عامان على حرب غزة: وقف نار قريب.. لكن السلام بعيد
عربي
منذ 8 ساعات
مشاركة
بمناسبة مرور سنتين، أمس الثلاثاء، على العدوان الإسرائيلي على غزة، شهدت واشنطن عملية تقييم واسعة ساهمت فيها إلى جانب الإعلام وبعض مراكز الأبحاث (مثل مؤسسة كارنيغي للأبحاث)، هيئات وجهات يهودية أميركية معنية (مؤسسة واشنطن لسياسات الشرق الأدنى)، جرى التركيز فيها على جولة المفاوضات الجارية في القاهرة للبحث في مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترامب المطروح للحل. المشترك في هذه القراءات كان شبه الإجماع بأن المفاوضات صارت على عتبة "مخرج محدود" تتمثل في النقاط الأربع الأولى من المشروع. والمتوقع أن يجري تسريع التوافق بشأنها بعد مشاركة كل من المبعوثين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر اليوم الأربعاء في مفاوضات القاهرة، بحيث لا يستبعد أن يتم إعلانه قبل نهاية هذا الأسبوع. فالفشل أو التفشيل (من جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو) في هذا الشق "ممنوع" والإنجاز مطلوب "بسرعة"، كما قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. لكن المرحلة الثانية "الأصعب" من المشروع يبدو أن أمر البت في أمرها متروك وإلى حد بعيد لنتنياهو، وبالتالي فإن مصيرها مفتوح. وهناك شكوك كبيرة حول عزم البيت الأبيض على النزول بثقله لتمرير بنودها كما فعل بالنسبة للمرحلة الأولى. الشق الأول، ليس سرا أن الرئيس ترامب "فرضه" على نتنياهو. تضافرت ضغوطات مختلفة لتدفعه في هذا الاتجاه، أثارها "انفلات" رئيس الحكومة الاسرائيلية وتجاوزاته الفاضحة في غزة والمنطقة. وهذا دليل آخر على أن إسرائيل لا تقوى على تحدي الرئيس الأميركي متى حسم قراره. والسوابق كثيرة، في زمن الرؤساء ريتشارد نيكسون وجيرالد فورد ورونالد ريغان وجورج بوش الأب.  وفي الداخل الأميركي بدأ نتنياهو يتحول إلى عبء على الإدارة. دائرة الاعتراض على دعم إسرائيل بدون حساب تتوسع بوتيرة عالية، في الكونغرس كما في أوساط الرأي العام ومن الحزبين. بعض رموز المحافظين أخذوا يدعون علنا إلى "وقف تسليح" إسرائيل. أكثر من مرة رفعت هذه الأوساط في الكونغرس صوتها خطيا إلى البيت الأبيض. آخرها كان كتاب النائب الديمقراطي رو خانا حمل 47 توقيعا من زملائه يطالبون بالاعتراف الرمزي بدولة فلسطينية، كما جرى في الأمم المتحدة أخيرا. في الداخل الأميركي بدأ نتنياهو يتحول إلى عبء على الإدارة الأميركية  ويحظى هذا المطلب بتأييد 60% من الأميركيين الذين دعا 66% منهم إلى وقف حرب غزة. كما يرى 61% من الأميركيين اليهود أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب في غزة. هذه الأرقام لها ترجمة في انتخابات الكونغرس بعد سنة إذا بقيت تتراكم، تضاف إليها الضغوط الخارجية، مثل العدوان الفاضح على قطر وما أثاره من ردات فعل عربية وإسلامية، فضلا عن حركة الاعترافات الدولية بدولة فلسطينية أثناء دورة الجمعية العمومية للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الفائت.  كل هذه التطورات حملت الرئيس ترامب على انتزاع موافقة نتنياهو على مشروعه. لكنه انتزاع جزئي لا يؤدي إلى أكثر من "صفقة صغيرة" بتعبير الدبلوماسي المخضرم ريتشارد هاس، تدور حول "وقف إطلاق النار وإطلاق الأسرى وانسحاب غير كامل، أو بالأحرى إعادة تموضع للقوات الإسرائيلية. الباقي المتعلق بالسلاح والضمانات والإدارة الحكومية القادمة للقطاع وغيره من البنود، تبقى مفتوحة للتفاوض. من البداية كان طموح إدارة ترامب "وقف الحرب". اليوم التالي مسألة أخرى متروك حل إشكالياتها للأطراف المعنية. حسب ما بدا، تنتهي مهمة البيت الأبيض عند حمل نتنياهو على فتح النافذة الدبلوماسية التي تكفل عودة الأسرى بالدرجة الأولى مع وقف إطلاق النار. في مقابل هذه النافذة، نجح نتنياهو في تجزئة المشروع إلى شقين، التزم بالأول ونال هامشا واسعا للمناورة في الثاني. معادلة قد تؤدي إلى سكوت المدافع لكن ليس بالضرورة إلى السلام. إنهاء الحرب في غزة لا يؤدي حتماً إلى استقرار القطاع.  

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية