لليوم الرابع غرق بيوت وأراضٍ على ضفاف النيل في مصر
عربي
منذ يوم
مشاركة
لليوم الرابع على التوالي، تتواصل أزمة غرق أراضي طرح النهر في محافظات مصرية عدة، أهمها المنوفية والبحيرة والمنيا، بسبب فتح بوابات السد العالي في مدينة أسوان، جنوبي البلاد، أمام مياه الفيضانات القادمة من السودان وإثيوبيا، من أجل تخفيف ضغط المياه على جسم السد. ورفعت محافظة المنيا الاستعداد إلى الدرجة القصوى، في مواجهة تداعيات ارتفاع منسوب مياه النهر، الذي طاول عدداً من القرى بمركز ملوي، ما دفع المسؤولين عن الوحدات المحلية إلى مطالبة المواطنين بإخلاء منازلهم لحين انخفاض منسوب المياه، وإعلان توقف حركة الصيد في النيل حتى إشعار آخر. وفي محافظة الغربية، وسط دلتا النيل، أصدرت رئاسة مركز ومدينة سمنود تحذيراً عاجلاً للمواطنين، من أصحاب الأراضي والممتلكات الواقعة على ضفاف النيل، بشأن احتمالية ارتفاع منسوب المياه، مشدّدة على ضرورة اتخاذ الإجراءات الوقائية، وعدم الاقتراب من المناطق المنخفضة، أو ممارسة أي أنشطة بالقرب من المجرى المائي. كما دعت محافظة قنا جنوب مصر المواطنين إلى إخلاء المنازل وحظائر الماشية والمخازن وتشوينات المحاصيل الزراعية المقامة على أراضي طرح النهر، واتخاذ الاحتياطات اللازمة كافّة لتجنّب الأضرار المحتملة عن ارتفاع مناسيب المياه. وأعلنت الوحدات المحلية في محافظة المنوفية شمال العاصمة، حالة الطوارئ، بعد أن غمرت مياه النيل نحو 1124 فداناً من أراضي طرح النهر في 4 مراكز هي أشمون ومنوف والسادات والشهداء. وناشدت الأهالي بضرورة إخلاء المنازل والمزارع المقامة داخل حرم النهر، واتخاذ تدابير لحماية ممتلكاتهم، مع وقف أي أنشطة زراعية داخل الحرم لحين استقرار الأوضاع. وفي قرى مركز كوم حمادة بمحافظة البحيرة، غرب دلتا النيل، تسبب الفيضان في غمر أراضي طرح النهر، وغرق محاصيل مهمة مثل الفراولة والفاصوليا والسمسم والذرة والأرز، وقال عبد السلام حمزة، المزارع البالغ من العمر 62 عاماً، إن الأهالي والأطفال يمرون في قلب المياه في أثناء ذهابهم وعودتهم من المدارس، بسبب عدم توفر مراكب لنقلهم مع غمر مياه النيل لمساحات واسعة من الأراضي، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن منسوب المياه بدأ في الارتفاع منذ 20 يوماً، وهو ما أدى إلى غمر ما بين 30 إلى 35 فداناً من أجود الأراضي الزراعية في قرى المركز. وأضاف حمزة أن ارتفاع منسوب المياه يصل إلى مترين كاملين، ما اضطر الأهالي إلى الانتقال للسكن في الطابق الثاني من المنزل، فضلاً عن معاناتهم في الأيام الماضية من انقطاع متكرّر للكهرباء عن بعض المناطق، مناشداً الحكومة بسرعة التدخل لتعويض المزارعين والصيادين المتضرّرين جراء ارتفاع مناسيب المياه، وتوفير أماكن سكنية بديلة لهم، ولو لفترة مؤقتة حتى انتهاء الأزمة. وطالبت وزارة التنمية المحلية الوحدات التابعة لها في المحافظات بتكثيف المرور والتفتيش على نهر النيل وفرعيه، والترع والمجاري المائية، بهدف منع أي إشغالات أو مخالفات أو أعمال ردم أو إشغال تعيق سير المياه، أو التعدي على الأراضي المملوكة للدولة. وطيلة الأيام الماضية، انتشرت فيديوهات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي للأهالي البسطاء وهم يستخدمون مراكب صغيرة للتنقل، ويحملون أطفالهم على الأكتاف للذهاب إلى المدارس، لا سيما في قرى محافظتَي المنوفية والبحيرة، وذلك عقب تحذير مؤتمر رئيس الحكومة، مصطفى مدبولي، يوم الخميس الماضي، من تداعيات فيضان محتمل لمياه نهر النيل، نتيجة تصريف كميات أكبر من المعدلات المتوسطة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول. من جهته، رفض النائب هشام الحصري، رئيس لجنة الزراعة والري بمجلس النواب، التعليق على أزمة فيضان النيل وتداعياته السلبية على المزارعين في أكثر من محافظة، مكتفياً بالقول لـ"العربي الجديد"، إنّ وفداً من حزب "مستقبل وطن"، الحائز للأغلبية في البرلمان، تفقد المنازل المتضرّرة بقرية "دلهمو" في مركز أشمون بمحافظة المنوفية، وسيعمل على تجهيز مساكن بديلة لتسلميها للسكان المتضررين من غرق منازلهم، بالتنسيق مع أجهزة المحافظة. ورداً على اتهام الأهالي المتضرّرين للحكومة بالتخلي عنهم، وعدم توفيرها مساكن بديلة لهم، اعتبرت الأخيرة أن هؤلاء من المتعدين والمخالفين لأحكام قانون الموارد المائية والري رقم 147 لسنة 2021، بسبب شروعهم في البناء والزراعة على أراضي طرح النهر، التي توصف بأنها جزءٌ لا يتجزأ من حرم النيل والقطاع المائي للنهر. وفي تصريحات إعلامية، قال متحدث وزارة الري، محمد غانم، إن غرق أراضي طرح النهر بسبب ارتفاع منسوب النيل هو أمر طبيعي، إذ إنّ الوزارة لم تخطئ في حساب تصرفات المياه من بوابات السد العالي، كونها استندت إلى محددات علمية مدروسة، أبرزها حجم المياه الواردة من أعالي النيل، والطلب الفعلي على المياه في الترع ومجرى النهر داخل مصر لاستخدامات الشرب والزراعة. كذلك، نفى مركز المعلومات في مجلس الوزراء ما وصفها بـ"الشائعات المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي"، التي تروج إلى غرق محافظات عدة نتيجة فيضان نهر النيل، مؤكداً أن الضرر قاصر على أراضي طرح النهر في بعض المحافظات، وهي تعديات في الأصل على مجرى النيل، وغير مخصصة للبناء أو الزراعة الدائمة. وأضاف المركز، اليوم الاثنين، أن إدارة موارد مصر المائية تجري بكفاءة عالية، وبصورة مدروسة، وتراعي جميع الاحتمالات، إذ إنّ السد العالي يمثل ضمانة رئيسية لحماية البلاد من الفيضانات، وتقلب المناسيب. في السياق، قال أستاذ الموارد المائية في جامعة القاهرة، د. نادر نور الدين، إن "مياه النيل أغرقت المنازل في بعض القرى المصرية، وهو ما ظهر جلياً في فيديوهات الاستغاثة المنتشرة للمواطنين خاصةً بقرى المنوفية القريبة من فرع رشيد، بينما في السودان لم ترتفع المياه عن 20 سنتيمتراً في الأراضي والحقول"، وأضاف نور الدين لـ"العربي الجديد"، أن "السد العالي بمثابة المصب الثاني لنهر النيل، وفتح بواباته يستهدف تصريف المياه اللازمة لقطاع الزراعة، وغيره من القطاعات الحيوية الأخرى"، مستطرداً بأن "السلطات الإثيوبية وراء الأزمة الحالية، حين فتحت 4 بوابات من سد النهضة مرة واحدة، ما زاد من تدفق المياه باتجاه السودان من نحو 400 مليون متر مكعب يومياً إلى 750 مليوناً". ما سبب فيضان مياه نهر النيل؟ وتابع نور الدين أن "بحيرة سد النهضة هي مصب النيل الأزرق، وما يخرج منها مياه مقننة ومحسوبة تضخ في مجرى النهر، الذي تحول إلى ترعة كبيرة تجري فيها هذه المياه، وبالتالي فإن فيضانات المحافظات المصرية سببها فتح بوابات في السد العالي أعلى من سعة النهر وفروعه، علماً بأنها ليست مياه فيضانات حرة، وإنما جرى إطلاقها من بوابات السد بحسابات وكميات معروفة". وكان نور الدين، قد ذكر عبر صفحته الشخصية في فيسبوك، أنه "ليس من المقبول أن يكون ارتفاع مياه النهر والترع في مصر أعلى من السودان، ومن ثم هناك حسابات خاطئة بفتح بوابات عديدة من السد العالي تصرف مياه أكثر من سعة النهر، وما يحيطه من أراضي طرح النهر، وجزر نهرية يصل عددها إلى 144 جزيرة، وصولاً إلى قها وإدفينا في شمال الدلتا". مياه النيل تحتاج إلى 15 يوماً تقريباً لتصل من السودان إلى مصر، في حين بدأ الفيضان في الخرطوم في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، أي قبل 10 أيام وتساءل نور الدين: "أين دور مفيض توشكى؟ وإذا كان يعمل بكفاءته فلماذا لم تصرف وزارة الري المياه مبكراً، وبكميات صغيرة طوال الأسبوع الماضي؟ لا سيّما أن المياه تستغرق نحو أسبوعين حتى تصل إلى السد العالي، ومثلهما حتى تصل إلى محافظات الدلتا؟"، خاتماً بأن "مصر شهدت فيضاناً في عام 1988 استمر 7 سنوات، واستطاعت الوزارة وقتئذ التحكم تماماً في مياه الفيضان". ومياه النيل تحتاج إلى 15 يوماً تقريباً لتصل من السودان إلى مصر، في حين بدأ الفيضان في الخرطوم في 25 سبتمبر/أيلول الماضي، أي قبل 10 أيام، ما يعني فتح الحكومة بوابات إضافية في السد العالي لتصريف المياه، من أجل تفريغ المساحات لاستقبال المياه القادمة من السودان. وأول من أمس السبت، قال مدبولي (رئيس الوزراء) إن "كل الأراضي والمباني على طرح النهر هي مقامة بالتعدي على أملاك الدولة، ومن الطبيعي أن يحدث غمر لها كل عام، ولكن هذا العام حدث بكميات أكبر"، مضيفاً أن "ارتفاع مناسيب المياه أدى إلى زيادة التصرفات من السد العالي، ولذلك جرى توجيه المحافظين بتقديم المساعدات الأولية والإعانات الفورية للمواطنين المتضرّرين حتى الانتهاء من الأزمة". وأفاد مواطنون، في فيديوهات استغاثة نشروها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بأنهم "لا يملكون أماكن أخرى للسكن بخلاف منازلهم التي تعرضت للغرق بالكامل، التي يقطنون فيها منذ سنوات طويلة"، وطالبوا الحكومة بـ"العمل على توفير بدائل سكنية لهم، حتى وإن كانت خارج القرى التي يعيشون بها". يذكر أن وزارة الري المصرية قد أصدرت بياناً، قالت فيه "إنها تتابع تطورات فيضان نهر النيل لهذا العام، وما ارتبط بها من تصرفات أحادية متهورة من جانب إثيوبيا في إدارة سدها غير الشرعي المخالف للقانون الدولي"، واعتبرت الوزارة أن الممارسات الإثيوبية تجاه نهر النيل "تفتقر إلى المسؤولية والشفافية، وتمثل تهديداً مباشراً لحياة وأمن شعوب دول المصب".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية