انسحابات قادة الأحزاب في الجزائر... إكراهات أم تجديد قيادي؟
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
تشهد الساحة السياسية في الجزائر انسحابات طوعية متتالية لشخصيات وقادة أحزاب المعارضة، تعود في جزء منها إلى إكراهات وضغوط حادة، وما يصفونه بحالة إغلاق وتضييق على الأحزاب، حالت دون تمكّن القوى السياسية من الإسهام الفاعل في العمل السياسي، وفي جزء آخر لإتاحة المجال أمام قيادات شابة، وإعادة تجديد الساحة السياسية. وفي أحدث خطوة، أعلن رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، انسحابه من رئاسة الحزب والدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي طارئ لتسليم الحزب إلى قيادة جديدة، مؤكداً في بيان نشره الأربعاء أن "الوقت قد حان لفسح المجال أمام بروز قيادة جديدة للحزب، تتولى مسؤولية تطوير الحزب ومواصلة نضاله، وانتخاب رئيس قادم لحزب جيل جديد في مؤتمر استثنائي". ولمّح سفيان إلى سلسلة إكراهات تلف المشهد والساحة السياسية في الجزائر قد تدفع إلى التنحي، واعتبر أن نظام الحكم في الجزائر "لم يقبل في المرحلة الحالية أن تكون الأحزاب السياسية فاعلة ومستقلة، ويريدها مجرد ديكور، ويسعى إلى التضييق أكثر فأكثر على الحريات السياسية، في الوقت الذي يروّج فيه لأجهزة خاضعة لتكريس تعددية زائفة". وأشار إلى أن "نظام الحكم الحالي أغلق مجال المعارضة السياسية، كما أفسد المجتمع المدني والنقابات ووسائل الإعلام واحتكر جهاز السلطة التنفيذية". أما العدالة فقد قال سفيان إنها "حُوِّلت إلى ذراع لا تقوم إلا بقمع أي اعتراض وملاحقة كل من يفضح الفساد أو يطالب بحقوقه"، واصفاً الحالة الجزائرية بأنها تتجه إلى "انحراف نحو الحكم الفردي"، بينما تحتاج البلاد إلى "توافق وطني من أجل إعادة تأسيس العمل السياسي". ويعد جيلالي سفيان، رابع قائد حزب سياسي، يعلن انسحابه من الإطار الحزبي وتسليم رئاسة الحزب إلى قيادة شابة، إذ أعلنت رئيسة حزب الاتحاد من أجل التغيير والرقي زبيدة عسول في مايو/ أيار الماضي، انسحابها من رئاسة الحزب خلال مؤتمر استثنائي عقده الحزب، بعد أشهر من إخفاقها في جمع التوقيعات المطلوبة للترشح للانتخابات الرئاسية الماضية التي جرت في سبتمبر/ أيلول الماضي، وانتخبت قيادة جديدة للحزب برئاسة الخبير الاقتصادي عبد الجليل عموش. وفي الفترة نفسها، أعلن رئيس حزب التضامن الجمهوري بلقاسم ساحلي تنحيه عن رئاسة الحزب، والتخلي عن قيادته لصالح قيادة مؤقتة، بفعل ضغوط يبدو أنه تعرض لها بسبب بعض مواقفه المناوئة للسلطة، حيث كان قد اتهم السلطات بإحباط ترشحه للانتخابات الرئاسية الماضية، إضافة إلى رئيس حزب التجمع الوطني الديمقراطي (موالاة) الذي أعلن انسحابه من رئاسة الحزب شهر مايو/ أيار الماضي بشكل مفاجئ، ودعا إلى مؤتمر عام عقده الحزب الشهر الماضي. وتتباين التفسيرات السياسية لهذه الانسحابات المتتالية من قيادات الأحزاب في الجزائر، إذ يعتقد الناشط السياسي المستقل فارس بولحية أن "ثمة علاقة واضحة بين حالات انسحاب قادة الأحزاب من الهرم القيادي، وبين ضغوط وظروف البيئة السياسية الجزائرية المشوشة". وقال بولحية لـ"العربي الجديد": "لا يمكن فصل الضغوط السياسية والإغلاق عن هذا التطور. بالتأكيد تختلف كل حالة عن أخرى من حيث الدوافع الشخصية والحزبية، لكني أعتقد أن هناك رغبة من بعض الشخصيات في تحرير الأحزاب التي يقودونها من التصاقها بمسارات سياسية شخصية (..) بعض هذه القيادات بدأت تعتقد أن بقاءها يمثل عرقلة لمسار الحزب وكوادره، وبالتالي تقرر ترك الفرصة لقيادات جديدة ربما تجرب وسائل أو حلول إبداعية أخرى، واختارت الخروج من الإطار الحزبي لتكون أكثر حرية في المواقف والتقديرات السياسية". وتشكّل هذه التغييرات الطارئة على رأس الأحزاب السياسية، المعارضة خاصة، بغض النظر عن دوافعها، فرصة مهمة لبروز قيادات جديدة وشابة، إذ تؤكد القيادية في حزب جيل جديد، مريم سعيداني، لـ"العربي الجديد"، "وجود محاولة لإفساح المجال للإطارات الحزبية التي كونت نهجها الخاص، للظهور أكثر في المكان العام، والدفاع عن مشروع المجتمع والبرنامج الحكومي، وإثراء النقاش، واستقطاب أجيال جديدة من المناضلين، بعلى الرغم من حالة الإغلاق القائمة في البلاد، التي لا تخلق بيئة سوية للعمل الميداني، وتضعف إنتاجية الأحزاب في الاستقطاب، ناهيك عن توظيف التكنوقراط في المناصب الحكومية، في مقابل تهميش الإطارات الحزبية عن طريق خنق آليات الوصول للسلطة ابتداء بالانتخابات الصورية".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية