
عربي
دخلت احتجاجات حركة "جيل زد" في المغرب أسبوعها الثاني وسط تراجع ملحوظ في أعداد المحتجين، مقارنة بالتحركات التي عاش على وقعها الشارع المغربي خلال الأيام الأربعة الأولى لانطلاق الحراك الشبابي. وفي الوقت الذي دعت فيه حركة "جيل زد"، التي تطالب بتحسين خدمات الصحة والتعليم ومحاربة الفساد، إلى الخروج اليوم الأحد للاحتجاج في 22 مدينة، لليوم التاسع على التوالي، تُثار تساؤلات عدّة حول إن كان تراجع أعداد المشاركين في الوقفات والمسيرات الأخيرة مؤشراً على تراجع زخم الاحتجاجات وبداية انحسار الغضب.
ويرى الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري، مصطفى عنترة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن احتجاجات شباب "جيل زد" تدخل أسبوعها الثاني وسط مستجدات نوعية، أبرزها دخول أطراف دولية على الخط ومن بينها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وعدد من المنظمات الحقوقية العالمية، فضلاً عن إعلان شباب من الجالية المغربية بالخارج عن نيتهم تنظيم وقفات احتجاجية أمام بعض سفارات المغرب في عدد من الدول.
وبحسب عنترة فإنّ "هذه التطورات وغيرها من العوامل منحت القضية بعداً جديداً، غذّته بعض وسائل الإعلام الدولية التي تناولت الأحداث وكأن المغرب يقف على حافة الانهيار"، مشيراً إلى أن "الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الانتظار، خصوصاً أن الاحتجاجات بدأت تأخذ شكل "كرة ثلج" تكبر يوماً بعد يوم، وأصبحت محور اهتمام الرأي العام الدولي، ما قد يتيح لبعض الأطراف المعادية استغلالها للإساءة إلى صورة المغرب، وتقويض ما تحقق من مكتسبات ديمقراطية وتنموية خلال العقدين الأخيرين".
من جهته، يعتقد الكاتب والمحلّل السياسي، إدريس الكنبوري، أنّ حراك "جيل زد" سيستمر نظراً إلى أن الاحتجاجات الأخيرة أظهرت سخطاً اجتماعياً كان مكبوتاً في نفوس المواطنين، لافتاً في تصريح لـ"العربي الجديد" إلى أنّ حركة الشباب وجهت رسالة إلى العاهل المغربي الملك محمد السادس تتضمن ثمانية مطالب، وأن الكرة الآن في ملعب القصر، متوقعاً أن تتجدّد الاحتجاجات في حال لم تكن هناك إجراءات عملية من الدولة.
في السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية بجامعة مدينة سطات، عبد الحفيظ اليونسي، أنّ أي حراك اجتماعي احتجاجي كحراك "جيل زد" ليس له أن ينتهي في أفق منظور أو متوسط مع خفوت حماس الشباب، ولفت اليونسي في حديث مع "العربي الجديد" إلى أن آثار ذلك الحراك بالمغرب بالنظر لطبيعة النظام السياسي المغربي، ستكون له ارتدادات مؤسّساتية مهمة، سواء في تحقيق المطالب المرتبطة بالصحة والتعليم أو إسقاط الفساد، ويعتقد أن فعاليات هذا الحراك الاجتماعي من حيث الفعل على الأرض في شكل تظاهرات أو اعتصامات ستخفت مع الزمن، لكن ارتداداته ستكون كبيرة.
وبخصوص توقعاته لمآلات احتجاجات شباب "جيل زد"، قال الناشط الحقوقي خالد البكاري إنّ كل الاحتمالات واردة في ظلّ تراجع التدخلات الأمنية العنيفة للقوات العمومية، واحترام نسبي للحق في التظاهر، مع انفتاح محسوب في الإعلام العمومي الذي سمح باستضافة وجوه تدافع عن مطالب هذه الحركة الشبابية، وعن خطّها وعن شرعية احتجاجاتها وعن طابعها السلمي. وكذلك في ظلّ الاختفاء المفاجئ لعمليات التخريب التي أثارت مجموعة من الشكوك وعلامات الاستفهام حول دوافعها ومدبريها والهدف منها.
ورأى البكاري أن ثمة احتمالين: أولهما أن "الدولة الحقيقية قد تستثمر هذه الاحتجاجات للقيام بعمليات جراحية مطلوبة، قد تترجم بإقالات ومتابعات لمسؤولين ربما انتهت مدّة صلاحيتهم من أجل تهدئة الوضع"، في حين يكمن الاحتمال الثاني في جنوح الدولة إلى نوع من التهدئة مع الشارع بعد أن ظهرت عيوب المقاربة الأمنية مبكراً، وأن تراهن على إنهاك الشارع المحتج في مسعى لتراجع أعداد المشاركين والمتحمسين، وأكد البكاري أنه "حتى لو انتهت الاحتجاجات مبكراً، فإن العوامل التي ولدتها ستظل قائمة، وبالتالي ستظهر مستقبلاً، وربما بصيغ أكثر راديكالية".
