
عربي
في وقت يستعد فيه شباب "جيل زد" (أو جين زي) للتظاهر، مساء اليوم الاثنين، في عدد من مدن المغرب لليوم الثالث توالياً، برزت خلال الساعات الأخيرة مطالب هيئات سياسية وحقوقية وشخصيات سياسية بارزة لحكومة عزيز أخنوش بتغليب لغة الحوار والإنصات لنبض الشارع من أجل وقف الاحتقان الاجتماعي المتصاعد. وبينما لم يصدر أي موقف رسمي إلى حد الساعة بخصوص احتجاجات "جيل زد" بالمغرب، طالبت اللجنة الحقوقية لحركة التوحيد والإصلاح (الذراع الدعوية لحزب العدالة والتنمية المعارض) الحكومة بالتدخل العاجل لـ"وقف الاحتقان الاجتماعي وإيجاد الحلول لمشاكل الشباب بعيداً عن سياسة الإلهاء والعبث وتغليب لغة الحوار والإنصات لنبض الشارع خدمة لمصلحة الوطن".
كما دعت إلى "الحكمة والتعقل في التعامل مع الاحتجاجات السلمية"، بينما حذر "الفضاء المغربي لحقوق الإنسان" الجهات المعنية من "الاستخفاف بحالة الاحتقان التي تعم كل ربوع الوطن"، ودعا إلى "العمل على تحقيق المطالب، وإيقاف سياسة القمع". كذلك، طالبت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان بفتح قنوات للحوار المباشر مع المحتجين، مشددة على ضرورة الإصلاح العميق للصحة والتعليم، والنهوض بالأوضاع الاجتماعية للمغاربة.
ولم تقتصر المطالبات على التنظيمات السياسية والحقوقية، بل امتدت إلى شخصيات سياسية كان من أبرزها رئيس الحكومة المغربية السابق سعد الدين العثماني الذي قال، عبر صفحته على "فيسبوك"، إنه "لا يزال ممكناً تدارك الأمور، شريطة اعتماد الصراحة والجرأة في التواصل مع الشعب، واتخاذ قرارات فعّالة قبل أن تنفلت الأوضاع أكثر". وفي حديث مع "العربي الجديد"، شدد رئيس الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان (غير حكومية) محمد رشيد الشريعي على ضرورة "الاستماع إلى نبض الشارع والقيام بالإصلاحات الضرورية والفورية للقطاعات الاجتماعية، ومحاربة كل أشكال الفساد الذي كان وراء تدني هذه الخدمات وإفلاسها".
واعتبر الشريعي أن "تصاعد الاحتجاجات الشبابية في عدة مدن مغربية بشكل متزامن يعد نتيجة طبيعية نظراً لما تعرفه البلاد من تراجعات مست قطاعات حيوية ولها ارتباط مباشر مع شريحة كبيرة من المواطنين"، لافتاً إلى أن "الاحتجاجات تعكس سياقاً اجتماعياً وسياسياً يتسم بالغضب من البطالة والضغوط الاجتماعية والمطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية". وشدد على ضرورة القطع مع ما وصفه بـ"الادعاء والوهم" بكون الاحتجاج تقف وراءه أيدٍ خفية خارج أرض الوطن لزعزعة استقرار المغرب، حيث "عبر المحتجون عن الروح العالية لانتمائهم وحبهم لوطنهم، مؤكدين أن خروجهم للاحتجاج ما هو إلا تعبير عن غضبهم من جراء ما يجري اليوم".
وقال إن "انتشار الفساد في كل القطاعات الحيوية بلا مساءلة وعدم تنزيل قانون الإثراء غير المشروع وممارسة التضييق على فاضحي الفساد عبر تكميم الأصوات، كل هذا قد يزيد من الاحتقان وتفاقم الأوضاع"، مناشداً "العاقلين في هذا الوطن الكف عن استحضار المقاربة الأمنية لمعالجة الأوضاع الاجتماعية المتردية، كونها مطالب عادلة لكل أفراد هذا الوطن الذي مطلبه أن يعيش في وطن يحترم كرامة المواطن ومغرب يتسع للجميع".
من جهته، أكد رئيس الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان (مستقلة) إدريس السدراوي ضرورة "تغليب لغة الحوار والإنصات لنبض الشارع باعتباره التعبير الأصيل عن معاناة المواطنين ومطالبهم المشروعة، المرتبطة أساساً بالحق في العيش الكريم والصحة والتعليم وفرص العمل". وحمل السدراوي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، الحكومة "كامل المسؤولية عن اتساع رقعة الغضب الشعبي نتيجة اعتمادها على مقاربة تواصلية شكلية بدل سياسات عمومية ناجعة وملموسة"، داعياً السلطات إلى "التخلي عن المقاربة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات السلمية، والاعتراف بحق الشباب والفئات المتضررة في التعبير عن مواقفهم بشكل حضاري".
وشدد على أن معالجة الأزمة الراهنة تمر عبر حوار اجتماعي حقيقي يضم ممثلي الشباب والفاعلين الحقوقيين والنقابيين والمدنيين، مع جدول زمني محدد لتنفيذ الإصلاحات، لافتاً إلى أن الرابطة المغربية للمواطنة وحقوق الإنسان ستظل تتابع الأوضاع من كثب، وتدعم كل المبادرات السلمية الهادفة إلى بناء جسور الثقة بين الدولة والمجتمع، باعتبار ذلك الطريق الأسلم لتجاوز الأزمة الراهنة وضمان الاستقرار القائم على العدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.
وجاءت التحركات التي عرفها المغرب نهاية الأسبوع على خلفية نداء أطلقه ناشطون شباب تحت اسم "GENZ212"، وهي مجموعة ظهرت قبل أيام على تطبيق "ديسكورد" للتواصل واستقطبت آلاف المنخرطين في ظرف وجيز. وتركزت النقاشات فيها حول ملفات الصحة والتعليم وفرص العمل، مع تأكيد المنظمين سلمية مبادرتهم ودعمهم الملكية باعتبارها "ضامناً للاستقرار". وأطلق على الحدث اسم "مسيرة الشباب المغربي" في بعض الملصقات المنتشرة عبر الإنترنت، في حين شدد الواقفون وراء الدعوة إلى الاحتجاج على أن التظاهرة ستكون "سلمية وقائمة على مبدأ اللاعنف"، وأنه لن يجرى التسامح مع أي شكل من أشكال "العنف أو الاعتداء أو التخريب"، داعين المشاركين إلى احترام "المواطنين وقوات الأمن" والتصرف بـ"أدب ولباقة".

أخبار ذات صلة.

تفاؤل باتفاق قريب حول غزة
الشرق الأوسط
منذ 8 دقائق

«نوبل الفيزياء» لاكتشافات في ميكانيكا الكم
الشرق الأوسط
منذ 18 دقيقة

اتفاق على وقف فوري للنار بين دمشق و«قسد»
الشرق الأوسط
منذ 23 دقيقة

«الحرس الثوري» يتأهب صاروخياً للتهديدات
الشرق الأوسط
منذ 27 دقيقة