
عربي
بثّت منصة ديزني بلاس أخيراً فيلم Thunderbolts الذي ينتمي إلى عالم مارفل للأبطال الخارقين. عنوان الفيلم الذي يعني "صواعق الرعد" أثار التباساً، إذ ظهر ملصقه لاحقاً تحت عنوان "الأفينجرز الجدد"، في إحالة إلى فريق جديد من الأبطال الخارقين، عوضاً عن أولئك اللذين اعتدنا عليهم لسنوات، ويبدو أن حكاياتهم انتهت، مع موت توني ستارك.
يستحضر "الصواعق" هذه المرة الأبطال الخارقين بوصفهم عملاء لدى دائرة الاستخبارات المركزية في الولايات المتحدة. هم أشبه بمرتزقة حكوميين، ينفذون المهمات "القذرة"، وعلى رغم تواريخهم الشخصية المريبة، هم أبطال من "الدرجة الثانية" وبعضهم كان "عدواً" للافينجرز الأصليين، وأبرزهم باكي بارنز.
يجتمع هؤلاء الأبطال في مهمة مفادها أن يقتلوا بعضهم بعضاً، لإخفاء فضيحة تحيط بوكالة الاستخبارات المركزية. فضيحة لا بدّ من أجل تفاديها محو أي أثر لوجود هذا الفريق، الذي يجد نفسه أمام "إنسان خارق جديد" أشد قوة منهم، يتمثّل في "بطل" نتاج تجربة علمية ظنّ كثيرون أنها فاشلة، لكنّها للمصادفة نجحت، ونتج عنها روبيرت رينولدز، شاب مصاب بفقدان الذاكرة، يكتشفُ لاحقاً أنه واحد من أقوى الأبطال الخارقين.
لا نعلم إن كان هؤلاء "الأبطال" الجدد سيستمرون في الظهور في أفلام أخرى، خصوصاً أن حكاياتهم مبعثرة بين أفلام ومسلسلات مارفل. ومن لا يعرف عالم مارفل السينمائي، وإنتاجاته المختلفة، قد يرى هذه الشخصيات للمرة الأولى، وهنا رهان مزدوج: استقطاب جمهور جديد، وإرضاء المتابعين الشرسين لعوالم مارفل.
يتعامل "الصواعق" مع الأبطال الخارقين بوصفهم أقل جماهيرية وشهرة، أناس يحاولون العمل مع السلطات لتفادي خطرها، كحالة الجزء الأول من فيلم Suicide Squad. هذه الصيغة تتعامل مع الأبطال الخارقين على أنهم منتجات حكومية، إما نتاج التجنيد أو التجارب العلمية أو غسيل الدماغ، أو "الإدخال ضمن المنظومة الحاكمة"، مثل حالة باكي بارنز، الذي تحول من جندي أسره الروّس وجندوه إلى سيناتور، ما يعني أننا أمام أدوات سياسية، قررت أن تستعيد إرادتها، ليس لأجل أن تحقق "السلام" وتدافع عن الكوكب ضد "الأشرار"، بل تفادي القتل والتصفية.
تدور أحداث الفيلم حول صراع بين "الدولة العميقة" و"المرتزقة" الذين توظفهم لإنجاز أعمالها. نموذج مختلف عن الأبطال الخارقين الخارجين عن القانون الذين يتصرفون بمنطق الحركة الخاصة التي كان يديرها توني ستارك، وكأنّ الجيل الجديد من الأبطال وما تسبّب به من "أضرار جانبية" شاهدناها خلال أفلام Avengers انتهى. والأبطال اليوم أشبه بمنفيين من الفضاء العام، لا شهرة لهم تحميهم من سوء التقدير.
لا يراهن الفيلم على العوالم الموازية والأكوان البديلة، وكأنّ مارفل تخلت عن هذه المقاربة بعد دوامة طويلة من الانتقادات والسخرية، لنرى أنفسنا أمام شكل جديد من الأبطال الخارقين، أقلّ بريقاً، وذوي مشاكل "إنسانية": مجرد أفراد يحاولون النجاة بحياتهم، قدراتهم الخارقة لا تكسبهم معاملة مميزة، بل حتى يمكن الاستغناء عنهم، خصوصاً أن لكلٍ منهم ماضياً مشيناً، ليس من السهل نسيانه أو "الصفح عنه"، إضافة إلى غياب صورة البطل الأبيض الخارق المُنقذ، تلك التي كان يمثلها "كابتن أمريكا"، إذ هناك نسخة منه، أكثر سخرية وأقل التزاماً بالأوامر وأقل أخلاقية، وهذا ما يكسب "الصواعق" حيوية مختلفة عن أفلام مارفل السابقة التي أصبح من السهل توقع أحداثها بمجرد مشاهدة الفيديو الترويجي.
ربما نحن أمام مجموعة جديدة من الأبطال، بعضهم عرفناهم سابقاً في أدوار هامشية، وبعضهم جديد كلياً، وربما هذا التغيير في صيغة الأبطال الخارقين، سببه ظهور مسلسلات وأفلام أخرى، مثل "الفتيان" و"لا يقهر" التي تقدم جديداً عن طبيعة الأبطال الخارقين وعلاقتهم مع الناس ومع السلطات القائمة، خصوصاً بعد الانتقادات الكثيرة التي طاولت أفلام مارفل، بوصفها بعيدة عن الواقع، وتغرق في الهويات إلى حد الابتعاد عن الصراع الحقيقي، كما في فيلمَي Eternals وThe Marvels.
