عربي
فعلت كولومبيا ما لم تجرؤ دولة عربية على فعله، ولعبت هي ودول غربية أخرى دوراً مهماً في تعميق عزلة إسرائيل اقتصادياً وسياسياً وتحويلها إلى دولة منبوذة، فقد قررت، أول من أمس الأربعاء، إلغاء اتفاقية التجارة الحرة مع دولة الاحتلال FTA التي جرى توقيعها بداية يونيو/ حزيران 2013، على أن يُطبق القرار على الفور. كما قررت وقف أنشطة التبادل التجاري مع تل أبيب، وإلغاء قرار خفض التعرفات الجمركية على المنتجات الصناعية والزراعية بين البلدين.
وبإلغاء تلك الاتفاقية لن تتمكن الشركات والمستثمرون الإسرائيليون من الاستثمار بسهولة أكبر في الاقتصاد الكولومبي، الذي يصنف على أنه ثاني أكبر اقتصاد في أميركا الجنوبية، كما ستُوضع العراقيل أمام تدفق الصادرات الإسرائيلية إلى كولومبيا والبالغة قيمتها نحو 139 مليون دولار في عام 2022، ومعظمها أجهزة اتصالات، وعدد وآلات، وأجهزة كهربائية وميكانيكية، ومنتجات كيميائية.
أهمية خطوة إلغاء اتفاقية التجارة الحرة تكمن في أن دولة الاحتلال تعد شريكاً رئيسياً لكولومبيا في أميركا الجنوبية، وهي ثاني أكبر شريك تجاري لكولومبيا في تلك المنطقة بعد البرازيل. وخلال فترة ما قبل الحرب على غزة تعمّقت العلاقات الاقتصادية الثنائية، لكن ما لبثت أن تهاوت عقب مساندة حكومة العاصمة بوغوتا أهالي غزة.
أهمية خطوة إلغاء اتفاقية التجارة الحرة تكمن في أن دولة الاحتلال تعد شريكاً رئيسياً لكولومبيا في أميركا الجنوبية، وهي ثاني أكبر شريك تجاري لكولومبيا في تلك المنطقة بعد البرازيل
لم تكتف كولومبيا بذلك، بل أمر الرئيس غوستافو بيترو بطرد كل أفراد البعثة الدبلوماسية الإسرائيلية المتبقين في البلاد، على خلفية ارتكاب قوات الاحتلال "جريمة دولية" باعتراضها أسطول الصمود الذي يحمل مساعدات إنسانية إلى غزة. وهذا ليس بالموقف الجديد على حكومة بوغوتا، إذ إن العلاقات بين كولومبيا وإسرائيل تمر بأزمة عنيفة منذ ما يزيد عن عام ونصف العام، إذ أعلن بيترو في 1 مايو 2024 عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال، على خلفية ما وصفه بـ"الإبادة الجماعية بحق أطفال غزة".
وخلال كلمته الأخيرة بالأمم المتحدة صعّد بيترو ضد جرائم الاحتلال في غزة، حيث دعا إلى اعتقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تنفيذاً لقرار المحكمة الجنائية الدولية، وأهال التراب على نظيره الأميركي دونالد ترامب، حينما حمّله المسؤولية عن هجمات إسرائيل في غزة، واعتبره شريكاً في جريمة الإبادة الجماعية في القطاع.
وفي الوقت الذي كانت كولومبيا تقرر وقف استيراد السلع من إسرائيل، بما فيها الأسلحة، وتقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل احتجاجاً على الحرب في غزة، كانت السلع والمنتجات العربية تتدفق على أسواق دولة الاحتلال حتى في ذروة حرب الإبادة، وكانت حكومات دول مثل مصر والإمارات والبحرين والأردن والمغرب تتمسّك باتفاقيات اقتصادية وتجارية مبرمة مع دول الاحتلال، بل وتفتح بعض تلك الدول موانيها وأسواقها وشركاتها لتلبية احتياجات إسرائيل من كل أنواع السلع الغذائية والوسيطة والخدمات وقطع الغيار والمواد الخام.
وفي ظل تصعيد دول عدة بأميركا اللاتينية ضد جرائم دولة الاحتلال في غزة، تقف الحكومات العربية عاجزة عن اتخاذ أبسط الخطوات، وهي قطع العلاقات الاقتصادية والتجارية مع تل أبيب، ووقف تزويد إسرائيل بالسلع، وإغلاق الأسواق العربية أمام السلع الإسرائيلية ومنتجات الشركات الداعمة لحرب الإبادة.