حلول حكومية غير كافية لمواجهة الغلاء في تونس
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
جدّدت سلطات تونس حربها على الغلاء، في إطار خطة شاملة لمراقبة أسواق الجملة والتجزئة والطرقات، أسفرت عن توقيف عشرات تجار الجملة والوسطاء وإحالتهم إلى القضاء بتهم المضاربة والاحتكار التي تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد. ومؤخراً أعلنت وزارة التجارة وتنمية الصادرات عن إطلاق برنامج للمراقبة المشتركة، عبر الطرقات مركزياً وجهوياً، يهدف إلى مكافحة الممارسات الاحتكارية والمضاربة، ودعم القدرة الشرائية للمواطن. وقالت الوزارة، في منشور على صفحتها الرسمية على "فيسبوك"، إن فرق التدقيق ستراقب شفافية عمليات نقل المنتجات الزراعية وغيرها من السلع الأساسية، وتأمين تداولها عبر المسالك المنظمة، والتصدي بصفة استباقية لنشاط المضاربين والمحتكرين، وتحقيق العدالة في الأسواق. ورغم المحاولات المتكررة لتشديد القبضة على التجار والمضاربين، لا تسجل أسواق تونس تراجعاً في أسعار السلع، حيث يواجه المواطنون صعوبات متزايدة في تأمين احتياجاتهم الأساسية بأسعار معقولة. وكان غلاء أسعار الغذاء الأكثر ضغطاً على معيشة التونسيين، رغم تراجع التضخم، وفق البيانات الحكومية، حيث انخفض بنحو نقطة مئوية على أساس سنوي منذ بداية العام الحالي، ليصل إلى %5.2 نهاية أغسطس/ آب الماضي، مقابل 6.2% في مطلع السنة الجارية. في المقابل، تكشف بيانات رسمية أن الأسعار تشهد ارتفاعاً متواتراً من المنشأ، من أبرزها اللحوم الحمراء. وتؤكد معطيات ديوان تربية الماشية والمراعي (حكومي) أن ارتفاع الأسعار شمل جميع أصناف المواشي دون استثناء، على غرار الخرفان والماعز والعجول الموجهة للتسمين، ما نتج عنه زيادة قياسية في سعر اللحوم في محلات القصابين. وأظهرت بيانات الديوان أن متوسط أسعار بيع اللحوم الحمراء بين يناير/ كانون الثاني وأغسطس/ آب زادت بنسبة 11.8% بالنسبة للخرفان وبـ11% بالنسبة للحوم الماعز، بينما تناهز الزيادة في لحوم الأبقار 14%. ويعتبر طيف واسع من التونسيين أن حملات مكافحة الغلاء وسجن المضربين، تظل حلولاً محدودة إذا لم ترافقها إصلاحات هيكلية تشمل مسالك التوزيع، وآليات الدعم، والرقابة على الإنتاج. فيما يرى خبراء اقتصاد أن الحلول لأزمة التزويد، والقضاء على الممارسات الاحتكارية، يجب أن تكون استباقية، عبر برامج إنتاج قادرة على تغطية متطلبات السوق، والتدخل استثنائياً بتوريد السلع المنقوصة، سواء كان ذلك لعوامل مناخية أو إنتاجية. ويشدد الخبير الاقتصادي، عبد الرزاق حواص، على أهمية المراهنة على الإنتاج الزراعي المحلي، من أجل تحسين العرض في الأسواق، وتفادي الصدمات التي تعرض السوق إلى طفرات الزيادة في الأسعار لأسباب خارجية. وقال حواص في تصريح لـ"العربي الجديد" إن تعزيز العرض بالسلع المنتجة محلياً يكبح ممارسات المضاربة والاحتكار التي تنتج عن شح السلع الأساسية بشكل عام. وتخوض السلطات في تونس منذ نحو ثلاثة سنوات ما تصفه بـ"حرب التصدي للمحتكرين والمضاربين"، بهدف حماية قوت المواطنين من الغلاء القياسي. وتستعمل السلطات في حربها ضد الغلاء فصول المرسوم الرئاسي عدد 14، الصادر بالرائد الرسمي عدد 30 لسنة 2022، الذي يعرّض مرتكب جريمة المضاربة غير المشروعة إلى عقوبة بـ20 عاماً سجناً، وغرامة مالية قدرها 200 ألف دينار (71 ألف دولار) إذا كانت المضاربة غير المشروعة تتعلق بمواد مدعمة من ميزانية الدولة، أو بالأدوية وسائر المواد الصيدلية. في حين يكون العقاب 10 سنوات سجناً، وغرامة مالية في حدود 100 ألف دينار (36 ألف دولار) لكل من قام بأحد الأفعال المرتبطة بالمضاربة غير المشروعة في حالات أخرى. ويؤكد رئيس منظمة إرشاد المستهلك (مدنية) لطفي الرياحي أن القرارات المتتالية للسلطات مهمة في المساعدة بكبح جماح الأسعار، وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، غير أنها تظل غير كافية في غياب استراتيجية رقابة على السلع. وقال الرياحي في تصريح لـ"العربي الجديد" إن تونس تملك جهاز رقابة اقتصادية، يستعمل في تشديد القبضة على الأسواق، غير أنها تعثّرت في وضع استراتيجية لرقمنة مسارات السلع. ويفيد رئيس منظمة إرشاد المستهلك بأن رقمنة مسارات السلع هي الحل الوحيد لمكافحة الاحتكار والتخزين المفرط. واعتبر أن كل الخطط التي تنفذها وزارة التجارة تبقى منقوصة، ما لم تتوصل السلطات إلى حلول حديثة ورقمنة تمكّن من التخطيط المسبق للإنتاج، ومتابعة مسارات السلع من مرحلة الزراعة أو التصنيع، إلى حين وصولها إلى المستهلك.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية