
عربي
أصدرت محكمة الجنح، بجنوب القاهرة، اليوم الأربعاء، حكماً يقضي بسجن المتهم أحمد أبو المجد، المعروف إعلامياً باسم "طفل المرور"، بينما يلقبه ذووه بـ"حريقة"، وهو نجل أحد القضاة البارزين، لمدة ثلاث سنوات، بتهمة تعاطي المواد المخدرة، وقد ورد للمحكمة تقرير رسمي من الطب الشرعي أثبت بشكل قاطع إيجابية العينة الخاصة به لعدد من المواد المخدرة. وجاء الحكم ليغلق فصلاً من فصول الجدل القانوني والإعلامي، لكنه في الوقت ذاته فتح الباب واسعاً أمام نقاش عام حول دلالات تكرار تورّط المتهم في قضايا خطيرة رغم صغر سنه.
وفي موازاة الحكم الصادر، شهدت القضية الأخرى المرتبطة بالمتهم، والمتعلقة باستعراض القوة والاعتداء العنيف على زميل له بالمدرسة باستخدام عصا "بيسبول" أمام إحدى المدارس بمنطقة المقطم، شرق العاصمة، تطوراً إجرائياً جديداً، حيث قررت المحكمة تأجيل جلسات محاكمته إلى يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للاستماع إلى باقي الشهود وفحص التسجيلات المصورة للحادثة.
القضية الثانية التي يواجهها "طفل المرور" بدأت عقب تقدم الطالب يوسف خالد ببلاغ رسمي، اتهم فيه المتهم وآخرين باستيقافه أمام المدرسة أثناء الامتحانات، قبل أن ينهالوا عليه بالضرب المبرح مستخدمين عصا بيسبول، ما أدى إلى إصابته إصابات بالغة استدعت نقله إلى المستشفى.
بحسب التقرير الطبي الرسمي، فإن المجني عليه تعرض لإصابات شديدة شملت نزيفاً في الأذن اليمنى، وكدمات في الوجه، وتورماً بالعين والشفة، إضافة إلى أعراض ارتجاج في المخ وإصابات باليدين، الأمر الذي عزز من جدية الواقعة وخطورتها. أما القضية الأخرى، فقد بدأت عقب ظهور نتائج تحليل الدم التي أجراها الطب الشرعي وثبوت تعاطي المتهم المواد المخدرة، وهو ما دفع النيابة العامة إلى إحالته للمحاكمة الجنائية بشكل منفصل. وبعد تداول الجلسات وسماع المرافعات، قضت محكمة الجنح، اليوم الأربعاء، بمعاقبته بالسجن ثلا سنوات، في حكم يعد أول إدانة صريحة له بتهمة التعاطي. وسيضع هذا الحكم المتهم أمام مسار جديد لا يقل خطورة عن اتهامه بالاعتداء العنيف.
بدأت قصة "طفل المرور" أو "حريقة" أواخر عام 2020، حين انتشر فيديو يُظهره يقود سيارة مرسيدس دون رخصة قيادة ويتعدى لفظياً على أحد أمناء الشرطة الذين أوقفوه في شارع رئيسي بمنطقة المعادي. بدا الفتى واثقاً ومتحدياً، وهو يصرخ في وجه رجل المرور قائلاً عبارته الشهيرة: "إنت عارف أنا ابن مين؟" قبل أن يهدده: "أنا ممكن أقعدك في البيت".
تضامن الرأي العام آنذاك مع أمين الشرطة، خاصة بعد أن كشفت التحقيقات أن الطفل هو نجل أحد كبار القضاة، كما تبين أن نتيجة تحليل المخدرات الخاصة به جاءت إيجابية. ورغم إحالته إلى إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية بحكم قضائي، فإنه سُلّم سريعاً لأسرته بعد اعتذار رسمي قدمه والده إلى وزارة الداخلية.
عودة نجل القاضي الشهير باسم "طفل المرور" إلى ساحات المحاكم بعد خمس سنوات من واقعة استهزائه برجال الشرطة وقيادته المتهورة في الشوارع، لم تعد تُقرأ باعتبارها مجرد حادثة فردية. بل إنها باتت مؤشراً على نمط سلوكي مقلق، يجمع بين الانفلات الاجتماعي والتورط في قضايا عنف وتعاطٍ للمخدرات.
