قيود مشددة وقمع إعلامي.. مليشيا الحوثي تضيّق على اليمنيين باسم نصرة غزة
Party
22 hours ago
share

في الوقت الذي تصعّد فيه مليشيا الحوثي من خطابها التعبوي بزعم "نصرة غزة" ومواجهة إسرائيل، تكثّف الجماعة ذاتها من القيود الأمنية والاجتماعية على اليمنيين داخل مناطق سيطرتها، ضمن موجة قمع ممنهجة تستهدف الحريات العامة، وحرية التنقل، والخصوصية الرقمية، وحق التعبير والتوثيق.

 

خلال الأسابيع الماضية، اتخذت مليشيا الحوثي سلسلة إجراءات تعسفية ومتطرفة، تكشف تناقضًا صارخًا بين خطابها الإعلامي الذي يتحدث عن "المقاومة، وبين ممارساتها القمعية التي تضيّق الخناق على المواطنين، وتفرض رقابة شاملة على تفاصيل حياتهم اليومية.

 

- صعدة.. قيود مشددة

في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لمليشيا الحوثي الإرهابية، أقرّت الجماعة إجراءات أمنية جديدة تقيد حركة المواطنين الراغبين في الدخول أو الخروج من المحافظة.

 

ووفقًا لتقارير إعلامية متطابقة، اشترطت المليشيا على أي شخص يرغب في مغادرة صعدة الإفصاح عن وجهة سفره، ومدة غيابه، وأسباب المغادرة، كشرط أساسي للحصول على إذن المرور.

 

ولا تقتصر الإجراءات الحوثية على هذه القيود، بل تمنع كذلك إقامة أي اعتصام قبلي أو جماهيري داخل صعدة إلا بموافقة رسمية من الجهات الأمنية التابعة لها، في خطوة تهدف إلى خنق أي تحرك شعبي محتمل.

 

وترافق هذه التوجيهات مع انتشار عشرات الحواجز الأمنية ونقاط التفتيش في مداخل ومخارج المحافظة، ما يضاعف من المعاناة اليومية للمواطنين، ويحوّل صعدة إلى منطقة مغلقة لا يمكن الدخول إليها أو مغادرتها إلا بإجراءات معقدة ومهينة.

 

اللافت أن المليشيا ما تزال تطبّق شرط "المعرّف أو الكفيل" على كل من يرغب في زيارة صعدة من أبناء المحافظات الأخرى، وهو إجراء يعود إلى سنوات مضت لكنه تعزز مؤخرًا بشكل أكبر، بحيث يُطلب من الزائر إحضار كفيل محلي من أبناء صعدة يضمن دخوله وإقامته.

 

- الإنترنت الفضائي.. مبرر جديد للقمع:

في صنعاء، شنت مليشيا الحوثي خلال الأيام الماضية حملة أمنية مكثفة استهدفت مستخدمي أجهزة الإنترنت الفضائي “ستارلينك”، وهو بديل يستخدمه البعض لتجاوز الرقابة والقيود المفروضة على الإنترنت الأرضي.

 

ووفق بيان صادر عن الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، فإن الحملة شملت مداهمات لمنازل ومحال تجارية في أحياء رئيسية بالعاصمة، مثل السبعين وآزال ومعين والتحرير وصنعاء القديمة، وانتهت باختطاف أكثر من 45 شخصًا بزعم استخدامهم الإنترنت الفضائي.

 

وبحسب البيان، فإن عناصر الجماعة صادروا عشرات الأجهزة الإلكترونية وفرضوا غرامات مالية باهظة على المواطنين، دون أي غطاء قانوني. ووصفت الشبكة هذه الممارسات بأنها تصعيد خطير في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى خنق الحريات العامة وحرمان الأفراد من حقهم في الخصوصية والاتصال الحر.

 

وتأتي هذه الإجراءات ضمن مساعي المليشيا لاحتكار قطاع الاتصالات والإنترنت، الذي يمثل أحد أبرز مصادر تمويلها غير المشروعة، بالإضافة إلى منع المواطنين من الوصول إلى مصادر معلومات محايدة أو خارجية، في ظل بيئة إعلامية مغلقة تهيمن عليها الدعاية الحوثية.

 

- تكميم إعلامي شامل:

على الصعيد الإعلامي، أصدرت مليشيا الحوثي تعميمًا جديدًا يقضي بمنع التصوير أو إجراء المقابلات في صنعاء دون الحصول على تصريح رسمي من وزارة إعلامها غير المعترف بها دوليًا.

 

ويستهدف التعميم الحوثي، الذي وُجه إلى مديري عموم مديريات العاصمة صنعاء في أوائل شهر مايو الماضي، الصحفيين، ومنشئي المحتوى، وفرق التصوير الميداني.

 

ويُضاف هذا الإجراء إلى سلسلة قرارات سابقة منعت تصوير النساء في استوديوهات التصوير إلا بشروط مشددة، وأجبرت صالات الأعراس على الحصول على تراخيص مسبقة، وفرضت رقابة على الفرق الفنية ومتعهدي الحفلات.

 

ووصف حقوقيون هذه الإجراءات بالكارثية، مشيرين إلى أنها تهدف إلى تكميم الأفواه ومنع توثيق أي مظهر من مظاهر القمع الحوثي أو الانتهاكات الميدانية، خصوصًا في ظل حالة السخط الشعبي التي تتصاعد داخل العاصمة والمناطق الخاضعة للمليشيات.

 

واعتبروا أن الممارسات الحوثية الأخيرة تسعى إلى خلق بيئة من الخوف، ومنع اليمنيين من نقل الصورة الحقيقية لما يجري، بما في ذلك الفقر والقمع وحالة الفساد المستشراة والتجنيد القسري للأطفال والشباب.

 

- ازدواجية الخطاب.. مقاومة زائفة:

في الوقت الذي تتظاهر فيه مليشيا الحوثي بأنها في مواجهة مباشرة مع إسرائيل دعما لغزة، يأتي الواقع الميداني ليشير بكل وضوح إلى أن المواطن اليمني في الداخل هو الهدف المباشر والضحية الأولى لهذه السلالة الكهنوتية.

 

في هذا السياق، يقول الناشط الحقوقي "إبراهيم حِلَّة" لـ"الصحوة نت" إن مليشيا الحوثي التي ترفع شعارات المقاومة ونصرة غزة هي نفسها التي تحكم قبضتها الحديدية على اليمنيين، وتمنعهم من التعبير والتنقل وحق الاختيار والعيش الكريم، وتخنق الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

 

ويضيف حلَّة أنه "وبينما تخرج التظاهرات الحوثية المنظمة تحت لافتة "التضامن مع الشعب الفلسطيني"، يُختطف العشرات يوميًا في صنعاء وصعدة وذمار وغيرها لمجرد منشور على مواقع التواصل، أو حتى رفع العلم اليمني أو الحديث عن ثورة سبتمبر.

 

ويشير إلى أن استخدام مليشيا الحوثي لشعار "نصرة غزة" ليس سوى وسيلة لتبرير مزيد من القمع الداخلي، حيث يُراد للمواطن اليمني أن يُسحق باسم القيم والمبادئ والقضايا التي لطالما آمن بها وانتمى إليها، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

 

وفي ظل هذا التناقض الصارخ، يتنامى الشعور العام في مناطق سيطرة الحوثيين بأن العدو الحقيقي لهذه المليشيات هو كل مواطن حر، وكل صوت رافض للظلم، وكل محاولة للتفكير أو التعبير خارج وصايتها الشمولية.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows