
عربي
دعت وزيرة الداخلية البريطانية شابانا محمود، اليوم الجمعة، إلى إلغاء تجمع احتجاجي مناصر لفلسطين في لندن، من المفترض أن يخرج غداً السبت دعماً لمجموعة "فلسطين أكشن"، بعد الهجوم الذي وقع عند كنيس يهودي في مانشستر، أمس الخميس، وسقط فيه ثلاثة قتلى بمن فيهم المنفذ، فيما اتهم مسؤولون إسرائيليون بريطانيا بالتقصير في ما سمّوه "محاربة معاداة السامية". وطلبت الوزيرة في حديث مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، الجمعة، من المتظاهرين "التراجع" عن خطط تنظيم احتجاجات في الأيام المقبلة، وقالت: "أعتقد أن الاستمرار بهذه الطريقة لا يبدو بريطانياً، بل خاطئاً"، مضيفة: "من المهم الفصل بين ما يحدث في الشرق الأوسط وما يحدث في الوطن. أقول لمن يخططون للاحتجاج: تراجعوا قليلاً، وتخيلوا لو فقدتم أحد أحبائكم في هجوم إرهابي في هذا البلد".
وبدورها كتبت شرطة لندن إلى مجموعة "الدفاع عن هيئات المحلفين" التي تُنظّم وقفة السبت الاحتجاجية، معربةً عن مخاوفها بشأن حجم موارد الشرطة التي سيتخصص للاحتجاج في وقتٍ تشتد فيه الحاجة إلى "طمأنينة واضحة وأمن وقائي"، وقالت الشرطة في منشور على منصة إكس إن "الهجوم الإرهابي المروع، الذي وقع في مانشستر أمس، سبّب قدراً كبيراً من الخوف والقلق عند كل فئات المجتمع البريطاني".
وتأتي دعوات وزيرة الداخلية قبيل احتجاج ضخم في لندن منتظر، غداً السبت، احتجاجاً على تجريم حركة "فلسطين أكشن" ويُتوقع مشاركة 1500 شخص فيه، على غرار اعتصامات من العصيان المدني السابقة. لكن المجموعة المنظمة للاحتجاج قالت إنها تُخطط للمضي قدماً في المسيرة، وحثّت الشرطة على "إعطاء الأولوية لحماية المجتمع، بدلاً من اعتقال من يحملون لافتات سلمية". وأُعلنت هذه الوقفة قبل أسبوعين من الحادثة في مانشستر، وتأتي أيضاً للاحتجاج على موقف الحكومة البريطانية من الإبادة الجماعية في قطاع غزة.
كما عبرت الوزيرة البريطانية، الجمعة، عن خيبة أملها لخروج احتجاجات مناصرة للفلسطينيين مساء أمس الخميس، احتجاجاً على القرصنة الإسرائيلية على أسطول الصمود العالمي، بعد ساعات من هجوم مانشستر. وقالت لشبكة سكاي نيوز: "شعرت بخيبة أمل كبيرة لرؤية تلك الاحتجاجات تخرج الليلة الماضية. أعتقد أن هذا سلوك غير بريطاني في جوهره... أعتقد أنه غير مشرف". وخرجت مساء أمس مظاهرات عارمة في أرجاء أوروبا والمملكة المتحدة ودول أخرى حول العالم، احتجاجاً على منع السلطات الإسرائيلية لسفن أسطول الصمود من مواصلة مساره في الوصول إلى غزة، واشتبكت الشرطة البريطانية مع متظاهرين في وسط لندن حتى ساعات متأخرة مساء الخميس، كما خرج آلاف المتظاهرين في مدن وبلدات مختلفة، واعتصموا داخل محطات القطارات في مدن ليدز وبرايتون وغيرها. وأعلنت شرطة العاصمة في لندن اعتقال 40 شخصاً. كما نُظم احتجاج فلسطيني في وسط مدينة مانشستر مساء الخميس.
وصرّح الحاخام الأكبر للمملكة المتحدة، السير إفرايم ميرفيس، المعروف بمواقفه المؤيدة لإسرائيل وحكومة بنيامين نتنياهو، لبرنامج "توداي" على إذاعة بي بي سي 4، بأن العديد من أعضاء الجالية اليهودية تساءلوا عن سبب السماح بتنظيم مسيرات دعماً لحركة بالستاين أكشن، معتبراً أن هذه المسيرات "معادية للسامية وداعمة لحماس". واعتبر الحاخام الذي أخذ مواقف سابقة أيّد فيها الإبادة في غزة، أنه "لا يُمكن فصل الأقوال في شوارعنا، وأفعال الناس بهذه الطريقة، وما ينتج عنها حتماً، وهو الهجوم الإرهابي الذي وقع الخميس"، داعياً الحكومة إلى "ضبط هذه المظاهرات، فهي خطيرة".
اتهامات إسرائيلية لبريطانيا بـ"التقصير"
ووجّه مسؤولون إسرائيليون اتهامات لبريطانيا بالتقصير في ما سمّوه "محاربة معاداة السامية" في أعقاب الهجوم الذي حصل على الكنيس اليهودي في مدينة مانشستر يوم أمس، والذي أودى بحياة ثلاثة أشخاص، منهم منفذ الهجوم الذي أُعلن عن هويته.
وغالبًا ما يربط مسؤولون إسرائيليون هجمات مشابهة ينفذها أفراد تحصل في أوروبا مع حراك التضامن مع فلسطين، إذ اتهم وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر المملكة المتحدة بالتقصير في "مكافحة معاداة السامية"، مدعيًا أن التحريض المعادي للسامية أصبح "منتشرًا" في جميع أنحاء بريطانيا.
وكتب ساعر في منشور على موقع إكس مساء أمس الخميس: "يجب قول الحقيقة: لقد أصبح التحريض الصارخ والمتفشي على معاداة السامية ومعاداة إسرائيل، بالإضافة إلى دعوات دعم الإرهاب، ظاهرة واسعة الانتشار أخيرًا في شوارع لندن، وفي مدن بريطانيا، وفي حرم جامعاتها". واتهم السلطات البريطانية أيضاً بالتقصير في اتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف "موجة معاداة السامية السامة" والسماح لها بالاستمرار. وقال ساعر: "نتوقع أكثر من مجرد كلمات من حكومة ستارمر. نتوقع ونطالب بتغيير المسار، واتخاذ إجراءات فعالة، وتطبيق القانون ضد التحريض المعادي للسامية وإسرائيل المتفشي في بريطانيا".
ونشر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو منشورًا في حساباته على مواقع التواصل قال فيه: "تُشارك إسرائيل الجالية اليهودية في المملكة المتحدة حزنها على الهجوم الإرهابي الوحشي في مانشستر. قلوبنا مع عائلات الضحايا، وندعو بالشفاء العاجل للجرحى. وكما حذّرتُ في الأمم المتحدة: إن الضعف في مواجهة الإرهاب لا يجلب إلا المزيد منه. القوة والوحدة وحدهما قادران على هزيمته". وكانت لنتنياهو اتهامات سابقة لرئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر تتعلق بالإرهاب المزعوم، وقادة آخرين اعترفوا بالدولة الفلسطينية، إذ وصفهم بأنهم "يقدمون مكافأة ضخمة للإرهاب".
وفي حديثه من داونينغ ستريت، عقب اجتماع لجنة الطوارئ كوبرا، أدان ستارمر "الهجوم الإرهابي الذي استهدف اليهود لمجرد كونهم يهودًا"، وفي كلمته للجالية اليهودية في المملكة المتحدة، قال: "أعدكم بأنني سأبذل قصارى جهدي لضمان الأمن الذي تستحقونه، بدءًا من وجود شرطي أكثر وضوحًا لحماية مجتمعكم". وأضاف: "أعدكم بأنكم سترون خلال الأيام القادمة بريطانيا أخرى، بريطانيا الرحمة واللياقة والمحبة. وأعدكم بأن بريطانيا ستتحد لنحتضن مجتمعكم ونُظهر لكم أن بريطانيا هي المكان الذي تشعرون فيه أنتم وعائلاتكم بالأمان والطمأنينة والانتماء".
وعلّق الملك تشارلز الثالث على الهجوم، قائلاً في بيان: "لقد شعرنا أنا وزوجتي بصدمة وحزن عميقين عندما علمنا بالهجوم المروع في مانشستر، وخاصةً في يومٍ هامٍّ كهذا للجالية اليهودية. نتقدم بخالص تعازينا ودعواتنا لجميع المتضررين من هذا الحادث المروع، ونُقدّر عاليًا الإجراءات السريعة التي اتخذتها خدمات الطوارئ".
إعلان هوية المنفذ
وأعلنت الشرطة البريطانية في وقت متأخر من مساء أمس الخميس هوية الرجل الذي نفذ هجومًا على كنيس يهودي في مانشستر، والذي أسفر عن مقتل شخصين. وقُتل المهاجم جهاد الشامي، وهو بريطاني يبلغ من العمر 35 عامًا، وُصف بأنه من أصل سوري، بالرصاص خارج كنيس هيتون بارك اليهودي في كرامبسال، وهو حيّ يبعد حوالي ثلاثة أميال شمال مركز مدينة مانشستر، حوالي الساعة 9:40 صباحًا بتوقيت غرينتش. كما قُتل رجلان وأصيب ثلاثة آخرون عندما صدمت سيارة أشخاصًا خارج المعبد، قبل أن يتعرضوا لهجوم بسكين. وأعلنت شرطة مانشستر الكبرى اعتقال ثلاثة أشخاص - رجلان في الثلاثينيات من عمرهما وامرأة في الستينيات من عمرها - في إطار التحقيق في ما وصفته الشرطة بأنه "حادث إرهابي".
وصرح متحدث باسم شرطة مانشستر بأنه تم فحص جهاز مشبوه كان يرتديه المهاجم أثناء الحادث، وتبين أنه ليس متفجرًا قابلًا للاستخدام. وأضاف المتحدث: "بناءً على ما نعرفه حاليًا، لا تُظهر سجلاتنا أي إحالات سابقة لبرنامج (بريفنت) تتعلق بهذا الشخص". وصرح العديد من شهود العيان لوسائل إعلام بريطانية بأن الحي الذي وقع فيه الهجوم يعيش فيه أشخاص من مختلف الديانات من مسلمين ومسيحيين ويهود بتعايش كبير منذ سنوات طويلة.
وأُعلن، اليوم، أن أحد القتلى اليهود في الحادثة كان بنيران الشرطة البريطانية. وصرّح رئيس الشرطة ستيفن واتسون، من شرطة مانشستر الكبرى، بأن المهاجم جهاد الشامي لم يكن بحوزته سلاح ناري، وأن الوفاة كانت نتيجة "نتيجة مأساوية وغير متوقعة للإجراءات العاجلة التي اتخذها ضباطي لإنهاء هذا الهجوم الوحشي". وكتب والد منفذ عملية الدعس والطعن، فرج الشامي، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي: "تُدين عائلة الشامي في المملكة المتحدة وخارجها بشدة هذا العمل الشنيع الذي استهدف مدنيين أبرياء مسالمين"، وأضاف: "نحن ننأى بأنفسنا تمامًا عن هذا الهجوم، ونُعرب عن صدمتنا وحزننا العميقين لما حدث. قلوبنا وأفكارنا مع الضحايا وعائلاتهم، وندعو لهم بالصبر والسلوان".
