،وحينها جهز جيشه وانطلق إلى نجران واستولى عليها، ووضع عليها عامله الذي لم يمكث سوى عام وثار الناس هناك لكن الهادي انطلق بجيشه إليها وأخمد الثورة واستعمل القتل والتدمير والإرهاب وهد المنازل حتى أرعبهم وأعادها إليه.
وقد كان ينطلق من إصلاح ذات البين، وهو ما جعله يحصل على كثير من المناصرين له.
محاولات في اتجاه الجنوب:
انطلق الهادي من صعدة نحو صنعاء، ولكنه قبل أن يصل وقف أمامه الدعام وواجهه، وبسبب خلاف الدعام مع حاكم صنعاء فإن الأخير دعم الهادي ووقف إلى جانبه وهزم الدعام، وبعدها عاد إلى صعدة ثم إلى نجران.
وبعد وقت وصل إليه المهاجرون وهم الذين جاءوا له من البصرة وأعانوه.
بعد ذلك قاتل معه الدعام حينما علم أنه لن يستطيع تجاوزه وهزيمته، وهكذا انتصر الهادي على التمرد في نجران بمساندة الدعام.
الانطلاق نحو صنعاء وكيف تم تسليمها:
اتجه الهادي نحو صنعاء بعد أن طلب الدعم من عامله في نجران وبعد أن حشد كثيرا ولكن حاكم صنعاء ويدعى أبو العتاهية سلم له صنعاء بدون قتال، فاتجه نحو شبام بدون قتال أيضا، لكن آل طريف لم يكونوا يعلمون أن صنعاء قد سلمت للهادي ولكنهم حين علموا ثاروا عليه فواجههم وانتصر عليهم.
توسع دولة الهادي نحو الجنوب:
انطلق الهادي نحو الجنوب وكان كلما قطع منطقة عين عليها عاملا له حتى وصل إلى منطقة جيشان في الجنوب ومكث فيها، ويقول المؤلف لا توجد أية مصادر تقول إن الهادي دخل عدن.
وبعد مدة عاد نحو الشمال ولكنه خشي على تلك المناطق التي استولى عليها بسرعة أن تسقط منه فعاد إليها ثانية كي يثبت حكمه فيها.
وحينما ثبت حكمه على صنعاء وجعلها عاصمته بدأ يكتب لأهله في الحجاز أن يساندوه ويناصروه ويعينوه على تولي الخلافة الإسلامية.
سقوط صنعاء من يده:
بعد أن سجن بني يعفر ومجموعة من الطالبيين فر بعضهم وأعدوا العدة وعادوا لمواجهته واستولوا على كوكبان.
ثم انطلقوا نحو صنعاء وكان الهادي في شبام واستطاعوا إسقاط صنعاء، وبعد أن قلت المؤنة عليه عاد إلى صعدة وترك ابنه واليا على شبام، ثم اتجه إلى نجران التي كانت تشهد ثورة عليه وبدأ بارتكاب مجازر فيها واستخدم الإرهاب فيها حتى يخمد ثورتها وهو ما حصل بالفعل.
الفصل الثالث: مصير دولة الهادي:
على طريق الانهيار:
بعد أن خسر كثيرا من المناطق التي سقطت من يده ثار اليمنيون عليه حتى أجبروه على العودة إلى صعدة، وبدأ بجمع الأنصار من العلويين وغيرهم ولكنه لم يستطع جمع ما يكفي للعودة إلى استعادة تلك المناطق وبقي حكمه متركزا في صعدة فقط وما جاورها.
في هذه الفترة اختلف بنو يعفر مع آل طريف مع أنهم اتفقوا على قتال الهادي سابقا، فاستدعي بنو يعفر الهادي للعودة إلى صنعاء والاستيلاء عليها وسيساندوه، فانطلق نحوها وحاول الانقضاض عليها ولكنه فشل فهزموه مع بني يعفر مما أجبره على العودة إلى صعدة.
الاضطراب السياسي والمجاعة:
بسبب نهج الهادي المعتمد على هدم البيوت وقطع الأعناق والإرهاب ونهب الممتلكات أجج الناس عليه وازداد الوضع سوءا بعد أن منع الإنتاج، ودخلت البلاد في وضع لم يستطع اليمنيون تحمله وهكذا استغل الوضع ابن الفضل واستولى على مناطق كثيرة منها ولما اشتد القحط استدعى ابن الفضل مناصريه للخروج على الظلمة، وهو يقصد الهادي، ثم أطاح حينها بحاكم لحج واستولى عليها.
محاولة لفهم حركة ابن الفضل:
كانت حركة ابن الفضل زلزالا مس العلاقات الاجتماعية والدينية بل وعلاقات التفكير لذلك كان رد الفعل متسما بالشراسة والعنف.
المصاعب التي واجهت الباحث في تاريخ الباطنية:
- جهل الكتاب بها.
- طبيعة الحركة وعقائدها.
- ما ألم بها من مشقة وأخطار من زعمائها.
- العقيدة الغريبة في التبني الروحي أي علاقة الابن بالأب هي علاقة معلم وتلميذ وليست علاقة أبوية.
لذلك تم تدميرها بشراسة حتى ظهرت الصليحية التي كانت قد عادتها، إلى جانب تشويهها من قبل المؤرخين، وقد أورد المؤلف أدلة على أنه تم الافتراء على ابن الفضل وأن تشويهه كان متعمدا.
الناصر والإسماعيليون:
بعد موت ابن الفضل تولى أبناؤه الحكم بعده لكنهم اختلفوا وتحاربوا وهو ما شجع الناصر للانقضاض على الإسماعيليين وقد هزمهم هزيمة كبيرة في منطقة اسمها الأشمور.
صراع الهمداني مع دولة الناصر:
بعد أن هزم الناصر أولاد ابن الفضل ظهر الهمداني الذي عادى دولة الناصر بعد أن اطلع على فكر الهادي وخطورته فأعلن معاداته لدولة الناصر وحرض اليمنيين من خلال الشعر، لكن الناصر اتهمه بأنه هجا النبي وأهل بيته وبدأ بمطاردته فهرب إلى صنعاء، حينها قبض عليه أسعد يعفر وسجنه، فبدأ التحريض من داخل السجن وخصوصا همدان التي ثارت من أجله بعد ذلك.
الفصل الرابع: آراء الهادي الكلامية:
- العقل ونظرية المعرفة: فهو يمجد العقل مثل المعتزلة.
- السنة والقياس والإجماع.
- الأصول الخمسة: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
لكنه خالف ذلك ووضع مكان المنزلة بين المنزلتين إثبات الإمامة في آل البيت.
نظرية الإمامة:
رغم الادعاء أن زيدا وضع شروطا للإمامة، جاء القاسم ووضع أحد عشر شرطا للإمام، وجاء الهادي ووضع شروطا محددة للإمامة وهي:
- أن يكون من أبناء الحسن والحسين.
- الورع.
- أن يكون عالما.
- شجاعا.
- داعية.
- شاهرا سيفه.
- المباين للظلم.
- زاهدا.
- مساويا بين الرعية.
- سخيا.
وقد كفّر الهادي أبا بكر وعمر؛ لأنهما لم يتم اختيارهما حسب الوصية كما قال.
كذلك الوراثة لا تعد شرطا عنده، وهذا يعد تناقضا كما يقول المؤلف.
وكذلك رفض التقية وقال إن الجهاد مرتبط بالحسن والحسين وأن المهدي آخر إمام من الحسن والحسين ولا يجوز خروج أكثر من إمام في زمن واحد.
خاتمة:
هكذا طاف بنا المؤلف في عالم الأئمة والهادي وكيف دخل اليمن وأصبح مشكلة لم نستطع التخلص منها حتى يومنا هذا، وأظهر حقيقة الأئمة كما هي، وحقيقتها التي تقوم على معاداة اليمنيين واستعبادهم ونهب ممتلكاتهم.
وقد كان موفقا في ذلك خصوصا في توضيحه لنظرية الهادي وأفكاره وشروطه.
ظهرت المقالة معتزلة اليمن.. كتاب يغوص في حقيقة الأئمة ونظرياتها القائمة على معاداة اليمنيين أولاً على يمن ديلي نيوز Yemen Daily News.
Related News
