
عربي
التوترات والمخاطر المتزايدة تكاد تعصف باقتصاد وأسواق العالم التي بات تعيش في حيرة شديدة ومعها كبار المستثمرين من بنوك استثمار وصناديق مالية وأصحاب ثروات وقنّاصي صفقات. والأوضاع السياسية حتّى في الدول ذات الاقتصادات القوية مثل الولايات المتحدة وفرنسا واليابان تمنح المستثمرين ألف سبب وسبب للاندفاع نحو البحث عن أدوات استثمار آمنة، وشراء المعادن النفيسة، وحتّى شراء العملات الرقمية للتحوّط من المخاطر.
والنتيجة تدافع كبير نحو شراء الأصول سواءً كانت آمنة مثل الذهب والفضة، أو بها مخاطر عالية لكنّها تحقق عوائد سريعة مثل بيتكوين وأخواتها. حتّى البنوك المركزية الكبرى أصابتها تلك الحيرة الشديدة في ظلّ مؤشرات متناقضة للتضخم وأرقام التوظيف ومعدلات النمو، ولذا تواصل اندفاعها نحو شراء المعدن الأصفر لتفادي أي مخاطر محتملة.
وانعكس هذا المشهد على أسعار السلع الرئيسة حول العالم التي شهدت قفزات في العام الجاري، الذهب مثلاً لا يريد التقاط الأنفاس ولو مؤقتاً، والسعر يقترب من 4 آلاف دولار للأوقية. والملفت أن حمّى الشراء تتواصل رغم زيادة سعر الذهب بنسبة 49% منذ بداية العام الجاري، ومكاسب بلغت 27% في عام 2024، مدعوماً بمشتريات قوية من الدول والبنوك المركزية، وزيادة الطلب على الصناديق المتداولة المدعومة بالذهب، وتراجع الدولار بنسبة 11%، وتنامي طلب التحوط في ظل تصاعد التوترات التجارية والجيوسياسية. وزاد الطلب على الذهب عقب إغلاق الحكومة الأميركية، والتوقعات المتزايدة بتخفيضات إضافية في أسعار الفائدة على الدولار من البنك المركزي الأميركي.
تدافع كبير نحو شراء الأصول سواءً كانت آمنة مثل الذهب والفضة، أو بها مخاطر عالية لكنّها تحقق عوائد سريعة
والعملات الرقمية تواصل الارتفاع بعد تسجيل قمّة تاريخية جديدة مع تزايد المخاطر في عدد من الاقتصادات الكبرى، وتحولت تلك العملات الخطرة إلى واحدة من أهم أدوات الاستثمار جذباً للأموال بعد أن شهدت زخماً خلال عام 2025، إذ ارتفع سعر بيتكوين بنحو 33.61% منذ بداية العام، كما قفزت العملة المشفّرة الأشهر بنحو 57.64% خلال الأشهر الستة الماضية.
أمّا بالنسبة لمخاطر الحكومات التي أقلقت المستثمرين في الفترة الأخيرة فجاءت الولايات المتحدة في المقدمة، حيث إغلاق الحكومة الأميركية حتّى إشعار أخر، وفشل مجلس الشيوخ في طي الأزمة وإنهاء الإغلاق، وهناك ضغوط سياسية ومالية أخرى تشهدها الولايات المتحدة تزيد حدتها يوماً بعد يوم من أخطرها زيادة الدين العام، ومخاوف وقوع الاقتصاد في حفرة الركود.
وفي فرنسا التي تعيش أزمة سياسية حادّة تجددت حالة الغموض وعدم اليقين بعد أن عيّن الرئيس إيمانويل ماكرون حكومة جديدة برئاسة سيباستيان لوكورنو الذي استقال أمس بعد ساعات من تعيينه. وقبلها شهدت البلاد احتجاجات وإضرابات طالبت الحكومة بإلغاء تخفيضات الميزانية الوشيكة، كما طالبت النقابات بضخّ مزيد من الإنفاق على الخدمات العامة، وزيادة الضرائب على الأثرياء وإلغاء تعديلات معاشات التقاعد الحكومية. ومع تراكم تلك العواصف تواجه فرنسا خطر التحول إلى "رجل أوروبا المريض" الجديد.
وتعيش ألمانيا، قاطرة الاقتصاد الأوروبي والمحرك الأساسي للقارة، حالة اقتصادية مزرية وسط تنامي ظاهرة إفلاس الشركات، والعجز المالي الكبير في الموازنة، وارتفاع معدلات البطالة، وزيادة أسعار الطاقة، والإضرابات العمالية، والعجز الضخم في قطاع الضمان الاجتماعي.
حتّى اليابان أصابها ما أصاب الاقتصادات الأخرى، فالدولة صاحبة رابع أكبر اقتصاد في العالم تواجه صعوبات اقتصادية أبرزها زيادة الدين العام الركود وارتفاع التضخم، وضعف الصادرات، وتأثير رسوم ترامب الجمركية وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول من عام 2025، إضافة إلى مشكلات ديموغرافية مثل انخفاض عدد السكان وزيادة نسبة كبار السن.
حتّى العنصرية التي تعاني منها دول غربية عدّة فقد انتقلت إلى اليابان التي تشهد تصاعداً ملحوظاً في مشاعر العداء للأجانب، مع زيادة نفوذ السياسيين القوميين، كما تواجه الدولة أزمة سكانية حادة تهدّد مستقبلها الاقتصادي والاجتماعي.

أخبار ذات صلة.

6 مشروبات تُخفض مستويات السكر في الدم
الشرق الأوسط
منذ 4 دقائق

«كونسيساو»: جئت لصناعة المجد مع الاتحاد
الشرق الأوسط
منذ 5 دقائق