
عربي
توقع مرصد (BPCE) للتأمينات في فرنسا وهو هيئة أبحاث اقتصادية، أن تعلن نحو 69 ألف شركة في فرنسا إفلاسها مع نهاية العام، مشيراً إلى أن القطاعات الأكثر عرضة لإفلاس شركاتها هي النقل والبناء، حيث أدى ارتفاع التكاليف إلى إضعاف توازناتها. وكشف المرصد أنه من بين 245 ألف شركة أُسست خلال السنوات الأربع الماضية، أفلست نحو 25% منها، وهو معدل يُقارن بما كان عليه في 2019، قبل الجائحة.
وذكرت صحيفة ليزيكو الفرنسية أنه في نهاية العام الماضي، كان معظم الاقتصاديين يتوقعون تراجعاً في عدد حالات الإفلاس ابتداء من النصف الثاني من عام 2025. لكن الأمر لم يكن كذلك بالنظر إلى المناخ الاقتصادي والسياسي الحالي في فرنسا، لهذا قدّر مرصد "BPCE" أن عدد حالات فشل الشركات سيستمر في الارتفاع خلال الأشهر المقبلة "ولا توجد إشارة لتحسّن في الأفق مع نهاية العام"، بحسب بياناته.
ارتفاع منحنى الإفلاس
وأوضحت بيانات المرصد أن منحنى الإفلاسات بلغ ذروته في إبريل/نيسان 2015 بـ63212 حالة، قبل أن يتراجع إلى أدنى مستوى في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 عند 30078 حالة، ليعود بعدها إلى الارتفاع مجدداً مسجلاً 68362 حالة في أغسطس/آب 2025. وأشارت بيانات المرصد إلى أن حالات الإفلاس في فرنسا لا تزال مرتفعة، ولم تتباطأ إلا قليلاً، إذ زادت بمعدل 3% خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام، مقارنة بزيادة قدرها 21% في 2024 خلال الفترة نفسها. ومع ذلك، تبقى الأرقام مرتفعة، فقد بلغت 68400 حالة بنهاية أغسطس، أي مستوى قريب جداً من عام 2008، وهو عام الأزمة المالية. ويشير المرصد إلى أنّ المعدل الحالي يعادل تقريباً ما كان عليه في ربيع 2015، قبل الأزمة الصحية.
تدهور القدرة الشرائية
وفي السياق، كشف تحقيق مشترك أنجزه معهد "تيرا نوفا" وهو مركز أبحاث فرنسي يهتم بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وجمعية "إيغاب" للتوظيف العام، وهي جمعية مرتبطة بمجموعة التوظيف الدولية "أديكو"، أن أكثر من 55% من العاملين في القطاع الخاص يعتبرون أن وضعهم المالي تدهور خلال السنوات الست الأخيرة، مقابل 17% فقط يرون أنه تحسن. هذه النتيجة، التي نُشرت في سبتمبر/أيلول 2025 بالتزامن مع مشاورات رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو مع النقابات والحزب الاشتراكي، تعكس إحساساً عاماً بالتراجع يغذيه تضخم الأسعار وضعف الزيادات في الأجور.
الدراسة أوضحت أن الموظفين والعمال والطبقات الوسطى هم الأكثر تأثراً، في حين أن الكوادر العليا أقل شعوراً بالضغط. وأكدت أن هذه الفئات تشعر بأنها محصورة بين ما تقدمه من خبرة وكفاءة وبين ما تتلقاه من تعويضات، وهو ما يغذي الإحباط الاجتماعي. لهذا شدد رئيس الحكومة الجديد سيبستيان لوكورنو في أولى خرجاته على "ضرورة إيجاد حلول ملموسة للأجور المتوسطة"، لكنه لم يقدم أي تفاصيل عن الإجراءات المرتقبة.
عدم الرضا عن الوظائف
وتناول التحقيق المشترك وضع الشباب في سوق العمل، حيث أظهرت البيانات أنه من بين 7.6 ملايين شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و34 سنة ويعملون منذ 2024، فإن 15% منهم يعتبرون أن وظائفهم أدنى من مؤهلاتهم. وتبرز هذه النسبة بشكل أوضح لدى حاملي الشهادات العليا إذ يقر 31% منهم أنهم يشغلون وظائف أقل من مستواهم الدراسي. كما أن 8% من الحاصلين على شهادة التعليم الثانوي أو أكثر يعملون في وظائف لا تتطلب سوى مستوى أدنى بكثير.
هذه النتائج، سواء فيما يتعلق بتوقعات الإفلاسات السنوية أو بتدهور الوضع المالي للطبقات الوسطى أو بتجربة الشباب في سوق العمل، ترسم صورة قاتمة عن القدرة الشرائية ومستقبل الاستقرار الاجتماعي في فرنسا. وتعاني فرنسا منذ سنوات من مزيج من الأزمات المتراكمة: تباطؤ النمو الاقتصادي، وارتفاع معدلات التضخم، وزيادة العجز في المالية العامة. ورغم محاولات الحكومات المتعاقبة دعم القدرة الشرائية عبر زيادات في الحد الأدنى للأجور وتجميد أسعار بعض الخدمات الأساسية، فإن هذه الإجراءات لم تكن كافية لمواجهة الضغوط المتصاعدة. أضف إلى ذلك عبء الديون السيادية، والاضطرابات السياسية والاجتماعية، ما جعل الاقتصاد الفرنسي في وضع هش، وأدى إلى تآكل ثقة المواطنين بمستقبلهم المالي والمهني.

أخبار ذات صلة.

نجاة رئيس الإكوادور من محاولة اغتيال
العين الإخبارية
منذ 11 دقيقة