انتخابات مولدوفا... مواجهة جيوسياسية بين روسيا والغرب
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
بعد حملة انتخابية هي الأسخن في تاريخ مولدوفا منذ استقلالها عن الاتحاد السوفييتي في عام 1991، يتوجه الناخبون المولدوفيون إلى صناديق الانتخابات، اليوم الأحد، لاختيار برلمان جديد يحدد مستقبل توجه البلاد شرقاً أم غرباً في السنوات المقبلة. وبعد نحو عام على إعادة انتخاب الرئيسة مايا ساندو لولاية رئاسية جديدة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بأغلبية ضئيلة من الجولة الثانية، ودعم المولدوفيين بفارق آلاف الأصوات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، عاشت الجمهورية السوفييتية السابقة ذات الموارد المحدودة والمكتوية بلهيب الحرب الروسية على أوكرانيا، على صفيح ساخن على خلفية صراع سياسي داخلي بين معسكرين. المعسكر الأول داعم لتقوية العلاقات مع موسكو، والمعسكر الثاني يدعو إلى تسريع التوجه نحو بروكسل. وعقّدت سياسات إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب حسابات جميع الأطراف الداخلية والخارجية المتصارعة لتحقيق الفوز في انتخابات يمكن أن تؤثر على تموضع مولدوفا الجيوسياسي. ويتمتع البرلمان المولدوفي بسيطرة كبيرة على السلطة التنفيذية من خلال الموافقة على رئيس الوزراء ومجلس الوزراء، مما يجعل نتيجة هذه الانتخابات بالغة الأهمية. الأولوية الاقتصادية في الانتخابات من المرجح أن تُشكّل قضايا محلية وجيوسياسية رئيسية ركيزةً أساسيةً في قرار الناخبين المولدوفيين عند توجههم إلى صناديق الاقتراع. على الصعيد المحلي، يُرجّح أن تكون مكافحة الفساد وتحسين الأوضاع الاقتصادية، وضمان الوصول إلى إمدادات طاقة مستقرة وبأسعار معقولة من أبرز أولوياتهم. أما على صعيد السياسة الخارجية، فيتعيّن عليهم الاختيار بين مواصلة السعي نحو الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي أو العودة إلى علاقات أكثر دفئاً مع روسيا، مع الأخذ في الاعتبار التداعيات الأمنية المحتملة لكلا الخيارين. وحسب استطلاع مؤسسة "إي داتا" في 20 أغسطس/ آب الماضي، قال نحو 20% من المشاركين في الاستطلاع إنهم لم يحددوا خياراتهم. وفي الاستطلاع ذاته، قال 57.1% إنهم يؤيدون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، بينما يعارضه 36%. أما فيما يتعلق بالعلاقات مع روسيا والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، فتتباين الآراء بشكل أكبر، مع أن أغلبية طفيفة (49.5%) تعارض توثيق العلاقات. ورفض 59.3% الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وعند سؤالهم عن مسار تنمية البلاد، قال 33.1% إن مستقبلهم يكمن حصرياً في الاتحاد الأوروبي، بينما رأى 8.6% أنه يكمن في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وفضّل 36.8% سياسة متوازنة، أي التعاون مع كل من الاتحاد الأوروبي وروسيا بدون الانضمام إلى أيٍّ من الكتلتين. تُمثل الانتخابات اختباراً آخر لقدرة مولدوفا على الصمود في وجه التدخل الروسي وحسب كيشيناو وبروكسل، تُمثل الانتخابات اختباراً آخر لقدرة مولدوفا على الصمود في وجه التدخل الروسي المستمر في الانتخابات، وتكتيكات الحرب الهجينة الأوسع نطاقاً. وكشفت وقائع الأسابيع الأخيرة أن الكرملين سخّر إمكانات هائلة، ومارس ضغوطاً غير مسبوقة لعرقلة توجّه مولدوفا غرباً. وفي المقابل، عمل القادة الأوروبيون طوال الصيف على دعم الرئيسة ساندو وحزبها. وأكد الاتحاد الأوروبي، الخميس الماضي، أن مولدوفا تواجه "حملة تضليل إعلامي غير مسبوقة" تقودها روسيا. ولفتت المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية أنيتا هيبر إلى أنها "ليست المرة الأولى التي تلجأ فيها روسيا إلى أساليب تلاعب وتضليل تقليدية، لكنها اليوم تذهب أبعد من ذلك بكثير". وأضافت أن موسكو "تتدخل بشكل كبير في العملية الانتخابية". ونفت موسكو هذا الأمر، واتهمت السلطات المولدوفية بنشر خطاب معادٍ لروسيا. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في بيان: "تخشى السلطات الانتخابات بشدة، لدرجة أنها تعيق ترشيح المتقدمين، والمشاركة في الانتخابات، ومراقبة عملية التصويت". الدور الروسي في الانتخابات واتهمت ساندو، الاثنين الماضي، روسيا بإنفاق مئات الملايين من الدولارات للتأثير على نتائج الانتخابات وشراء الأصوات عبر وكلائها في الداخل. كما ذكرت تقارير استقصائية نشرتها "بلومبيرغ" و"بي بي سي" بنسختها الروسية، هذا الأسبوع أن هناك حملة إعلامية غير مسبوقة من قبل الكرملين لبثّ الإشاعات والتحريض ضد ساندو وحزبها "التضامن والعمل". وفي مؤشر إلى حالة التنافس الحادة والأهمية الاستثنائية للانتخابات، ذكر تقرير لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي، الثلاثاء الماضي، أن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى "احتلال مولدوفا". ورأى التقرير أن "بروكسل لا تنوي التخلي عن خططها لاحتلال مولدوفا، حتى لو لم يتطلب الوضع بعد الانتخابات تدخلاً خارجياً. من المتوقع نشر القوات في وقت لاحق. ولإيجاد ذريعة، يُتوقع القيام باستفزازات مسلحة ضد ترانسنيستريا (إقليم مولدوفي يضم موالين لروسيا) والقوات الروسية المتمركزة في المنطقة". وذكر التقرير أن التحضيرات بدأت لذلك، وتتمركز وحدات عسكرية تابعة لحلف "ناتو" حالياً في رومانيا بالقرب من الحدود المولدوفية. ويُجهّز الاتحاد الأوروبي "قوة إنزال" في منطقة أوديسا الأوكرانية لتخويف ترانسنيستريا، وفق التقرير. وخلص إلى أن الاتحاد الأوروبي يريد الحفاظ على سياسات كيشيناو المعادية لروسيا، ويخطط للقيام بذلك بأي ثمن، بما في ذلك نشر القوات والاحتلال الفعلي للبلاد، وأنه "في إطار السعي لتجنب مواجهة مباشرة مع روسيا، تعتزم النخب الأوروبية الانتقام في مولدوفا الصغيرة". حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الأربعاء الماضي، من منصة الأمم المتحدة من أن "روسيا تحاول أن تهاجم مولدوفا". وشدّد على أنه "لا يمكن لأوروبا أن تخسر هذه الدولة ولا ينبغي أن تضيع مولدوفا"، وحض الاتحاد الأوروبي على "مساعدة مولدوفا فوراً ليس فقط عبر التمويل بل أيضاً بتقديم الدعم الكامل". ومن الواضح أن زيلينسكي يخشى من خسارة مولدوفا بصفتها داعماً أساسياً لبلاده. وعلى عكس بلدان جنوب القوقاز وآسيا الوسطى التي دعت إلى تسوية سياسية للحرب، ولم تصطف بشكل واضح مع أي من البلدين، دعمت مولدوفا أوكرانيا بقوة، وفيها مائة ألف لاجئ أوكرانيا حالياً، وعبرها انتقل 1.5 مليون أوكراني إلى بلدان الاتحاد الأوروبي. وساهمت مولدوفا في تصدير المنتجات الزراعية الأوكرانية عبر نهر الدانوب. وعلى الرغم من أن مولدوفا دولة فقيرة وصغيرة فإن تداعيات الانتخابات فيها يمكن أن تكون كبيرة على أمن أوروبا واستقرارها. وفي حال أفرزت الانتخابات فوز دعاة التقارب مع روسيا، فإن البنية الداعمة لأوكرانيا ستضعف، مما يقوّض صلابة الاتحاد الأوروبي في شرقه. وهذا بدوره سيزيد خطر وقوع هجمات عسكرية قرب حدود الاتحاد، حيث تبدو رومانيا مهددة بشكل خاص. تلطخت صورة الحزب الحاكم بفضائح فوز أقارب نوابه بمناقصات مربحة الانطلاقة من أوديسا ومن المؤكد أن أي حكومة مولدوفية موالية لروسيا توفر، نظرياً على الأقل، قاعدة شرقية لشن هجمات على أوكرانيا، أو حتى لفتح جبهة جديدة ضد المناطق الجنوبية خصوصاً مدينة أوديسا التي يعتبرها كثير من القوميين الروس أرضاً روسية يجب استعادتها، من أجل "تحقيق النصر على الغرب ووقف العبث الغربي في محيطها السوفييتي". وتحتفظ روسيا بنحو 1500 جندي روسي متمركزين بالفعل في قاعدة عسكرية في منطقة ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لروسيا على حدود أوكرانيا. وفي السنوات الأخيرة عملت روسيا على منح معظم مواطني ترانسنيستريا الجنسية الروسية، كما فعلت في عدة أقاليم انفصالية في أوكرانيا وجورجيا. وقد تشكل حماية الروس مدخلاً للتدخل العسكري، كما جرى في أوسيتيا الجنوبية (إقليم جورجي) والأقاليم الأوكرانية، في سنوات مختلفة. وسعى الأوروبيون إلى دعم ساندو وحزبها "العمل والتضامن" الذي يستحوذ حالياً على أغلبية 63 مقعداً في البرلمان الحالي المكون من 101 مقعداً، ويدعم التوجه الأوروبي. وما زال السكان يدعمون عموماً الانضمام إلى الاتحاد، غير أن نسبة التصويت المتوقعة لصالح "العمل والتضامن" تراجعت، وإن كان لا يزال في الصدارة في استطلاعات الرأي. ويعود هذا الانخفاض من 52.8% في الانتخابات البرلمانية السابقة في يوليو/تموز 2021 إلى 25.8% في 20 أغسطس 2025، حسب استطلاعات أجرتها "أي داتا"، إلى الاستياء الشعبي من الحزب وعدم التقدم في تنفيذ برنامجه السياسي. وفي حملته الانتخابية السابقة، تعهد الحزب بمحاربة الفساد، وجعل القطاع العام أكثر كفاءة، وتحسين الاقتصاد، لكنه لم يحقق تقدماً ملموساً في أي من هذه المجالات. ويقدّم الحزب مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي باعتباره إنجازه الأبرز. إلا أن غياب الفوائد الملموسة جعل الناخبين ينفرون بشكل متزايد من هذه العملية. وعاشت حكومة "العمل والتضامن" في حالة أزمة خلال معظم فترة حكمها، فإضافة إلى جائحة كورونا، تعاملت مع مجموعة من التهديدات الروسية، مثل أزمة الطاقة المستمرة وارتفاع أسعار الغاز ثم انقطاع الإمدادات، إضافة إلى خسائر كبيرة في الصادرات إلى روسيا وأوكرانيا بعد 2022، ما ساهم في ركود اقتصادي. ووفقاً للمكتب الوطني للإحصاء، وصل النمو الاقتصادي في عام 2024، إلى 0.1% فقط، بينما ارتفع معدل الفقر المدقع من 31.6% إلى 33.6%. ويُثير الوضع في القطاع الزراعي القلق، حيث يُنظم المزارعون الغاضبون احتجاجات منتظمة في وسط كيشيناو. ونجحت الحكومة المولدوفية في الحصول على دعم مالي وسياسي كبير من بروكسل. وقدّم الاتحاد الأوروبي هذا العام مساعدات مالية بقيمة 1.9 مليار يورو. وتفضّل بروكسل عدم رؤية تغيير في الحكومة. ويُعد حزب التضامن والعمل خياراً جيداً للمسؤولين الأوروبيين: فهو يدعم أوكرانيا، وهو في صراع مع موسكو، ولا يسبّب مشاكل جيوسياسية للاتحاد الأوروبي. بيد أن نتائج الانتخابات قد تفرض على "العمل والتضامن" تشكيل ائتلاف مع واحد أو أكثر من أحزاب المعارضة الموالية لروسيا، وهي مجموعات تدعو إلى إبعاد مولدوفا عن أوروبا، وتروج لفوائد الانضمام إلى تكتلات مثل الاتحاد الاقتصادي الأورواسي الذي أسسته روسيا، ومجموعة "بريكس". منذ الصيف الماضي عمل الأوروبيون على تمكين ساندو في الحكم انفصاليون في الواجهة وحسب الاستطلاع ذاته الشهر الماضي، من المتوقع أن تحصل "الكتلة الوطنية" التي تشمل أربعة أحزاب تضم الشيوعيين والاشتراكيين و"قلب مولدوفا" و"مستقبل مولدوفا" المدعومين من روسيا على 19.7%. وبعد توزيع أصوات الناخبين للأحزاب التي لن تتجاوز حاجز 5% المطلوب على الأحزاب الفائزة و7% للتكتلات، من المتوقع حصول "التضامن والعمل" على 36% مقابل 27.5% للكتلة المدعومة من روسيا، وأن يحصل حزب البديل (توجه أوروبي) على 11.3%. ويوم الخميس الماضي، قررت محكمة الاستئناف في كيشيناو بناء على طلب وزارة العدل، وقف أنشطة حزب "قلب مولدوفا" بقيادة إيرينا فلاه الزعيمة السابقة لمنطقة غاغاوزيا الانفصالية السابقة (في قلب مولدوفا). ويشارك الحزب في التحالف الانتخابي الموالي لروسيا، ومنحته الاستطلاعات قرابة 8%، ولهذا فإن منعه من المشاركة قد يحرم داعمي التوجه الروسي قسماً من ناخبيهم. ومنذ الصيف الماضي عمل الأوروبيون على تمكين ساندو في الحكم، وتلقت دفعةً قويةً في يونيو/حزيران 2024، عندما بدأ الاتحاد الأوروبي رسمياً مفاوضات الانضمام، وهي خطوةٌ تاريخيةٌ في مسار اندماج البلاد فيه. وفي وقتٍ لاحقٍ من ذلك العام، وتحديداً في أكتوبر/تشرين الأول 2024، وافق استفتاء وطني بأغلبية ضئيلة على تعديل دستوري يُكرس عضوية الاتحاد الأوروبي هدفاً وطنياً استراتيجياً. وفي يونيو 2024، فُتحت رسمياً مفاوضات انضمام مولدوفا للاتحاد الأوروبي بعد حصولها على وضع مرشح في صيف 2022. وكرر الأوروبيون تكتيكاتهم السابقة في دعم مولدوفا هذا العام، وعقدوا أول قمة ثنائية معها في كيشيناو في يوليو الماضي، وتعد القمة حدثاًً بارزاً في تاريخ مسيرة البلاد المتواصلة منذ نحو عقدين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. وفي مؤشر إلى إدراك الأوروبيين مدى أهمية مولدوفا، سافر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني فريدريش ميرز، ورئيس الوزراء البولندي دونالد توسك، إلى مولدوفا في أواخر أغسطس الماضي للتحدث عن الوحدة والالتزام تجاه هذا البلد. في المقابل، فإن نجاحات حكومة "التضامن والعمل" المحدودة في قضايا محاربة الفساد المستشري في القضاء وبناء اقتصاد قوي تقوض فوائد القمة المعنوية، والدعم الأوروبي. ولم تؤدّ أي قضية فساد كبرى خلال السنوات الأربع الماضية إلى أحكام بالسجن. وقد فرّ قطبا الأعمال الشهيران فلاديمير بلاهوتنيوك وإيلان شور، المتورطان في سرقة مليار دولار من مصارف مولدوفا قبل 11 عاماً، من البلاد ولا يزالان طليقين، ويتدخلان في السياسة الداخلية لمولدوفا من الخارج. قلق من خطابات ترامب ولم يُحاكم أيٌّ من المدعين العامين والقضاة والسياسيين على الرغم من تعهد حزب العمل والتضامن بـ"تطهير شامل" لجهاز الدولة. وإضافةً إلى ذلك، تلطخت صورة الحزب بفضائح فوز أقارب نوابه بمناقصات مربحة. وأضعفت إعادة انتخاب ساندو واستفتاء الاتحاد الأوروبي بأغلبية ضئيلة، من أهمية التفويض الممنوح لها ولحزبها. وشجعت هذه النتائج الكرملين على زيادة تدخلاته. وتاريخياً، كانت دول ما بعد الاتحاد السوفييتي، خصوصاً تلك التي تضم عدداً كبيراً من السكان الناطقين بالروسية أو أتباع الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، أكثر عرضة للاستهداف والتأثير من قِبل روسيا التي تأمل في إبعاد مولدوفا عن جيرانها المباشرين أوكرانيا ورومانيا، وجرها مرة أخرى إلى مشاريعها الجيوسياسية. أي حكومة مولدوفية موالية لروسيا توفر قاعدة شرقية لشن هجمات على أوكرانيا في كيشيناو، يتابع المسؤولون بقلق خطاب دونالد ترامب الذي لا يستبعد إمكانية إبرام صفقة مع روسيا من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا. وتنطلق تقديرات النخبة الحاكمة في مولدوفا من حسابات صعبة معقدة، فاستمرار المعارك يشكل عامل ضغط على اقتصادها واستقرارها الداخلي، ويبقيها في دائرة الخطر العسكري، وتحت ضغوط روسية لتعديل موقفها من الحرب. وفي حال انتهت الحرب بصفقة مع ترامب، تضمن ضم روسيا للمناطق الأربع في أوكرانيا (لوغانسك، دونيتسك، زابوريجيا، خيرسون)، أن شهية الكرملين يمكن تمتد إلى أوديسا الحدودية مع اقليم ترانسنستيريا الانفصالي عن مولدوفا. ووقف المعارك في أوكرانيا بشروط الكرملين يتيح له إعادة توزيع موارده، بما في ذلك استعادة نفوذه المفقود في الفضاء السوفييتي السابق. وفي هذه الحالة، قد تُصبح مولدوفا، التي اتبعت نهجاً مناهضاً لروسيا خلال السنوات الثلاث الماضية، أحد أول أهداف الضغط السياسي والإعلامي وصولاً إلى التدخل العسكري. مولدوفا والدعم الغربي وإذا وصلت المفاوضات بين الولايات المتحدة وروسيا إلى طريق مسدود، فقد تفقد واشنطن اهتمامها بالملف الأوكراني، وبالتالي بالمنطقة بأكملها. وحينها سيكون على كيشيناو البحث عن سبل لمواصلة النهج المؤيد لأوروبا في ظل غياب الدعم الأميركي وتزايد النفوذ الروسي. في الوقت ذاته، من غير المرجح أن يواصل الغرب دعمه لمولدوفا بنفس الزخم الذي شهده عقب اندلاع الحرب الشاملة في أوكرانيا. منذ فبراير/شباط 2022 إلى منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2022، قدمت الولايات المتحدة نحو 200 مليون دولار مساعداتٍ لكيشيناو، ذهب جزء كبير منها لتحديث القوات المسلحة المولدوفية. وفي نهاية عام 2024، أُعلن أن إجمالي المساعدات الأميركية المقدّمة لمولدوفا منذ فبراير 2022 سيصل إلى 949 مليون دولار، وشملت تمويل مشاريع إنسانية واقتصادية. ومع توقف عمل الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (يو أس إيد) في تمويل إنشاء خط كهرباء عالي الجهد بين مولدوفا ورومانيا، ستتأثر جهود ساندو في تقليل اعتماد البلاد على موارد الطاقة الروسية والكهرباء المنتجة في ترانسنيستريا. ومن المؤكد أن لدى مولدوفا شركاء خارجيين، أبرزهم الاتحاد الأوروبي. لكن الأوروبيين لم يقدموا في السابق تمويلاً سخياً للبلاد، ومن الصعب أن يرفعوا دعمهم في ظل انشغالهم في دعم أوكرانيا، وسعيهم إلى زيادة قدراتهم الدفاعية لمواجهة "حرب هجينة" يتهمون روسيا بشنها على البنى التحتية في عدة دول، فيما يتراجع دور الولايات المتحدة بوصفها ضامناً أمنياً وفق سياسات ترامب المعلنة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية