الخلافات الكردية تعود إلى سورية: معوقات أمام وحدة الصف
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
لم تكد العلاقة ما بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، أكبر تشكيلين سياسيين كرديين في سورية، تتجه إلى نسج تفاهمات فرضتها التطورات في البلاد لترتيب المشهد في الشمال الشرقي من سورية، حتى عادت إلى المربع الأول من التوتر والتراشق الإعلامي بالبيانات، ما يؤكد أنهما لم يتجاوزا عتبة الخلافات بينهما بعد. وقال المجلس الوطني في بيان، الخميس الماضي، إن النار أُضرمت في مكتبه في بلدة عامودا بريف الحسكة أقصى الشمال الشرقي من سورية "بطريقة مشابهة لحوادث سابقة استهدفت عشرات مكاتب المجلس وأحزابه كانت تقوم بها مجموعات مسلحة تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي". وعدّ أن هذه الأعمال "تسعى إلى زرع الفتنة وزعزعة وحدة الصفّ الكُردي وإثارة التوتر بين الأطراف، وهو ما يشكل محاولة واضحة لضرب الجهود المبذولة لتعزيز التفاهم الكردي ـ الكردي"، وفق البيان الذي طالب بـ"تحقيق شفاف وعاجل للكشف عن الجريمة والجهات التي تقف وراءها، بما يضمن عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات". وهذه المرة الأولى التي يتعرض فيها مقر للمجلس الوطني الكردي للاعتداء بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول الماضي، فالعديد من مكاتب المجلس كانت قد تعرضت خلال السنوات الماضية للحرق من قبل ما يُعرف بـ"الشبيبة الثورية" التي يُنظر إليها على أنها إحدى أذرع حزب الاتحاد الديمقراطي المسيطر على "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) من خلال ذراعه العسكرية (وحدات حماية الشعب). أُضرمت النار في مكتب المجلس الوطني الكردي في بلدة عامودا اتهامات بزعزعة الاستقرار في المقابل، قال رزكار قاسم، ممثل "مجلس سوريا الديمقراطي" (الجناح السياسي لقسد) في ألمانيا، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه ليس هناك ما يثبت الاتهام على "الاتحاد الديمقراطي" لأنه طرف أساسي في مؤتمر وحدة الصف الكردي الذي انعقد في إبريل/نيسان الماضي. ورأى أن هناك "جهات أخرى لم ترتح لقرارات مؤتمر وحدة الصفّ الكردي، وعلى رأسها تركيا وبعض الفصائل والأطراف ضمن السلطة الانتقالية التي عبرت عن رفضها هذا المؤتمر"، مضيفاً أن "أصابع الاتهام موجهة إلى هؤلاء، فهذه الجهات تعمل على زعزعة الاستقرار في شمال شرق سورية". كما اتهم قاسم "بعض الأكراد الذين لا يحبذون نجاح وحدة الصف الكردي خدمةً لمصالحهم الشخصية التي تعلو على مصالح القضية الكردية بضرب استقرار المنطقة"، متهماً هؤلاء بأنهم "على تنسيق دائم مع تركيا وبعض الأطراف الموجودة اليوم في مفاصل السلطة الانتقالية". في السياق، رأى طلال محمد، رئيس حزب السلام (من أحزاب الإدارة الذاتية التي يقودها الاتحاد الديمقراطي)، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المجلس الوطني "استعجل في إصدار البيان، فالتحقيقات لم تنته بعد". وقلّل محمد من أهمية الحادث لجهة خلق خلافات جديدة بين المجلس و"الإدارة الذاتية" و"الاتحاد الديمقراطي"، واصفاً حرق مكتب المجلس بـ"الحادث البسيط"، ومضيفاً أن "هناك شخصيات موجودة في الخارج تحاول استغلال أي حادث لخلق فتن في الحركة الوطنية الكردية. طلال محمد: شخصيات في الخارج تحاول استغلال أي حادث لخلق فتن في الحركة الوطنية الكردية وكان التنافس بين المجلس و"الاتحاد الديمقراطي" في أشدّه قبل سقوط نظام الأسد، وأخذ أشكالاً ذات طابع عنفي وصل إلى حدّ إقصاء المجلس المدعوم من كردستان العراق عن القرار الكردي في شمال شرق سورية. ولكن الأحداث والتحديات الكبيرة التي برزت بُعيد سقوط نظام الأسد دفعت المجلس والاتحاد إلى تجاوز الكثير من الخلافات، فتوصلا في إبريل الماضي، خلال مؤتمر حمل عنوان "وحدة الصف الكردي"، إلى وثيقة سياسية موحدة تضمنت الكثير من البنود/المطالب، لعل في مقدمتها إقرار النظام اللامركزي في سورية، وضمان حقوق الأكراد في الدستور المقبل. وشكّل الطرفان وفداً مشتركاً للتفاوض مع دمشق حول هذه المطالب، إلا أنه لم تعقد حتى اللحظة أي جولة مباحثات مع الحكومة التي تفاوضت مع "قسد" وإدارتها الذاتية من أجل الدمج في الهيكلية العسكرية والإدارية للدولة السورية. تباينات بين أكراد سورية والتباين السياسي بين الاتحاد والمجلس شديد لجهة التعاطي مع الملف الكردي في سورية، فالمجلس يدعو إلى حصر الاهتمام في المناطق ذات الغالبية الكردية، بينما تربط "قسد" هذه المناطق بأخرى عربية تسيطر عليها في محافظات الرقة ودير الزور والحسكة، وتريد أن تبقى الجهة المتفردة بالقرار في مجمل ما يُعرف بـ"شرق الفرات". وتشير الوقائع إلى أن "قسد" تدفع باتجاه تحييد المجلس الوطني عن المشهد السياسي الكردي في البلاد، لتبقى الجهة المفاوضة الوحيدة حول هذا الملف المعقّد، الذي بات التحدي الأكبر أمام دمشق التي، كما يبدو، تسعى إلى فكفكة خيوطه المتشابكة سلماً، لتجنيب البلاد دورة عنف ربما تأخذ طابعاً قومياً. وأقرّ الباحث السياسي المقرب من "الإدارة الذاتية" إبراهيم مسلم، في حوار مع "العربي الجديد"، بأن الخلاف بين الجانبين "موجود"، مضيفاً: "اتفقا في مؤتمر وحدة الصف والموقف لإرضاء جماهيرهما لكن قناعاتهما وعقلياتهما الضيقة لا تزال نفسها. الكل يفكر في الكرسي والقيادة، لا يفكر في مصلحة الشعب، أو أعضاء حزبه على الأقل". وتابع: "هناك أشخاص وجماعات من الطرفين لا يرغبون باستمرار هذا الموقف الموحد، والمشاكل بدأت منذ أن جرت دعوة المجلس الكردي إلى دمشق من السلطة المؤقتة، وليس الوفد الكردي الذي انتُخب عن المؤتمر". وتوقع مسلم أن يستغل "أشخاص أو جماعات" حادثة حرق مقر المجلس الوطني في عامودا لـ"خلق شرخ وخلاف". ومنذ بدء الثورة السورية في عام 2011، بدأ التجاذب السياسي بين المجلس والاتحاد حول الورقة الكردية في البلاد، ثم انعكس على المشهد الكردي برمته الذي يضم أحزاباً وتيارات وتشكيلات سياسية بعضها يبدو منسجماً مع السلطة الجديدة بالبلاد، وأبرزها رابطة الكرد المستقلين.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية