
عربي
يسود الترقب للتقرير الذي سيقدّمه الجيش اللبناني بشأن تطبيق خطة حصرية السلاح في الأيام القليلة المقبلة خصوصاً بعد التصريحات الأميركية الأخيرة المُشكّكة بخطوات لبنان الجدية بهذا المجال، والتي أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة اعتداءاتها و"صادقت" على ذرائعها لاستمرار خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار ولأي سيناريو تصعيدي محتمل.
وبحسب معلومات "العربي الجديد" فإن الجيش اللبناني سيقدم تقريره إلى الحكومة بشأن الخطوات التي يقوم بها في إطار تنفيذ خطة حصر السلاح في غضون أيام، ولكن لم يُحدد بعد موعد رسمي لذلك ولم يُعلَن عن جلسة للحكومة لاستعراض التقرير الذي هناك تكتم شديد حول مضمونه. وتبعاً للمعلومات، فإن الجيش سيعيد التشديد على العوائق التي تحول دون تنفيذ خطته ابتداءً من منطقة جنوب الليطاني، وعلى رأسها استمرار احتلال إسرائيل لنقاط في جنوب لبنان واعتداءاتها المستمرة على الأراضي اللبنانية، ممّا يمنع الجيش من استكمال انتشاره، وسيفصل الخروقات التي يقوم بها جيش الاحتلال، التي تجاوزت عتبة الـ4500 خرقاً، ويؤكد ضرورة أن يكثف لبنان عبر قنواته الدبلوماسية دعواته للضغط على إسرائيل لوقف هذه الخروق، عدا عن تكراره الحاجات المطلوبة لقيامه بمهامه، لوجستياً وبشرياً ومادياً.
ويأتي تقرير الجيش المنتظر على وقع تطورات داخلية حساسة، جعلت الأنظار منصبة على العلاقة بين قائد الجيش العماد رودولف هيكل ورئيس الوزراء نواف سلام ربطاً بـ"أحداث" إضاءة صخرة الروشة في بيروت، وسط انتقادات تعرّض لها هيكل والأجهزة الأمنية لعدم منعهم النشاط الذي أقامه حزب الله والتدخل لوقفه فور حصول المخالفة، وشككت تبعاً لذلك بقدرته على تنفيذ خطة سحب السلاح، ولا سيما أن حزب الله قام باستغلال ما حصل ليظهر بمظهر المنتصر سياسياً.
كما يأتي التقرير على وقع مطالبات دولية ولا سيما أميركية بضرورة قيام لبنان بخطوات جدية في إطار حصرية السلاح دون مطالبة إسرائيل بأي خطوة في المقابل، وذلك في ظلّ مخاوف بدأت تتزايد من تصعيد إسرائيلي قريب للعمليات العسكرية في لبنان للضغط على الحكومة اللبنانية، خاصةً بعد كلام الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم الأخير، الذي أكد فيه الانتصار سياسياً وعسكرياً وإعادة الترميم واستعادة القدرات للدفاع بحال أي عدوان ورفضه تسليم السلاح، وهو ما تستغله إسرائيل لتعزيز سرديتها حول إعادة حزب الله ترميم نفسه الأمر الذي لن تسمح به وستواصل اعتداءاتها حتى انهائه.
مصادر رسمية: لا مفاوضات مباشرة مع اسرائيل
في الإطار، تقول مصادر رسمية لبنانية لـ"العربي الجديد" إن "هناك خشية من تصعيد إسرائيلي، وللأسف لبنان لم يحصل على أي ضمانات بعدم حصول هكذا سيناريو، لكن الاتصالات مستمرّة للمطالبة بالضغط على إسرائيل من أجل وقف خروقاتها بما يسمح للجيش بتنفيذ خطته"، مشددة على أن "لبنان يقوم بخطوات جدية في إطار حصرية السلاح وهو ماض بالقيام بها، ولا يمكن للخارج أن يواصل الطلب فقط من لبنان القيام بخطوات بينما إسرائيل تعتدي وتنتهك وتخرق يومياً الاتفاق".
وتلفت المصادر إلى أن "لبنان لن يقوم بأي مفاوضات مباشرة مع إسرائيل، هذا الأمر غير موضوع على النقاش أساساً، وهناك اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي دخل حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، يجب تطبيقه، وعلى إسرائيل التوقف عن خرقه". وفي جلسة الخامس من سبتمبر/أيلول الجاري، رحّبت الحكومة بالخطة التي وضعتها قيادة الجيش ومراحلها المتتالية لضمان تطبيق قرار بسط سلطة الدولة بقوّاها الذاتية حصراً وحصر السلاح بيد السلطات الشرعية، على أن ترفع القيادة تقريراً شهرياً إلى مجلس الوزراء بهذا الشأن.
وعلى الرغم من قرار مجلس الوزراء إبقاء مضمون الخطة سرية، إلّا أن تصريحات الوزراء لوسائل الإعلام كشفت عن بعض تفاصيلها، ما حتّم على رئيس الحكومة نواف سلام الخروج بموقف حولها، ولا سيما أيضاً في ظلّ ما حكي عن أنها لا تتضمّن مهل زمنية، وبأنها شكّلت انتصاراً لحزب الله، بعدما اعتبر أنّ ما حصل في جلسة 5 سبتمبر كان بمثابة تراجع عن مقررات الحكومة التي اتخذت في جلستي 5 و7 أغسطس/آب الماضي، بشأن حصرية السلاح وإقرار أهداف الورقة الأميركية.
وكشف سلام أن المرحلة الأولى تتضمّن حصرية السلاح جنوبي الليطاني وفي سائر الأراضي اللبنانية عملية القيام باحتواء السلاح، بما يعني منع نقل أو استخدام السلاح، كما تتضمن ضبط الحدود والاستمرار باستلام سلاح المخيمات الفلسطينية، مشدداً على أن المرحلة الأولى منها مربوطة بمهلة زمنية 3 أشهر، وهناك مهلة ثانية هي الشهر ليرفع الجيش تقريره الدوري حول تنفيذ الخطة.
ومما تضمّنته الخطة أيضاً تفاصيل حول حاجات الجيش اللبناني لتعزيز إمكاناته والقيام بالمهام الموكلة اليه، والتي لا تشمل فقط سحب السلاح من حزب الله والمخيمات الفلسطينية، بل كذلك ضبط الحدود ومكافحة التهريب والمخدرات وغيرها من المهام، التي تحتّم أن تكون المساعدات الدولية غير تقليدية. علماً أن الموفد الأميركي توماس برّاك كان أشار في تصريح له قبل أيام، إلى أن أميركا لن تسلح الجيش اللبناني لقتال إسرائيل.
وخلال الفترة الماضية، استكمل الجيش اللبناني تسلّم السلاح من المخيمات الفلسطينية، وكان أبرزها حمولة خمس شاحنات أسلحة من مخيم عين الحلوة في صيدا جنوباً، وثلاث شاحنات من مخيم البداوي في طرابلس شمالي البلاد، وقد شملت العملية أسلحة نوعية وبأحجام مختلفة، سواء الثقيل والمتوسط والخفيف، ما اعتبر بمثابة انجاز يقوم به الجيش اللبناني في إطار حصرية السلاح. كذلك، نفذ الجيش اللبناني عمليات نوعية في إطار مكافحة الاتجار بالمخدرات وملاحقة المتورطين في ترويجها وتحديد وتفكيك سلاسل إمداد المخدرات عبر الأراضي اللبنانية، والتي طاولت مناطق تعدّ محسوبة على حزب الله ومجموعات لطالما اتهم بحمايتهم أو تأمين ممرات آمنة لهم.
ميدانياً، تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، واستهدفت غارة إسرائيلية بلدة عيترون جنوباً، اليوم الاثنين، من دون الإفادة عن وقوع إصابات. كما حلقت طائرات الاحتلال منذ ساعات الصباح في الأجواء اللبنانية ولا سيما جنوباً على علو منخفض.
