ملاحظات ختامية في معرض عمان الدولي للكتاب
عربي
منذ يومين
مشاركة
ترك معرض عمان الدولي للكتاب انطباعات مختلفة لدى الزوّار والقراء، تمحورت في معظمها حول الكتب والتنظيم والموقع، ومسائل أخرى أدّت إلى تباين في الآراء حول وسائل جذب الجمهور الذي يعدُّ عاملاً حاسماً. بينما ركّز الناشرون المشاركون في الدورة الرابعة والعشرين التي اختتمت أمس السبت في العاصمة الأردنية، على مسألة نسب بيع الكتب والقوة الشرائية، التي رأوا فيها مقياساً لنجاح المعرض من عدمه. جولة بين عناوين الكتب بوجود نحو 400 دار نشر، تشارك 250 منها مباشرة والبقية عبر توكيل لدار نشر أخرى، وهي تمثل 15 دولة عربية وأجنبية، ومؤسّسات محليّة أردنية، إضافة إلى برنامج الدولة ضيف الشرف (سلطنة عُمان)، كان جديراً بالملاحظة أن نسبة الإصدارات الجديدة للعام الحالي قليلة لدى معظمها، فيما طغت الروايات الكلاسيكية المُعادة طباعتها، وأدب الطفل، والأعمال التراثية والتاريخية على المشهد، أما الكتب الدينية والأكاديمية، فلم تحظ باهتمام يوازي ما حظيت به العام الماضي، سواء من حيث أعداد دور النشر المختصّة، أو من حيث الإقبال على الشراء، وذلك وفقاً لآراء العديد من الناشرين.  كان تحديد أعداد دور النشر من أجل خريطة ثقافية أكثر ترتيباً وكثافة وسهولة في الوصول أحد ميزات المعرض لهذه النسخة، التي تناول العديد من المشاركين فيها مسألة ضعف المبيعات بحسب أسباب متباينة، منها ضعف القوة الشرائية، ومنها الموقع الذي يجسد ثقافة (المول) كونه يحتل مساحة في واحد من مراكز التسوق الكبيرة في العاصمة عمان، مما يعني أن جزءاً من زوار المعرض ينتمون إلى ثقافة المتفرّجين، ومن ثم لا تجسّد الكثافة في الجمهور رغبة كافية في القراءة وشراء الكتب، وهو ما قاد بعضهم إلى القول إنَّ مكاناً أو مَعلماً مخصّصاً للثقافة والفنون، ربما يصلح أكثر لاستقبال المعرض، مما قد يزيد من تخصيص الجمهور وإقبال قراء حقيقيين عليه.  الإقبال والشراء لا يكشفان حقيقة المشهد الثقافي وملامحه وبخصوص إقبال الزوار الذين لم تعلن إحصائيات بأرقامهم بعد، مع تقديرهم بأكثر من نصف مليون قياساً بالعام الماضي، ظهر تساؤل آخر حول مدى تفعيل الدعاية للمعرض بشكل أكبر على شبكات التواصل الاجتماعي وتخصيص إعلانات لجميع دور النشر المشاركة من قبل الجهة المنظمة، وإذا ما كان سيسهم في تعزيز الإقبال على المعرض بصورة أفضل، وذلك رغم النشاط المختلف لصفحة اتحاد الناشرين الأردنيين؛ الجهة المنظّمة، على موقع فيسبوك هذه الدورة، إذ بثت معظم جلسات وندوات البرنامج الثقافي التي توزّعت على 50 فعالية هذا العام، ووسعت من إعلان جزء لا بأس به من الأنشطة، إلا أن إشارات صدرت عن بعض الناشرين، بعدم وجود رؤية إعلانية مُخصصَة ومجدولة زمنياً. بين القارئ والناشر رغم تأكيد العديد من دور النشر، أنها قدمت اقتطاعات راوحت ما بين 20 إلى 40 %، اعتبر كثيرون من بين زوار المعرض أسعارَ الكتب مرتفعة، خصوصاً الروايات المترجمة والكتب الموسوعية والفكرية والتاريخية. وقد بدا واضحاً خلال التجوّل في أروقة المعرض، أنّ الزوار من العائلات ركّزوا على شراء كتب الأطفال والمراهقين، كما بادرت بعض المدارس إلى تنظيم زيارات لتشجيع الطلاب واليافعين على القراءة، إضافة إلى ما قدّمه المعرض خلال برنامجه الثقافي، الذي تميّز بالتنوّع، وبضيوفه من أدباء ومبدعين، ممن تناولوا موضوعات ثقافية وفكرية وتاريخية، رغم عناوينها العامة التي ربّما كانت تفتقر إلى ضبط في المحاور، إلّا أنّ هذا أتاح استقطاب فئات مختلفة من الزوار والمشاركين، وربما أسهم في زيادة أعداد المهتمين بالأنشطة التي تتجاوز مجرد شراء الكتب.  يبدو إذن، أن مسألة العرض والطلب طغت على تقييم المعرض لدى الزوار والناشرين، أما مسائل التنظيم والموقع وإيجاد سبل أكبر لزيادة الإقبال، فإنها تظل قابلة للنقاش والتحسين عبر وسائل واحتمالات عديدة يمكن أن تلوح في أفق الدورات القادمة، منها البحث عن المزيد من فرص التمويل والاستثمار وتطوير الدعاية وإعادة التوجيه، من أجل تحقيق قيمة ثقافية واقتصادية أكثر فعالية، إذ لا يمكن الاكتفاء بمسألتي الإقبال والشراء، لرسم صورة واضحة لاهتمامات القراء وللمشهد الثقافي، ولنمو حركة النشر أو تراجعها، والتي يمكن للمعرض أن يجسدها جميعها بوصفه حدثاً ثقافياً محورياً.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية