متحف آرمات عمّان... حارس الذاكرة البصرية والخط العربي
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
قاد شغف الأردني غازي خطّاب (68 سنة) بفن الخط العربي ليصبح حارساً للذاكرة البصرية للعاصمة عبر متحفه "آرمات عمّان"، والذي يصون ذاكرة المدينة ويحميها من الضياع، مقدّماً رحلةً عبر الزمن، وحكايات تؤرخ لعاصمة الأردن. ويوثق المتحف الذي يشغل مبنى قديماً في شارع الملك حسين بوسط عمّان، تاريخ البلاد منذ أربعينيات القرن الماضي وما تلاها، من خلال مئات اللوحات الإعلانية "الآرمات"، التي كانت تُعلَّق على واجهات المحالّ التجارية وعيادات الأطباء والخياطين والمحامين وغيرهم. وتظهر هذه الآرمات ملامح ثقافية واقتصادية واجتماعية لحقبٍ سابقة. احترف غازي خطّاب فن الخط العربي منذ عام 1986، وبدأ جمع "الآرمات" الإعلانية لاحقاً، في محاولة للحفاظ على ذاكرة عمّان، ورد الجميل للخطاطين الذين أثروا هذه المهنة المهدّدة بالاندثار في ظل التطور التكنولوجي، وانتشار برامج الحاسوب التي تقوم بمهامهم. يستقبل خطّاب زوّار متحفه بحفاوة، ويقدّم لهم بحماس الشروحات اللازمة، مجيباً عن أسئلتهم حول تاريخ الآرمات المعلّقة على جدران المتحف، والخطوط المستعملة، والمصادر التي جُلبت منها. ويقول لـ"العربي الجديد": "بدأ شغفي بالخط العربي حين كنت في الثامنة من عمري، بعدما لفت انتباهي صندوق للإسعافات الأولية وحرف العين المخطوط عليه. منذ ذلك الحين بدأت رحلتي مع الخط، إذ عملت لدى عدد من الخطاطين، ثم طوّرت قدراتي بدراسة فن تصنيع اللوحات في ألمانيا خلال ثمانينيات القرن الماضي، وفي عام 1986، اقتنيت أول (آرمة) لمحل ملابس في شارع بسمان، كان اسمه (صرصور)، وكانت للخطاط تيسير السادات، وتحتها التقطت صورة لي عام 1980". تأسّس متحف "آرمات عمّان" في أغسطس/آب 2020، بدعم كامل من "الشركة الهندسية لصناعة الإعلان"، التي يُعد خطّاب أحد مؤسّسيها وشريكاً فيها مع أشقائه، ويسعى المتحف إلى حفظ الذاكرة البصرية لعمّان، وتوثيقها، وصون فن الخط العربي. ويفتخر خطّاب بعشرات الآرمات القديمة المعلّقة على جدران المتحف، من بينها آرمة لمحل "قبّان عبد الحميد محمد البرغلي" يزيد عمرها على 86 سنة، وقد جاءت من الشام إلى مادبا، ثم وصلت إلى المتحف، كما يضم المتحف آرمة "المخزن الملكي الهاشمي" العائدة إلى عام 1949، وهي لوحة إعلانية لمحل معدات تصوير يملكه الأردني من أصل أرمني روبين كتشجيان، إضافة إلى آرمات لمحلات قديمة مثل مطحنة القهوة "سمراء عدن شربجي وفيومي"، و"الحمصي للقهوة والزعتر"، كما يحتفظ المتحف بآرمات لأطباء أردنيين مثل زهير ملحس، وزيد حمزة، ونعيم شقم، ومسلم قاسم، إضافة إلى آرمة لفندق بغداد أضيفت حديثاً. يعرض المتحف أيضاً آرمات تعود لمحلات تجارية في مدن القدس، ورام الله، ونابلس في فلسطين، عاش أصحابها تجربة اللّجوء بعد عام 1967، عقب سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية، ومنها آرمة "نوفوتيه غازي الطاهر" التي خطّها الفنان الفلسطيني شوقي يعيش. وكنوع من التكريم، خُصص أحد جدران المتحف لصور أشهر الخطاطين الذين عرفتهم عمّان، مع التعريف بهم وبأعمالهم وأدواتهم، ومن بينهم من لا يزالون على قيد الحياة. يواصل خطّاب جمع الآرمات، التي بلغ عددها نحو 4000 آرمة، سواءً عبر التبرع من أصحابها، أو من خلال شرائها، كما يتصل بعض مالكي الآرمات القديمة بالمتحف للتبرع بها بعد حصولهم على أخرى جديدة. ويستقبل المتحف زواره يومياً من الساعة العاشرة صباحاً حتى الخامسة مساءً، والدخول إليه مجاني، ويُوجَّه الزائرون لكتابة انطباعاتهم وآرائهم في دفتر خُصص لذلك، فيما خُصص قسم لتعليم الخط العربي، في محاولة لإنقاذ هذا الموروث الثقافي من النسيان. ويخصص متحف "آرمات عمّان" جناحاً لأرشيف الصحف والمجلات الأردنية والعربية، يعود تاريخ بعضها إلى بدايات القرن الماضي، وتؤرخ للأحداث الكبرى التي شهدتها المنطقة، ولا سيّما ما يتعلق بالاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، ومساعيه لتهجير الشعب الفلسطيني، وتبرز على الصفحات الأولى لبعض هذه الصحف تغطيات لمحاولات تهجير أهالي قطاع غزة، في استعادة لافتة للتاريخ.  كما يضم الأرشيف موادّ صحافية توثق أبرز القضايا الأردنية والعربية، إلى جانب نحو 200 ملصق "بوستر" لأشهر الأفلام المصرية التي عُرضت في دور السينما بعمّان خلال القرن الماضي، ويحتوي الجناح أيضاً على مشهد يكاد يختفي من شوارع العاصمة، يتمثل في صناديق معدنية قديمة للصحف الأردنية، كانت تُعلَّق على مداخل المنازل والمتاجر لتوزيع الصحف الورقية في ساعات الصباح الأولى.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية