
عربي
يروي الناشط النيوزيلندي يوسف سمور، من أصول فلسطينية، المشارك في "أسطول الصمود العالمي" لكسر الحصار عن غزة، في حديث لـ"العربي الجديد" اليوم الخميس، تفاصيل رحلة قوارب الأسطول والهجوم الذي تعرضت له ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء من قبل مسيّرات مجهولة. وكشف أن "قوارب الأسطول باتت تفصلها عن جزيرة كريت اليونانية أميال قليلة، حتى إنني تمكنت من رؤية الجزيرة"، موضحاً أن إدارة الأسطول قررت الإبحار بمحاذاة السواحل اليونانية أكثر لضمان توفير أجواء أكثر أمناً للقوارب وطواقمها. ومن المقرر أن تنضم ست سفن يونانية اليوم أو غداً إلى أسطول الصمود العالمي الذي يواصل إبحاره نحو غزة.
وفي ما يتعلق بهجوم بالمسيّرات الذي تعرّض له الأسطول ليلة الثلاثاء والأربعاء، قال سمور: "المسيّرات التي هاجمتنا لم نرها، ولكن سمعنا أصواتها قريبة ومرتفعة للغاية. وما إن سمعت هذه الأصوات، حتى هرعت لإيقاظ باقي أعضاء طاقم القارب النائمين، ومن ثم ارتدى الجميع سترات النجاة، وتواصلنا مباشرة مع القارب الرئيس للأسطول "فاميلي" الذي يقلّ المنظمين من أجل التوجيه". وأضاف: "أصدرت إدارة الأسطول على الفور تعليمات لجميع أطقم القوارب بسرعة ارتداء سترات النجاة وأن يصعدوا إلى سطح القوارب انتظاراً لمزيد من التوجيهات. عندها، توليت قيادة القارب ورفعت سرعته وبدأت أناور به يمنة ويسرة في خطوط متعرجة حتى أتبين إن كانت هذه المسيّرات تلاحقنا أو لا، إلى أن تأكدنا أنها تلاحقنا بالفعل".
وتابع سمور: "هكذا، بدأت الإسراع والمناورة أكثر وأكثر، إلى أن اقتربت المسيّرة للغاية منا وأطلقت علينا قذائف، لم تكن متفجرات، بل مواد كيميائية تشبه الكبريت، وبفضل الله، ثم بفضل مناورتنا بالقارب كادت هذه القذائف نزلت على القارب، ولكنها نزلت على مسافة مترين من القارب، حيث تطايرت بعض هذه المواد على وجهي إثر ارتطامها بالماء، فأحسست بتهيج شديد في وجهي". وأشار الناشط النيوزيلندي ـ الفلسطيني إلى أنه "كانت ثمة تعليمات مستدامة من قبل إدارة الأسطول أنه في حال وقوع هجوم بالمسيّرات فإن على الجميع الإسراع بارتداء سترات النجاة وقمصان بأكمام طويلة وسراويل وأحذية محكمة الإغلاق، في تدابير حمائية للجلد، والصعود إلى سطح القوارب وأن يحملوا معهم جوازات سفرهم. ونحن نتدرب كل يوم على إجراءات للسلامة والأمان، وعلى سيناريوهات مختلفة، من بينها أيضاً كيفية التعامل في حالة اعتراض القوارب".
وأوضح أن هجوم ليلة الثلاثاء ـ الأربعاء "نفذته 14 مسيّرة، ثلاث منها أطلقت هجوماً كيميائياً، كما حدث مع قاربنا، فيما تمثل هجوم الـ11 مسيّرة الأخرى بإلقاء متفجرات وقنابل صوتية مفزعة، محدثة انفجاراً محدوداً، وتسببت في أضرار بأربعة قوارب، من دون أن يصاب أي من الطواقم بأضرار". يوسف سمور، المولود لأبوين فلسطينيين، كلاهما من مواليد عام النكبة 1948، وعاش في الإمارات حتى بلغ العاشرة، حين قرر أبواه الهجرة إلى نيوزيلندا، هو أحد 3 أشخاص يشكلون الوفد النيوزيلندي المشارك في الأسطول، إضافة إلى رنا حميدة (نيوزيلندية من أصل فلسطيني) وصمويل ليسون، وهو أصغر مشارك في الأسطول (18 عاماً). وقد غادروا نيوزيلندا يوم 25 أغسطس/آب الماضي إلى برشلونة.
وفي ما يتعلق بمشاركته في أسطول الصمود العالمي، أوضح سمور أنها "ليست المرة الأولى التي يشارك فيها في مبادرات لكسر الحصار المفروض على غزة: المرة الأولى كانت في عام 2018 واستمرت الرحلة على ظهر قارب كبير (نحو 24 متراً) لمدة 3 أشهر بدأناها في أمستردام وانتهت بجزيرة صقلية مروراً بإسبانيا والبرتغال وفرنسا وإنكلترا ومالطا وجزيرة سردينيا". وأضاف: "كنا نمكث في كل بلد حوالى 3 أيام، حيث كنا نلتقي نظراءنا من النشطاء، وبرلمانيين وصحافيين وجاليات فلسطينية، وهؤلاء كانوا ينظمون تظاهرات على هامش زيارتنا أيضاً لتوعية الشعوب على ضرورة مقاطعة إسرائيل، ولكني لم أتمكن من مواصلة الرحلة إلى غزة، إذ منعني قائد القارب وطاقمه من استكمالها، وكان السبب أنه في حال ذهابي، باعتباري فلسطيني الأصل، إلى هناك، سيمنعونني من دخول فلسطين لمدة 10 سنوات".
وتابع: "المرة الثانية كانت في العام الماضي على متن القارب حنظلة، انطلقنا فيها من فرنسا وانتهت الرحلة أيضاً في صقلية، حيث تعرض القارب لمشاكل فنية، وفي الصيانة مُنع من مواصلة الرحلة"، معرباً عن أسفه وإحباطه الشديدين "من موقف الحكومة النيوزيلندية السلبي من القضية الفلسطينية عموماً، حتى إنها لم تحذُ حتى الآن حذو بريطانيا وأستراليا وكندا وغيرها الكثير من الدول في الاعتراف بدولة فلسطين ومن الإبادة الجماعية المتواصلة في غزة منذ ما يقرب من عامين على وجه الخصوص، وكذا من أسطول الصمود العالمي، ولا أتوقع أن تتحرك لحماية رعاياها إذا حدث أي مكروه".
في المقابل، أشاد بـ"موقف أحزاب المعارضة، ولا سيما حزبا الخضر والماوري، وحزب العمال الذي انضم إليهما أخيراً، الداعم بقوة للقضية الفلسطينية والمطالب بفرض عقوبات على إسرائيل من خلال مبادرات داخل البرلمان والمشاركة في المسيرات والتظاهرات والفعاليات المختلفة على مدار عامين جنباً إلى جنب مع المنظمات المؤيدة لفلسطين في نيوزيلندا". وأضاف: "الرسالة التي أود إيصالها هي أننا، بكوننا مشاركين في هذه المبادرة، أشخاص مدنيون، وما نقوم به الآن ليس دورنا، ولكننا نواصل جهودنا هذه لأن الحكومات فشلت في الاضطلاع بها، وتقاعست عن أداء الدور المنوط بها، شأنها في ذلك شأن قوات حفظ السلام والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية والمنظمات الحقوقية والإنسانية التي ترفع شعارات التنديد بالإبادة الجماعية من دون أن تحرك ساكناً".
ودعا سمور "شعوب العالم، والشعب النيوزيلندي، إلى مواصلة التعبير عن رفضها وإدانته لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم ضد الإنسانية من قبل دولة الاحتلال والمطالبة بفرض عقوبات عليها". وختم بالقول: "نعوّل كثيراً على الدعم المعنوي للشعوب وعلى متابعتها لتحركات أسطول الصمود أولاً بأول والتفاعل معها، وكذا على التغطية الإعلامية من قبل التلفزيونات والإذاعات والصحف ومواقع التواصل الاجتماعي، لأننا نؤمن بأن في ذلك أمننا وسلامتنا".
