
عربي
ناقش وزير النقل السوري يعرب بدر، بحضور رئيس هيئة الاستثمار طلال الهلالي وعدد من ممثلي شركة "بلو" الهندسية الإيطالية اليوم الأحد، فرص التعاون في مجال تطوير صناعة النقل في سورية، مع التركيز على تصنيع القطارات والحافلات محلياً، بما يسهم في تخفيف أعباء المواصلات وتحسين واقع النقل العام الذي يشهد تحديات متزايدة. وشدد بدر يعرب بدر، في الاجتماع الذي انعقد في دمشق، على ضرورة تأسيس بيئة صناعية متكاملة داخل البلاد تتيح إنتاج وسائل النقل الحديثة وتعزز من قدرة سورية على الاعتماد على الذات في تطوير البنى التحتية للنقل، مؤكداً أن قطاع النقل يمثل ركيزة أساسية لأي عملية تنموية.
في المقابل، قدّم رئيس مجلس إدارة شركة "بلو"، محمد عيد، عرضاً شاملاً تناول فيه الاستراتيجيات المقترحة لإنشاء منظومة صناعية متكاملة لصناعة القطارات والحافلات والسيارات في سورية، بالاستفادة من الخبرات الإيطالية في هذا المجال. كما أجرى عيد مقارنة بين سورية وإيطاليا من حيث عدد السكان، والمساحات، وحجم النقل داخل المدن وخارجها، وذلك لتحديد أنسب أنواع القطارات والمترو والباصات التي يمكن تصنيعها محلياً، وتضمن العرض أيضاً دراسة تكلفة التصنيع ومواصفات أسطول النقل الإيطالي بوصفه نموذجاً يمكن الاقتداء به. وأكد عيد أهمية تدريب الكوادر السورية وتأهيلها في مجالات تصميم القطارات والمركبات الكهربائية وصناعتها، مع اقتراح إنشاء مصانع متخصصة لذلك، بالإضافة إلى وضع خطط لتطوير قطاع نقل البضائع واستراتيجيات إنتاج السيارات الكهربائية محلياً، بما يواكب التوجهات العالمية نحو الطاقة النظيفة.
من جانبه، لفت طلال الهلالي إلى الدور الحيوي للقاطرات في دعم التنمية الاقتصادية بشكل مباشر، ولا سيما في ما يتعلق بنقل المواد الأساسية مثل الفوسفات والفيول. وأكد ضرورة زيادة عدد القاطرات في الخدمة، إلى جانب إنشاء مراكز دعم للصيانة والتحديث، وإعادة تأهيل مركز الصيانة في حمص، مع إعداد دراسات فنية للقاطرات العاملة حالياً.
وشارك في الاجتماع المدير الإقليمي للشرق الأوسط في الشركة مهند حداد، واستشاري الشركة عامر التكرلي، ومستشار وزير الاقتصاد السوري أسامة العمر، ومن وزارة النقل معاون الوزير لشؤون النقل البري محمد رحال، ومدير النقل البري علي إسبر، ومدير المؤسسة العامة للخط الحديدي الحجازي محمد العجمي، ومدير مكتب الوزير عبد العزيز مصطفى.
ويأتي هذا اللقاء ضمن توجه وزارة النقل وهيئة الاستثمار نحو جذب استثمارات نوعية في قطاع النقل، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال تطوير البنى التحتية للنقل بالتعاون مع شركة "بلو" الإيطالية، التي تعد من الشركات الرائدة في أنظمة السكك الحديدية والنقل الحضري.
وفي هذا السياق، أوضح الخبير الاقتصادي، نادر حموي، لـ"العربي الجديد"، أن التوجه نحو التصنيع المحلي لوسائل النقل يمكن اعتباره خطوة استراتيجية تهدف إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، وخفض تكاليف التشغيل على المدى الطويل، فضلاً عن أنه يفتح الباب أمام بناء قاعدة صناعية وطنية أكثر استقلالية. لكنه شدد في المقابل على أن هذه الخطوة لا يمكن أن تنجح بمعزل عن توفير بيئة استثمارية مستقرة، وبنية تحتية قانونية ومالية واضحة تشجع المستثمرين الأجانب على الدخول في شراكات فعلية مع القطاعين العام والخاص في سورية.
وأشار حموي إلى أن التحديات الأساسية أمام المشروع لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل تمتد لتشمل نقص الكوادر المؤهلة في مجالات الصناعة والتقنية الحديثة. وبين أن أي مشروع للتصنيع المحلي يجب أن يرتبط بخطط طويلة الأمد لإعداد وتدريب الموارد البشرية السورية، بالتوازي مع تحديث التشريعات ذات الصلة لتواكب متطلبات الصناعة والنقل الحديثة. ولفت إلى أن التجارب الدولية في هذا المجال تظهر أن النجاح يحتاج إلى استراتيجيات متكاملة تشمل التمويل، والتدريب، ونقل التكنولوجيا، وليس مجرد إقامة مصانع أو خطوط إنتاج.
ويأتي هذا التوجه في وقت يعاني فيه قطاع النقل في سورية أزمات متراكمة منذ أكثر من عقد، أبرزها تضرر البنى التحتية نتيجة الحرب، وتراجع أسطول النقل العام والسكك الحديدية بسبب نقص الصيانة وغياب قطع الغيار، فضلاً عن الارتفاع الكبير في أسعار الوقود الذي ضاعف من أعباء المواصلات على المواطنين. وتشير تقارير محلية إلى أن معظم القاطرات والآليات العاملة اليوم متهالكة وتحتاج إلى تحديث شامل، فيما يضطر المواطنون إلى الاعتماد على وسائل نقل خاصة أو بديلة بتكاليف مرتفعة.
كذلك يواجه النقل البري تحديات حادة في المدن الكبرى، ويعاني السكان الاكتظاظ والازدحام وغياب شبكات مترو أو قطارات، الأمر الذي ينعكس سلباً على النشاط الاقتصادي والحياة اليومية. وفي ظل هذه الظروف، برزت الحاجة إلى البحث عن حلول مستدامة، منها الاستثمار في التصنيع المحلي لوسائل النقل، الذي يمكن أن يوفر فرص عمل، ويعزز استقلالية القرار الاقتصادي، ويقلل فاتورة الاستيراد الباهظة، حيث ينظر إلى التعاون مع شركة إيطالية ذات خبرة مثل "بلو" باعتبارها فرصة استراتيجية قد تمهد لإعادة إحياء قطاع النقل السوري ووضعه على سكة جديدة.

أخبار ذات صلة.

6 مشروبات تُخفض مستويات السكر في الدم
الشرق الأوسط
منذ 12 دقيقة