تراجع مفاجئ للعملات المشفّرة... 200 مليار دولار تتبخّر في 48 ساعة
عربي
منذ أسبوع
مشاركة
شهدت سوق العملات المشفرة خلال عطلة نهاية الأسبوع من مساء الجمعة الماضية وحتى ليل الأحد، تراجعاً كبيراً بعد موجة بيع حادة، أفقدتها نحو 200 مليار دولار من قيمتها السوقية في غضون نحو 48 ساعة، وكسرت بيتكوين مستوى 115 ألف دولار، وهبطت إلى ما دون 112 ألفاً، بعدما لامست قرابة 118 ألفاً الأسبوع الماضي، وقرابة 124 ألفاً الشهر الماضي، وفق بيانات "فوربس"، قبل أن ترتد خلال تعاملات، أمس الأربعاء، لتسجل ارتفاعاً بنسبة 0.8% إلى 112,581 دولاراً. ووصف محللون صعود العملة المشفرة الأكبر والأكثر انتشاراً عالمياً والتي تستحوذ وحدها على 57.6% من إجمالي القيمة السوقية للسوق خلال تعاملات الأربعاء بـ"الارتداد الحذر"، ورجحوا أن يكون هذا الصعود مجرد حركة فنية محدودة لا تغيّر من تأثير العوامل التي قادت إلى التراجع الحاد. ولم تستفد العملات المشفرة من قرار مجلس الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) بخفض الفائدة بمقدار ربع في المئة، نتيجة تصريحات حذرة من رئيسه جيروم باول، التي شدد فيها على أن السياسة النقدية المقبلة ستظل مرتبطة بالبيانات الاقتصادية، أي إن البنك المركزي لن يلتزم بسلسلة طويلة من الخفض، بل قد يوقف هذه الدورة سريعاً إذا بقي التضخم مرتفعاً، أو أظهرت المؤشرات الاقتصادية قوة أكبر مما هو متوقع. وهو ما حد من توقعات المستثمرين بشأن بدء دورة تيسير واسعة تدعم الأصول عالية المخاطر مثل العملات المشفرة، ودفعهم ذلك إلى التريث وجني الأرباح بدلاً من الشراء. وفي المقابل، فتحت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية الباب أمام موجة جديدة من السيولة، عبر إقرار قواعد إدراج سريعة لصناديق مؤشرات العملات المشفرة، ما أتاح إطلاق أول صناديق فورية لعملتي الريبل، والدوجكوين بتداولات يومية بلغت نحو 55 مليون دولار. كما واصل صندوق "بلاك روك آي بيت"، تعزيز نفوذه محتفظاً بحوالي 750 ألف بيتكوين، تعادل نحو 4% من إجمالي المعروض العالمي. وهذه الحصة تمنحه نفوذاً غير مسبوق في سوق يفترض أنها لا مركزية. ويرى مراقبون أن وجود لاعب بهذا الحجم يمثل سلاحاً ذا حدين، فمن جهة، يجذب السيولة المؤسسية ويعزز استقرار الأسعار، ومن جهة أخرى، يرفع مخاطر التركز إذا ما قرر الصندوق تقليص حيازاته فجأة أو شهد تدفقات خروج ضخمة. وتبلغ القيمة السوقية العالمية للعملات المشفرة 3.89 تريليونات دولار، فيما بلغ إجمالي حجم التداولات خلال الـ 24 ساعة الماضية 162.46 مليار دولار، وفقاً لبيانات "كوين ماركت كاب". انهيار البيتكوين وبعد أن صعدت عملة بيتكوين الرقمية إلى مستوى تاريخي قرب 124 ألف دولار الشهر الماضي، بدأت مؤشرات التراجع بالظهور، مع تباطؤ الطلب، وازدياد عمليات جني الأرباح من جانب المستثمرين الكبار. وقاد هذا الضغط إلى هبوط سريع خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتخسر العملة مستوى نفسياً مهماً عند 115 ألف دولار. وهذا المستوى كان ينظر إليه باعتباره خط الدفاع الأخير للمشترين، حيث حاولت السوق مراراً التماسك فوقه منذ منتصف سبتمبر/أيلول. لكن الضغوط البيعية المتزايدة، وتزايد عمليات جني الأرباح، دفعت السعر للانهيار دونه في غضون دقائق، لتبدأ موجة هبوط حادة انعكست على مجمل العملات المشفرة الأخرى. وقال كبير الخبراء لدى شركة "إف إكس برو"، أليكس كوبتسيكيفيتش، إن بيتكوين خرجت من القناة الصاعدة التي حافظت عليها منذ مطلع سبتمبر، ثم كسرت المتوسط المتحرك لـ 5 يوماً، ما يوفر مجموعة إشارات فنية سلبية لا يستهان بها، بحسب "فوربس". وأوضح أن مثل هذه المؤشرات عادة ما تسبق موجات بيع أوسع نطاقاً، إذ يتعامل المتداولون الكبار مع كسر المتوسطات المتحركة على أنه إشارة خروج واضحة، خاصة في سوق شديد الحساسية، مثل سوق الأصول الرقمية. ويؤكد محللون آخرون أن هذا التراجع ليس مفاجئاً، بل يأتي جزءاً من الدورة الطبيعية للأسواق بعد صعود استثنائي. فالمحللة لين تران، من منصة "إكس إس" ترى أن بيتكوين تدخل مرحلة تصحيح ضرورية، تهدف إلى امتصاص ضغط جني الأرباح، وتقليص المراكز ذات الرافعة المالية العالية. وتعتبر أن هذه المرحلة، وإن بدت مؤلمة، على المدى القصير، قد تشكل قاعدة سعرية أكثر صلابة، تسمح باستئناف الصعود لاحقاً إذا توفرت الظروف الماكرو اقتصادية المناسبة. يشار إلى أنه في موجات الصعود السابقة للبيتكوين بين أعوام 2017 و2021، كانت العملة غالباً ما تفقد بين 20% إلى 30% من قيمتها في غضون أسابيع، قبل أن تستعيد اتجاهها الصاعد. وكانت هذه التراجعات التصحيحية دائماً جزءاً من دورة السوق، لكنها كانت كفيلة بزيادة المخاوف لدى المستثمرين الأفراد الذين يدخلون عادة في قمم الأسعار. لذلك يرى مراقبون أن ما يحدث الآن قد يكون تكراراً لسيناريوهات قديمة، إذ تسبق عمليات التصحيح موجة استقرار جديدة، وربما بداية دورة صعودية إذا دعمتها الأخبار المؤسسية. انتقال السيولة للأسهم  وعزّز من التراجع الملحوظ لسوق العملات المشفرة، خلال الأيام الماضية، توجه المستثمرين إلى أسواق الأسهم الأميركية التي واصلت تسجيل قمم تاريخية. وبحسب بيانات "غوغل فاينانس"، ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنحو 0.4% يوم الاثنين الماضي، ليغلق قرب 6694 نقطة، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، ما دفع مستثمرين إلى تصفية مراكز في البيتكوين والإيثيريوم لتوفير سيولة لصفقات في الأسهم، وهو ما يصفه محللون بـ"إعادة تموضع المحافظ الاستثمارية" أو "تكلفة الفرصة البديلة". ويقول رئيس تحرير منصة "ستوك تويتس"، المخصصة للمستثمرين والمتداولين، توم بروني: "نرى الآن انتقالاً متسارعاً للسيولة من العملات المشفرة إلى الأسهم"، لافتاً إلى أن المستثمرين يستخدمون العملات المشفرة مصدر سيولة لتمويل صفقات جديدة في قطاعات تسجل مستويات قياسية، مثل الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية التكنولوجية. وهذا التحول، لم يقتصر على المستثمرين الأفراد، بل شمل كذلك الصناديق النشطة وصناديق التحوط، التي عادة ما تعيد موازنة محافظها باتجاه الأسواق الرابحة، بحسب "فوربس". وقد انعكس ذلك في أحجام التداول القياسية لصناديق مثل صندوق ماغنيفيسنت 7 (الذي يضم أكبر سبع شركات تكنولوجية أميركية)، وأسهم شركات كبرى مثل ألفابت (غوغل) وإنفيديا وبرودكوم. وبذلك، أصبحت العملات المشفرة خزاناً مؤقتاً للسيولة، يجري السحب منه لتمويل صفقات في الأسواق التقليدية. التصفية الكبرى  وتفاقمت خسائر سوق العملات المشفرة، بعد موجة تصفيات كبرى للمراكز ذات الرافعة المالية (أي الصفقات التي يفتحها المتداولون بأموال مقترضة من المنصات تفوق رأس مالهم الفعلي، على أمل تحقيق أرباح أكبر. وعندما تتحرك الأسعار بعكس اتجاههم، تجبرهم المنصات على إغلاق هذه المراكز سريعاً لحماية أموالها، وهو ما يعرف بـ "التصفية"). وأظهرت بيانات مجمعة من منصات مثل "كوين بيس" و"تريدينغ فيو" أن ليلة الأحد الماضي جرى فيها تصفية عقود بيتكوين طويلة بقيمة قاربت مليار دولار خلال ساعة واحدة، وامتدت الموجة لتشمل السوق بأكملها، وهو ما أحدث صدمة في السوق دفعت الأسعار إلى الانخفاض الحاد. وبحسب البيانات فإن إجمالي التصفيات على مستوى السوق بلغ نحو 1.7 مليار دولار خلال 24 ساعة، توزعت بين عقود طويلة وقصيرة، لكن النصيب الأكبر كان من نصيب المراكز المرفوعة على البيتكوين والإيثيريوم. ويرى محللون أن هذه الموجة بدأت مع عمليات بيع من كبار المستثمرين "الحيتان" في عملة الإيثيريوم، ما أفقد السوق توازنها، وأطلق سلسلة من التفاعلات التقنية، مثل تفعيل أوامر وقف الخسارة، ودخول خوارزميات التداول الآلي، ثم ذعر بين المتداولين الأفراد الذين سارعوا إلى الخروج مع اتساع الخسائر. ونتج عن ذلك ضغط بيعي متتابع، سرّع من انهيار الأسعار، وفقدان مستويات دعم رئيسية. ويؤكد خبراء أن مثل هذه الموجات ليست جديدة على سوق الكريبتو، إذ إن الاعتماد الكبير على الرافعة المالية يجعل أي حركة حادة في الأسعار قادرة على توليد تأثير مضاعف، يعرف في الأسواق باسم تأثير الدومينو. وبالرغم من أن هذه التصفيات تترك آثاراً سلبية آنية، فإنها وفق محللين قد تساهم في إعادة توازن السوق، وإخراج المراكز المبالغ فيها، وتشكيل قاعدة سعرية أكثر توازناً لمرحلة التداول المقبلة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية