
عربي
كان الفلسطيني خالد الخالدي يستعد لموسم قطف زيتون أرضه في قرية بيت عور الفوقا، غرب مدينة رام الله في وسط الضفة الغربية المحتلة، لكنه فوجئ الأحد الماضي، بتجريف آليات ثقيلة للمستوطنين الأراضي المجاورة لأرضه في مخطط لشق طريق استيطاني جديد.
ويقول الخالدي لـ"العربي الجديد": "هذه الأرض الوحيدة التي أمتلكها، وأهتم بها كثيراً خشية تخريب أشجارها، وقد ورثتها عن والدي الذي اشتراها في السبعينيات، واهتم بها كأنها أحد أولاده. أتوقع أن تصل الطريق الجديدة إلى أرضي، وكانت عمليات التجريف صاعقة كوني لم أتلق، أنا أو أي من جيراني، أي إخطار مسبق، لا بمصادرة الأراضي، ولا بشق طريق، سواء من جيش الاحتلال أو ما تسمى الإدارة المدنية التابعة له. الوصول إلى أرضي سيصبح شبه مستحيل، حتى لو لم يمر الطريق منها، فمجرد وجود شارع استيطاني بجوارها سيعني حرماني أنا وأهالي قريتي من الأراضي".
من جانبه، يؤكد رئيس مجلس قروي بيت عور الفوقا، علي سمارة، لـ"العربي الجديد"، أن "ما لا يقل عن 1000 دونم من الأراضي سيعزلها الشارع الجديد، ولا يتبقى سوى قرابة 1000 دونم أخرى منطقةً سكنية وزراعية، من أصل 4500 دونم هي المساحة الكلية للقرية، والتي تآكلت على مدار السنوات الماضية بفعل الاستيطان والحصار الذي يخنقها، والقرية ستكون محاصرة من الجهات الأربع؛ فمن الجهة الشرقية بمستوطنة بيت حورون، ومن الجهة الجنوبية بشارع 443 الاستيطاني، ومن الجهة الغربية بحاجز عسكري ثابت، ومن الجهة الشمالية بالشارع الاستيطاني الذي بدأ المستوطنون شقه مؤخراً".
ويعتبر سمارة أن "الشارع الذي سيبلغ طوله كيلومترين من أراضي بيت عور الفوقا؛ هو المرحلة الثانية من مشروع شق طريق بدأ قبل أربعة أشهر في الجهة المقابلة للقرية على أراضي عدة قرى مجاورة من بينها دير ابزيع، وعين عريك، وبيتونيا، بهدف وصل المستوطنات بعضها ببعض، وبالأراضي المحتلة في عام 1948، وتتمثل الخطورة في أن مقطعي الشارع سيتصلان عبر قطع الطريق الرئيسي لكل القرى الفلسطينية في المنطقة، وهي ثماني قرى، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 40 ألف نسمة".
ويضيف: "وجود طريق استيطاني وسط الأراضي الزراعية أمر خطير؛ فمن يريد الذهاب إلى أرضه لقطف الزيتون سيتصادم مع المستوطنين، ومن يريد تخطي الطريق إلى أرضه التي تقع خلف هذا الشارع الجديد سيواجه مشكلة، خاصة مع اعتداءات المستوطنين المتكررة، فضلاً عن تسهيل وجود الشارع اقتحامات المستوطنين للقرى، وتنفيذ اعتداءاتهم عليها".
بدوره، يؤكد رئيس مجلس قروي صفا، رشاد كراجة لـ"العربي الجديد"، أن "عزل المنطقة بالكامل بقراها الثمانية، هو النتيجة الطبيعية لالتقاء مقطعي الشارع، كما سيكون بمثابة خط عرضي يقطع الطريق الواصل إلى هذه القرى، ولا نعلم بعد كيف سيتم ربط المقطعين، هل سيتم إغلاق الطريق الرئيسية بالكامل؟ أم سيتم إنشاء بوابة عسكرية جديدة؟ أم إقامة جسر ونفق لتكون طريق الفلسطينيين كما في مواقع أخرى معزولة في الضفة؟".
ويوضح كراجة أن "الشارع الجديد سيسهل إقامة البؤر الاستيطانية في المنطقة كلها، ما يعني عزل الناس عن أراضيهم الزراعية، وقطع القرى عن بعضها، وستصبح بيت عور الفوقا معزولة، بينما لن يستطيع أهالي القرى الأخرى الوصول بسهولة إلى بيتونيا، ما يعني فصل التجمعات السكنية الفلسطينية عن بعضها في مقابل وصل المستوطنات والبؤر الاستيطانية ببعضها البعض".
وفي مايو / أيار الماضي، كشفت هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عن شروع الاحتلال في شق شارع استيطاني لتسهيل تحرك المستوطنين وربط المستوطنات على حساب القرى الفلسطينية، مؤكدة أن المشروع يعود إلى عام 1979، حين أصدرت دولة الاحتلال أمراً عسكرياً لاستملاك 2178 دونماً، وبدأ المشروع من أراضي قرية رافات شال غرب القدس، والمجاورة لمستوطنة "بسجات زئيف"، وصولاً إلى حدود خط هدنة عام 1949، وإلى مجمع "موديعين عيليت" الاستيطاني.
ويهدف الطريق، وفقاً لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى إحداث اتصال جغرافي بين معسكر "عوفر" ومستعمرة "جفعات زئيف" من أجل إحداث نقطة ربط مع شارع 443 الاستيطاني المخصص حصراً للمستوطنين، وصولاً إلى الأراضي المحتلة في عام 1948، من أجل تقليص فترة سفر المستوطنين إلى الحدود الدنيا، رغم تسبب ذلك في فصل القرى الفلسطينية عن بعضها، وهي كفر نعمة، وبلعين، وبيت عور الفوقا والتحتا، وصفا، ما يعزز العزل الجغرافي للقرى الفلسطينية.
ومنذ سيطرة الوزير اليميني المتطرف بتسئليل سموتريتش على الإدارة المدنية الإسرائيلية، ينبش المستوطنون الملفات المركونة في الأدراج، والمخططات المجمدة، حتى لو كانت قديمة، وينشطون في التنفيذ باستخدام آلياتهم الخاصة، ومن دون وجود قرار رسمي أو أمر عسكري، ويؤكد رؤساء المجالس المحلية، أنهم لم يتلقوا أية إخطارات رسمية بإقامة الشارع الذي بدأ المستوطنون تنفيذه، كما لم يتلقوا أية ردود بعد توجههم إلى الارتباط الفلسطيني.
