
يمن مونيتور/ وحدة التقارير/ من محمد عبدالله
يشير التصعيد الأخير في الشرق الأوسط إلى تحول خطير في ميزان القوى، حيث أصبحت جماعة الحوثي، المدعومة من إيران، طرفًا فاعلًا رئيسيًا في المواجهة المتصاعدة مع إسرائيل. يتزامن هذا التصعيد مع إعلان نتنياهو عن سعي إيران لتزويد الحوثيين بتقنيات نووية، مما ينذر بتوسيع نطاق الصراع ليشمل أبعادًا نووية.
وفي تصعيد إقليمي غير مسبوق، نفذت جماعة الحوثي هجومًا صاروخيًا استهدف مواقع داخل إسرائيل فجر الأحد، بالتزامن مع هجوم إيراني واسع على تل أبيب. هذا التنسيق العسكري المباشر يؤشر إلى دور الحوثيين كذراع إيرانية رئيسية.
أعلنت هيئة البث الإسرائيلية أن الهجوم كان “مركبًا” وشمل إطلاق صواريخ من إيران واليمن، بالإضافة إلى أسراب من المسيّرات استهدفت منطقة تل أبيب الكبرى، واصفة الضربات بأنها “منسقة ومتعددة الجبهات”. من جانبه، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع، أن قواته استهدفت “أهدافًا حساسة” في مدينة يافا (تل أبيب) المحتلة، وهو ما يعد أول إعلان صريح عن تنسيق عملياتي مباشر مع طهران.
جاء ذلك بعد خطاب لزعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، أكد فيه دعم جماعته الكامل لإيران، مشيرًا إلى أن الحرب ضد إسرائيل باتت “مفتوحة ومستمرة”.
يكشف هذا الموقف الحوثي عن تحول استراتيجي لافت، يعكس انخراطًا متزايدًا في محور المقاومة بقيادة إيران، مما قد يعيد رسم خارطة التحالفات الإقليمية ويفتح الباب أمام تصعيد مفتوح يعيد صياغة المعادلات الجيوسياسية والعسكرية في المنطقة.
نتنياهو: إيران تسعى لتزويد الحوثيين بتقنيات نووية
صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أن إيران كانت تستعد لإرسال أسلحة نووية إلى الحوثيين. جاء هذا التصريح بعد ساعات من ضربة جوية إسرائيلية على العاصمة اليمنية صنعاء، استهدفت اجتماعًا لقيادات رفيعة في جماعة الحوثي، بينهم رئيس هيئة الأركان محمد عبد الكريم الغماري. هذه الضربة، التي سبقت هجوم الحوثيين المنسق مع إيران، تشير إلى نية إسرائيلية في ضرب بنية “محور المقاومة” من الداخل.
كشف نتنياهو في مقابلة مع قناة “فوكس نيوز” الأمريكية أن الاستخبارات الإسرائيلية رصدت محاولات إيرانية لنقل أسلحة نووية أو تقنيات مرتبطة بها إلى جماعة الحوثي في اليمن. أكد نتنياهو أن هذه الخطوة كانت من أبرز دوافع الهجوم الإسرائيلي الأخير على إيران، معتبرًا أن “إسرائيل لن تسمح بخلق تهديد نووي متقدم في خاصرتها الجنوبية”، في إشارة واضحة إلى اليمن.
هذا التصريح، الذي جاء في توقيت حساس، ينذر باتساع دائرة المواجهة لتشمل البعد النووي للمشروع الإيراني، والذي لم يعد، وفق الرواية الإسرائيلية، محصورًا داخل الأراضي الإيرانية، بل بات في طريقه للتوزع عبر أذرع طهران، وعلى رأسها جماعة الحوثي. هذا الإعلان يضع إسرائيل في مواجهة مباشرة مع محور طهران – صنعاء، ويعزز ما يراه مراقبون تحولًا نوعيًا في دور الحوثيين، الذين لم تعد مشاركتهم تقتصر على إرسال المسيّرات والصواريخ، بل باتوا يشكلون جزءًا من استراتيجية الردع الإيرانية النووية متعددة الأبعاد.
يرى محللون أن حديث نتنياهو لا يخلو من أبعاد سياسية تهدف إلى إعادة تعبئة الرأي العام الدولي تجاه خطورة البرنامج النووي الإيراني، ولكن هذه المرة من بوابة الحوثيين في اليمن. قد يستخدم الحديث عن نقل تقنيات نووية إلى جماعة مصنفة دوليًا كمنظمة إرهابية، كمبرر لتوسيع العمليات الإسرائيلية إقليميًا، وكسلاح دبلوماسي لإعادة الزخم إلى ملف الضغط على إيران في المحافل الدولية.
لحظة مفصلية في الصراع الإقليمي
يرى الباحث والأكاديمي عمر عبد الجليل أن تزامن هجمات الحوثيين مع الضربة الإيرانية الأخيرة على إسرائيل ليس مجرد تضامن لحظي أو استعراض عسكري، بل يندرج ضمن خطة استراتيجية أوسع تحركها طهران لمواجهة التصعيد الإسرائيلي وتعويض خسائرها السياسية والعسكرية عبر أذرعها في المنطقة. يوضح عبد الجليل أن العلاقة بين إيران والحوثي عضوية، حيث تسارع الجماعة للانخراط في المواجهة كلما تعرضت طهران لهزات، ليس فقط لحماية إيران كحليف استراتيجي، وإنما لحماية نفسها أيضًا.
يضيف عبد الجليل لـ”يمن مونيتور” أن جماعة الحوثي هي الورقة الإيرانية الأكثر قدرة على التحرك والمناورة، بخلاف أذرع أخرى في المنطقة. لذلك، من المتوقع أن نشهد تصعيدًا واسعًا من الحوثيين على أكثر من محور: استهداف العمق الإسرائيلي، وضرب الملاحة في مضيق باب المندب، بينما تتولى إيران الضغط من جهة مضيق هرمز. غير أن عبد الجليل حذر من أن هذه الخطوات “محفوفة بالمخاطر”؛ إذ أن الهجمات على الملاحة الدولية قد تستفز رد فعل دولي جماعي، خاصة مع تصاعد الضغوط الداخلية ضد الحوثيين من قبل قوى يمنية محلية.
تحولات جوهرية في توازن القوى بالشرق الأوسط
مع دخول جماعة الحوثي رسميًا على خط المواجهة، انتقلت الأزمة من كونها نزاعًا محصورًا بين طهران وتل أبيب إلى صراع إقليمي متعدد الأذرع والجبهات. شكلت الضربة الإسرائيلية الأخيرة لإيران، وما تبعها من ردود عسكرية من اليمن، منعطفًا حاسمًا ينذر بتصعيد مفتوح يهدد بتغيير ملامح الشرق الأوسط لعقود قادمة.
يرى المحلل السياسي فهد راجح لـ”يمن مونيتور” أن الهجوم الإسرائيلي على إيران ليس مجرد رد فعل عسكري، بل اختبار استراتيجي لمدى قدرة طهران على حماية بنيتها الأمنية والاستخباراتية. كشفت الضربة عن عمق الاختراق الإسرائيلي داخل مفاصل النظام الإيراني، مما دفع إيران إلى تفعيل أذرعها الإقليمية، خاصة الحوثيين، كجزء من استراتيجية الرد غير المباشر.
يحذر راجح من أن طهران تقف على حافة مفترق خطير، فالعجز عن استعادة زمام المبادرة أو إثبات القدرة على الردع قد يؤدي إلى تصدعات داخلية. اللافت في المشهد، بحسب راجح، هو أن جماعة الحوثي تبدو حتى الآن الطرف الوحيد في محور طهران الذي صمد أمام الضربات الإسرائيلية، مما يعزز مكانة الحوثيين داخل المحور الإيراني كقوة عسكرية يُعتمد عليها.
يشير راجح إلى أن “المشهد الإقليمي يتجه نحو توسع في رقعة المواجهة وتحول في قواعد الاشتباك، خاصة بعد أن خرجت المعركة من بعدها الثنائي بين إسرائيل وإيران، إلى حرب مفتوحة متعددة الجبهات قد يصعب احتواؤها، وقد ترسم فيها حدود سياسية جديدة بقوة النار”.
The post الحوثي كذراع إيران النووية.. شراكة المصير وسط تصعيد يهز الشرق الأوسط-تقرير خاص appeared first on يمن مونيتور.