
عربي
مع توسّع الانتشار العسكري المصري في شمال سيناء شرقي البلاد، بدأت إسرائيل في رفع مستوى مراقبتها للوضع الميداني خلال الأيام الماضية، لمتابعة التحركات التي وُصفت بأنها غير مسبوقة على الحدود المصرية مع قطاع غزة، وكذلك على الحدود مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وكشفت مصادر قبلية وشهود عيان، لـ"العربي الجديد"، أن الجيش الإسرائيلي أطلق منطاداً عسكرياً للمراقبة فوق موقع كرم أبو سالم على الحدود مع مصر. وأوضحت المصادر أن هذا المنطاد يمكن رؤيته بالعين المجرّدة من مسافات بعيدة داخل سيناء، ويتيح متابعة دقيقة لكل التحركات العسكرية المصرية، خصوصاً في ظل الانتشار الكثيف وغير المسبوق داخل مدن رفح والشيخ زويد والعريش.
مصادر: القوات المنتشرة في الوقت الراهن لم يشهد سكان سيناء مثيلاً لها منذ عقود
وأشارت المصادر إلى أن حجم الانتشار العسكري المصري الحالي في المنطقة يفوق ما كان عليه الوضع خلال فترة مواجهة تنظيم ولاية سيناء التابع لتنظيم داعش، والتي استمرت لأكثر من عشر سنوات. فالوجود العسكري المصري بات شاملاً لمختلف مناطق شمال سيناء، في الوسط والشمال على وجه الخصوص، حيث نشر الجيش مئات الآليات وآلاف الجنود، وأعاد نصب الكمائن العسكرية بعد أن كان قد أزالها خلال العامين الماضيين مع تراجع العمليات ضد التنظيم.
أكبر انتشار في سيناء منذ عقود
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن القوات المنتشرة في الوقت الراهن لم يشهد سكان سيناء مثيلاً لها منذ عقود، حيث بات الانتشار العسكري مكثفاً بشكل خاص في المناطق القريبة من الحدود مع قطاع غزة، وكذلك الحدود مع الأراضي المحتلة. وأكدت مصادر أخرى أن قوات الجيش أغلقت مربعات كاملة، وحوّلتها إلى مناطق عسكرية مغلقة يُحظر على المدنيين الاقتراب منها، مشيرة إلى أن هذه المواقع تشبه قواعد عسكرية جديدة تضم قوات كبيرة وآليات استُقدمت خلال الأسابيع الأخيرة.
وفي المقابل، أفاد عدد من سكان القرى القريبة من الحدود المصرية مع الأراضي المحتلة بأنهم شاهدوا آليات عسكرية إسرائيلية ثقيلة جرى نشرها على الجانب الآخر من الحدود، بينها دبابات وناقلات جند، لم تكن موجودة في السابق، حيث اقتصر الوجود لسنوات على دوريات عسكرية خفيفة وجيبات، لكن خلال الأشهر الأخيرة، رُصدت حركة نشطة لهذه الآليات الثقيلة بشكل لافت. كذلك تحدّثت المصادر عن نشاط مكثف للطائرات المسيّرة الإسرائيلية على طول الحدود مع مصر على مدار الساعة، لمراقبة التحركات المصرية ومتابعة المسيّرات التي يطلقها الحوثيون باتجاه أهداف إسرائيلية. وأضافت أن مروحيات إسرائيلية تُسند هذه العمليات، وتعمل على التصدي للمسيّرات قبل وصولها إلى الأراضي المحتلة، بما في ذلك استهدافها أحياناً وهي لا تزال داخل الأجواء المصرية.
حاتم صابر: الوجود العسكري المصري في سيناء يهدف بالأساس إلى تأمين الحدود ضد مختلف المخاطر
وفي السياق، أكد العقيد حاتم صابر، الخبير الأمني وخبير مقاومة الإرهاب الدولي وحرب المعلومات، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن الوجود العسكري المصري في سيناء يهدف بالأساس إلى تأمين الحدود ضد مختلف المخاطر، بما فيها الإرهاب وعمليات التهريب. وأوضح أن هذه التحركات تحمل أكثر من رسالة، أولها للداخل المصري من خلال طمأنة الرأي العام بأن الانتشار العسكري لا يعني خروجاً عن المعاهدات أو خرقاً للالتزامات الدولية، بل يأتي في إطار صون الأمن القومي وحماية الحدود. أما الرسالة الثانية فموجهة إلى الخارج، وخصوصاً إسرائيل والولايات المتحدة، ومفادها أن أي تعزيز للقوات في سيناء يتم في إطار التنسيق المسبق مع أطراف معاهدة السلام، وبالتالي لا يشكل خرقاً أو تهديداً مباشراً.
وأضاف صابر أن تأكيد مصر أنها لم تخرق أي معاهدة أو اتفاق يُعد بمثابة تحصين قانوني ودبلوماسي لها، إذ يغلق الباب أمام أي ادعاءات إسرائيلية أو ضغوط أميركية تتعلّق بالانتشار العسكري، كما يمنح القاهرة مساحة واسعة للتحرك دفاعاً عن سيادتها في سيناء. وأشار إلى أن البيان المصري تجاوز البعد الأمني التقليدي، وربط الأمر مباشرة بالقضية الفلسطينية من خلال رفض توسيع العمليات العسكرية في قطاع غزة، ورفض سيناريوهات التهجير القسري إلى سيناء، إلى جانب إعادة التأكيد على حل الدولتين باعتباره المرجعية الوحيدة للسلام العادل.
رسائل متعددة
وأوضح الخبير الأمني أن هذه التصريحات تحمل في طياتها رسائل متعددة، فهي لإسرائيل رسالة واضحة بأن أي محاولة للضغط من أجل تقليص الوجود العسكري المصري ستبوء بالفشل، لأن هذا الانتشار يجري في إطار قانوني ومتفق عليه، وللولايات المتحدة، فإن الرسالة تتمثل في أن مصر ملتزمة بالسلام، لكنها في الوقت نفسه لن تقبل بالمساس بأمنها القومي أو بفرض حلول تمس جوهر القضية الفلسطينية. أما للفلسطينيين والعالم العربي، فهي تأكيد أن القاهرة ثابتة على موقفها الرافض لتصفية القضية الفلسطينية، وداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، ولا تقبل بأي حال من الأحوال نقل معاناة غزة إلى أراضيها.

أخبار ذات صلة.

ستارمر المأزوم يبحث عن خلاصه في الهند
العين الإخبارية
منذ 6 دقائق

عاما إبادة غزة يهزّان صورة إسرائيل في الغرب
العربي الجديد
منذ 38 دقيقة

شمال سيناء شاهدة على عامين من حرب غزة
العربي الجديد
منذ 38 دقيقة