مركبة إسعاف وحيدة وقطاع طبي منكوب.. تفاصيل عن الانهيار الصحي في شمال غزة وانعدام القدرة على إنقاذ الجرحى
Reports and Analysis
14 hours ago
share

مع استمرار وتصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي في شمال قطاع غزة، ضمن عمليته العسكرية باسم “عربات جدعون”، تواجه الطواقم الطبية تحديات جسيمة في التعامل مع الأعداد المتزايدة من الشهداء والمصابين، في ظل عجز معظم المستشفيات، وانعدام نظام صحي قادر على إنقاذ الجرحى، ما يؤكد حدوث انهيار صحي في شمال غزة.

أفادت وزارة الصحة في غزة بأن عدد الشهداء منذ تجدد العدوان الإسرائيلي في 18 مارس/آذار 2025 تجاوز 4,335 شهيداً، إلى جانب 13,300 مصاباً، تركزت النسبة الأكبر منهم في مناطق شمال القطاع، التي تعرضت في الأيام الأخيرة لأعنف موجة قصف منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مستهدفة المناطق الشرقية والشمالية، لتخلف كحصيلة إجمالية 54,607 شهيداً، و125,341 إصابة.

مستشفيان يخدمان ربع مليون نسمة

رغم الكثافة السكانية التي تقدر بربع مليون شخص ما يزالون صامدون في شمال قطاع غزة، لا تغطي المنطقة سوى مستشفيين فقط، هما: “كمال عدوان” و”العودة”.

يأتي ذلك بعد خروج مستشفى بيت حانون والمستشفى الإندونيسي عن الخدمة، نتيجة للقصف الذي طال أجزاء واسعة منهما خلال العمليات العسكرية الأخيرة.

المستشفيان الوحيدان في شمال غزة، باتا الآن يخدمان ربع مليون نسمة، في شمال القطاع الذي يضم بلدات بيت حانون، وبيت لاهيا، وجباليا.

الدكتور ماهر شامية، الوكيل المساعد لوزارة الصحة في غزة، قال لـ”عربي بوست”، إن شمال القطاع بات “منطقة منكوبة صحياً”، مشيراً إلى أن “الإمكانيات الطبية المتوفرة بالكاد تكفي لخدمة حيّ واحد، وليس ثلاث بلدات تضم أكثر من ربع مليون نسمة”.

وأضاف شامية أن “مستشفى العودة يعمل بأقل من 25% من طاقته التشغيلية، ولا يضم أكثر من 30 سريراً، ومخصص فقط للإسعافات الأولية”. 

كما أنه أُغلقت أقسام الحروق، والعظام، والجراحة، والولادة، بسبب غياب الكوادر الطبية المتخصصة، ونقص أجهزة التنفس الصناعي، بحسب شامية.

انهيار صحي في شمال غزة ومستشفيان فقط يعملان فيه/ رويترز
انهيار صحي في شمال غزة ومستشفيان فقط يعملان فيه/ رويترز

أما مستشفى كمال عدوان، فأوضح شامية أنه “يُستخدم كنقطة انطلاق لمركبات الإسعاف والدفاع المدني باتجاه مناطق القصف، ويحتوي على عدد محدود من الأسرة في قسمي الجراحة والعظام، بينما تم إغلاق بقية الأقسام نتيجة الأضرار التي لحقت به جراء الاستهداف”.

أشار شامية كذلك إلى إن “الطواقم الطبية تسعى لتوزيع الضغط على ثلاث مستشفيات ميدانية عاملة في الشمال، إلى جانب مستشفيي الشفاء والقدس في مدينة غزة، إلا أن نقل الجرحى يتطلب تنسيقاً مستمراً بسبب تكرار استهداف طواقم الإسعاف أثناء أداء مهامهم”.

مركبة إسعاف واحدة تخدم الشمال

من أبرز التحديات التي تواجه القطاع الصحي في شمال غزة نقص مركبات الإسعاف. 

وفقاً لفارس عفانة، مدير خدمات الإسعاف والطوارئ في شمال غزة، فإنه “لم يتبقَ سوى مركبة إسعاف واحدة تخدم المنطقة بأكملها، بعد استهداف وتعطيل نحو 80 مركبة كانت تغطي القطاع الشمالي”.

أوضح عفانة لـ”عربي بوست” “أنهم أطلقوا مبادرات لتحويل بعض مركبات النقل المدني إلى مركبات إسعاف بديلة، وتمكنوا من تجهيز ست مركبات بعد إزالة مقاعدها واستبدالها بأسرة نقل مؤقتة”.

ويعتمد سكان شمال القطاع على وسائل بدائية مثل “التكاتك” وعربات “الكارو” التي تجرها الدواب، لنقل الشهداء والمصابين من مواقع القصف إلى المستشفيات، في ظل العجز الكبير في خدمات الإسعاف.

نقص حاد في الكوادر الطبية

تعمّد الاحتلال خلال الحرب استهداف الأطباء من أصحاب التخصصات النادرة، بحسب ما أكدته وزارة الصحة في غزة. 

وأشارت بياناتها إلى استشهاد أكثر من 1411 من الكوادر الطبية منذ بدء العدوان الإسرائيلي، بينهم 198 طبيباً، و315 ممرضاً، و49 ضابط إسعاف، و74 صيدلياً.

ويتركز النقص في الكوادر الطبية بشكل خاص في شمال القطاع، إذ اضطُر كثير من العاملين في القطاع الصحي للنزوح نحو الجنوب هرباً من الموت وتعمد استهدافهم، فيما غادر آخرون إلى مصر أو دول أخرى حاملين جنسيات أجنبية.

ويفتقر شمال القطاع حالياً إلى أطباء في تخصصات أساسية، فمثلاً، اغتال الاحتلال آخر طبيب عظام في الشمال، وهو الدكتور سعيد جودة في أواخر 2024، فيما لا يزال طبيب جراحة واحد فقط يغطي كامل المنطقة.

انهيار صحي في شمال غزة وحصار إسرائيلي يمنع دخول الأدوية/ رويترز
انهيار صحي في شمال غزة وحصار إسرائيلي يمنع دخول الأدوية/ رويترز

انهيار صحي في شمال غزة ونقص بالإمدادات الطبية

منذ فرض الحصار الإسرائيلي الكامل على غزة في 2 مارس/آذار 2025، مُنعت المساعدات الإنسانية والطبية من الوصول إلى شمال القطاع، ما أجبر الأطباء على العمل في ظروف شديدة القسوة، وسط نقص حاد في المستلزمات الأساسية.

أم سامي محرز، قالت في حديثها لـ”عربي بوست”، “إنها تضطر لشراء الشاش واليود من الصيدليات الخاصة على نفقتها لتعقيم إصابتها، بعد مرور ثلاثة أشهر على إصابتها، بسبب نفاد هذه المواد من المستشفيات”.

يذكر أن حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة خلفت حتى الآن نحو 180 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.

وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن الاحتلال عبر سياسة متعمدة تمهد لتهجير قسري، يمارس تجويعا بحق 2.4 مليون فلسطيني في غزة، عبر إغلاق المعابر منذ 2 مارس/ آذار 2025 بوجه المساعدات الإنسانية، ولا سيما الغذاء والدواء.

Related News

( Yemeni Windows) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

All rights reserved 2025 © Yemeni Windows