قرصنة أسطول الصمود... و"سلام" الإملاءات
عربي
منذ 5 أيام
مشاركة
بعد عامين من حرب الإبادة على غزة، تتهاوى الرواية الصهيونية التي بنتها عقودٌ من الدبلوماسية ورهانات "الرعاة الدوليين". فقد كشفت تضحيات الفلسطينيين الهائلة، الوجه الحقيقي لإسرائيل بصفتها دولة مارقة تنتهك القانون الدولي، ولم يعد ممكناً تسويقها كـ"دولة ديمقراطية ضحية تدافع عن نفسها" وسط جرائم موثقة تُعرض يومياً على العالم. في هذا السياق، لم يكن "أسطول الصمود" مجرد مبادرة إنسانية، بل لحظة سياسية كاشفة لجوهر وطبيعة الاحتلال، ردّت عليها بالقرصنة في المياه الدولية، فيما جاء الردّ الشعبي من النقابات والجامعات وحركات التضامن التي رفعت علم فلسطين في عواصم الغرب، في مؤشر إلى تحوّل عميق في الرأي العام. تنهار تدريجياً سردية "الديمقراطية الوحيدة" في المنطقة، مع انكشاف زيف "الحصانة الأخلاقية" المبنية على استغلال المحرقة النازية، وتصاعد قناعة غربية بأن إسرائيل كيان "أبرتهايد" استيطاني لا يمكن تبريره أخلاقياً أو سياسياً، خصوصاً لدى جيل جديد بات يرى في فلسطين اختباراً للقيم، ويدفع باتجاه مراجعة العلاقات مع الاحتلال. المفارقة أن إسرائيل، بعربدتها العسكرية والسياسية، تُسرّع عزلتها الدولية وتُشعل موجة تضامن عالمي تتسع من شوارع أوروبا وموانئ جنوة ونابولي، إلى جامعات كولومبيا وأوكسفورد، واستطلاعات الرأي تُظهر تراجع دعمها. تنهار سرديتها القديمة تحت أنقاض غزة، وعلى وقع الهتافات في برلين وباريس وإسطنبول وأثينا وبوغوتا، وغيرها. هذا الوعي الجديد لا يولد في فراغ، بل في سياق عالمي يعيد تعريف العدالة والمساءلة في فلسطين، حيث يرى الجيل الغربي الصاعد أن بلاده تعيش اختباراً حقيقياً بشأن دولة الأبرتهايد والاستعمار في عصرنا الراهن. ويثير ذلك قلقاً بالغاً بطرح أسئلة جوهرية من قبيل: لماذا يُموَّل هذا الكيان من جيوب دافعي الضرائب رغم ما يرتكبه من جرائم موثقة؟ أما ما تطرحه واشنطن وتل أبيب تحت اسم "السلام"، فهو في جوهره مشروع استسلام، يُقصي الحقوق الفلسطينية الأساسية: إنهاء الاحتلال، تقرير المصير، وحق العودة. ما يُعرض ليس حلّاً، بل خريطة تصفية، تطاول كل الفلسطينيين، حتى من انخرطوا في شعارات "التعايش" داخل سلطة محاصَرة. وبين قرصنة الأسطول وأوهام "السلام"، تتوضح معادلة اللحظة: إما مشروع تحرر وطني موحّد يستثمر التحولات الدولية، أو نظام "بانتوستانات" (الأراضي المخصصة للمواطنين السود خلال نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا) بلا سيادة، يُقايض فيه الفلسطينيون حقوقهم بتسهيلات هامشية واندماج قسري في واقع استعماري مفروض. وهنا تبرز مسؤولية منظمة التحرير والفصائل الوطنية في استعادة دورها باعتبارها قيادة تحرر حقيقية ترفض إدارة الاحتلال وتنحاز لقضية وطنية جامعة لا لملف إنساني في يد الوسطاء الدوليين.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية