
عربي
يعمل مدرب نادي ريال مدريد، الإسباني تشابي ألونسو (43 عاماً)، على ترسيخ فلسفته الكروية الخاصة داخل أسوار "البرنابيو"، مستلهماً النجاحات الكبيرة التي حققها مع نادي باير ليفركوزن في ألمانيا، والتي قادته لتحقيق لقب "البوندسليغا" بعد سنوات من الهيمنة البافارية. وتعتبر مهمة ألونسو الجديدة في النادي الملكي أكثر تعقيداً، لأن التحدي لا يقتصر على حصد الألقاب، بل على بناء أسلوب لعب حديث ومتوازن يليق بتاريخ "الميرينغي"، ويعيد الفريق إلى قمة أوروبا من خلال هوية جماعية واضحة.
ويصطدم ألونسو في تجربته الجديدة بتغيير نوعية اللاعبين الذين يعمل معهم، إذ انتقل من بيئة تعتمد على لاعبين شبان متعطشين للنجاح ويسهل توجيههم، إلى غرفة ملابس مليئة بالنجوم أصحاب الخبرات والبطولات ممن اعتادوا التتويج بدوري أبطال أوروبا والعيش تحت الأضواء. ويدرك المدرب الإسباني أن السيطرة على غرفة الملابس تعد الخطوة الأهم في طريقه لترسيخ أفكاره التكتيكية، وأن فرض الانضباط والالتزام بالفكر الجماعي هو أساس نجاح أي مشروع تدريبي.
ومن بين الأساليب التي استخدمها ألونسو لإيصال رسالته بوضوح، اعتماده مبدأ "الأكثر جهوزية هو الذي يلعب"، بغضّ النظر عن الأقدمية أو النجومية. وقد تجلت هذه الفلسفة بوضوح عندما قرر إبقاء النجم فينيسيوس جونيور على مقاعد البدلاء في بعض المباريات، في خطوة فُسرت بأنها محاولة لخلق ردة فعل إيجابية من اللاعب البرازيلي وتحفيزه على تقديم الأفضل، خاصة في الجوانب الدفاعية التي كان يتجاهلها في المواسم الماضية.
وكان الثنائي المدريدي: الإسباني ألفارو كاريراس، والإنكليزي جود بلينغهام، أبرز دافعي ثمن التراجع الجماعي في الأداء خلال مباراة "الديربي" أمام أتلتيكو مدريد، التي شهدت سقوطاً مفاجئاً لريال مدريد في واحدة من أسوأ مبارياته هذا الموسم، إذ قرر تشابي ألونسو إبعادهما عن التشكيلة الأساسية في اللقاء اللاحق ضمن دوري أبطال أوروبا، مكتفياً بجلوسهما على مقاعد البدلاء، في إشارة واضحة إلى أن الأداء في المباريات الكبرى هو المعيار الأساسي للحفاظ على المكانة داخل الفريق.
واستعاد كاريراس موقعه الأساسي في مواجهة فياريال، بينما بقي بلينغهام احتياطياً للمرة الثانية على التوالي، في جزء من سياسة ألونسو الجديدة القائمة على تحفيز النجوم عبر المنافسة الداخلية، تماماً كما فعل سابقاً مع فينيسيوس جونيور. وقد بدا واضحاً من خلال الدخول القوي للنجم الإنكليزي في الدقائق الأخيرة أمام "الغواصات الصفراء"، بعدما أبان عن مستويات جيدة سعياً منه لاستغلال كل فرصة ممكنة لإثبات نفسه من جديد واستعادة مكانته في التشكيلة الأساسية للفريق الملكي.
ولا تزال وضعية البرازيلي أندريك تثير التساؤلات داخل ريال مدريد، بعدما فشل حتى الآن في إيجاد طريقه إلى التشكيلة الأساسية، مكتفياً بالجلوس المتكرر على مقاعد البدلاء دون الحصول على فرص كافية لإبراز إمكاناته التي جعلت منه أحد أبرز المواهب الصاعدة في البرازيل. وإلى جانبه، يعيش نجم الفريق في كأس العالم للأندية الماضية، الإسباني غونزالو غارسيا، وضعاً مشابهاً، إذ لم ينجح بعد في فرض نفسه وسط الزحمة الكبيرة بالخط الأمامي للنادي الملكي.
كما يواجه المغربي إبراهيم دياز والبرازيلي رودريغو التحدي ذاته، إذ يجدان صعوبة في ضمان الاستمرارية داخل التشكيلة الأساسية، في ظل المنافسة القوية التي يفرضها النجوم الكبار في الخط الهجومي، ما يجعل لاعبي ريال مدريد يعيشون حالة من الصراع الإيجابي داخل المجموعة للمساهمة في رفع نسق الفريق، مع توالي المباريات في الموسم الطويل.
