
عربي
حوادث قتل واغتيال متنقلة جرت خلال اليومين الماضيين، في أكثر من منطقة في وسط وغرب سورية، عكست مرة أخرى، هشاشة الأوضاع الأمنية في البلاد، في ظلّ فوضى السلاح وعدم اتخاذ إجراءات منظمة من قبل وزارة الداخلية السورية لضبط جماعات مسلحة تشير المعطيات، إلى أن هدفها ضرب الاستقرار في سورية وجرّها إلى دورات عنف على أسس طائفية.
حوادث قتل واغتيال
وانتشرت قوى الأمن الداخلي، مساء أول من أمس الأربعاء، في بلدات وادي النصارى بريف حمص الغربي، بهدف ضبط الأمن العام وملاحقة مرتكبي جريمة استهداف شبّان في بلدة عناز، أدّت إلى مقتل اثنين منهم على الفور، من قبل مجهولين اثنين ملثمين على دراجة نارية. وهذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها هذه المنطقة ذات الغالبية المسيحية من السكّان حوادث قتل بعد إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وكانت تعدّ من المناطق الآمنة في البلاد. واتهم مدير الأمن في منطقة تلكلخ، محمد أكرم أبو الخير، في حديث مع وسائل إعلام محلية، "مَوتورين في المنطقة"، بالوقوف وراء الحادث لـ"زعزعة الاستقرار" في ريف حمص الغربي المتنوع من حيث التركيبة السكانية.
شهد ريف طرطوس اغتيال أحد المرشحين لخوض انتخابات برلمانية
كما شهد ريف طرطوس غربي البلاد، يوم الثلاثاء الماضي، اغتيال أحد المرشحين لخوض انتخابات برلمانية (مجلس الشعب) المقررة الأحد المقبل، وهو حيدر يونس شاهين، من أبناء قرية ميعار وحاصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الزراعية. وأقدم مجهول على إطلاق النار على شاهين أثناء وجوده في منزله بالقرية، ما أدى إلى مقتله على الفور. وأثارت حادثة الاغتيال استياء الشارع السوري وقلقه إذ طالب الحكومة بـ"سياسات وإجراءات حكومية وشعبية جادة ومنظمة" لمواجهة مخططات "تهدف إلى تعميق الشروخ في المجتمع السوري على الأساس الطائفي"، بحسب منشور للسياسي السوري المعروف جورج صبرا.
وطالبت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أمس الخميس، الحكومة السورية بفتح تحقيق عاجل في حادثتي مقتل حيدر شاهين في ريف طرطوس وشاب في ريف حمص على يد مجهولين. وفي هذا الصدد، قال مدير الشبكة فضل عبد الغني، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "شاهين لم يكن شخصاً عادياً، بل كان مرشحاً لعضوية مجلس الشعب، لذا يجب التركيز على هذا الأمر من قبل وسائل الإعلام والمؤسسات الحقوقية"، مضيفاً أن "كونه من المكوّن العلوي في سورية يعطيه رمزية إضافية". وتابع: "على الحكومة الإسراع في كشف ملابسات الحادث، فالتهديدات تطاول كل المرشحين لعضوية المجلس من المكون العلوي. يجب أن يكون للمرشحين حماية من الدولة التي عليها محاسبة القتلة لإرسال رسالة طمأنة للمجتمع السوري كلّه".
وفي السياق، نجت الناشطة السياسية عتاب أسعد من محاولة اغتيال تعرضت لها مساء الأربعاء في مدينة حمص، حيث أقدم مسلّحان يستقلان دراجة على إطلاق النار عليها، ما أدّى إلى إصابتها في الفخذ. وقالت أسعد، في حديث لشبكات إخبارية محلية، إن الاغتيالات ازدادت في حمص خلال الأيام القليلة الماضية، بعد إزالة معظم الحواجز الأمنية، مضيفة: "سنطالب بعودة الحواجز".
وعُثر قبل أيام في حمص على جثامين ثلاثة شبان مدنيين من أبناء الطائفة العلوية، يتحدرون من مدينة صافيتا بريف طرطوس، بعد أن اختُطفوا لنحو 25 يوماً. ومنذ سقوط نظام الأسد في 8 ديسمبر العام الماضي، لم تنقطع حوادث القتل المتنقلة خصوصاً في مناطق مختلطة سكّانية أو ذات الغالبية العلوية من السكان، ما يعكس هشاشة أمنية في ظلّ انفلات السلاح، وعدم ضبط الجماعات المسلحة التي تعمل خارج القانون، من قبل وزارة الداخلية.
رشيد حوراني: فلول نظام الأسد تحاول من خلال عمليات القتل واغتيال شخصيات من المكون العلوي إضعاف الدولة
ضرب استقرار سورية
وكانت منطقة الساحل السوري مرّت بدورة عنف دامية في مارس/آذار الماضي، أثناء التصدي لمحاولة تمرد واسعة النطاق من قبل فلول النظام السابق، وهو ما أسّس لحالة من عدم الاستقرار، خلقت ثغرات أمنية واسعة تستغلها أطراف عدة، لتنفيذ عمليات قتل واغتيال بين وقت وآخر.
وعزا الخبير الأمني والعسكري رشيد حوراني حوادث القتل المتنقلة في الآونة الأخيرة في وسط سورية وغربها، إلى وجود أشخاص أمنيين وعسكريين من فلول النظام السابق، مختبئين في جبال الساحل. وأشار في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن "هؤلاء الأشخاص ما تزال لديهم صلات مع شخصيات كانت فاعلة في نظام الأسد تحركهم بين وقت وآخر، بهدف تقويض الاستقرار الذي نجحت الدولة بفرضه في محافظات حمص واللاذقية وطرطوس وريف حماة".
وبرأيه، فإن فلول نظام الأسد "تحاول من خلال عمليات القتل العشوائي واغتيال شخصيات من المكون العلوي إضعاف الدولة وضرب الاستقرار والسلم الأهلي في البلاد". كما عزا حوراني بعض عمليات القتل التي تحدث إلى "عدم التزام العناصر في الأجهزة الأمنية بالقوانين والتعليمات الصادرة من قياداتهم المباشرة والمركزية". وردّ أسباب عدم الالتزام إلى "الظروف الاجتماعية التي مرّوا بها من تهجير وسكن في المخيمات"، مضيفاً "ربما خلقت هذه الظروف حالة من ردّة الفعل الانتقامية، إضافة إلى عدم خبرة العناصر الذين كانوا في الشمال السوري قبل الثامن من ديسمبر الفائت بالتنوع الموجود في المجتمع السوري".
