مهرجان أرابيسك: عشرون حمامة بيضاء فوق سماء مونبيليه
عربي
منذ أسبوعين
مشاركة
من شرفة مبنى الأوبرا في مدينة مونبيليه جنوبي فرنسا، أُطلقت عشرون حمامة بيضاء، في مشهد رمزي لرسالة حب وسلام وجّهها مهرجان أرابيسك للموسيقى العربية إلى العالم، احتفاءً بمرور عشرين عاماً على تأسيسه. واختارت إدارة المهرجان هذا العام تكريم اثنين من رموز الموسيقى: سيدة الغناء العربي أم كلثوم، رمزاً للأصالة، والفنان الجزائري الراحل رشيد طه رمزاً للانفتاح والتجديد، مع تركيز خاص على الأغنية المغاربية في برنامج هذا العام. يلا تنام ريما في افتتاح المهرجان يوم التاسع من سبتمبر/أيلول الحالي، أطلّت الفنانة التونسية درصاف الحمداني في إحدى قاعات الأوبرا التاريخية لتقدم تحية فنية إلى أم كلثوم في ذكرى مرور خمسين عاماً على رحيلها. بمرافقة آلات شرقية بسيطة، مثل العود والقانون والكمان والناي، أعادت الحمداني أداء أغانٍ مثل "غنّي لي شوي شوي" بأسلوب طربي أصيل أثار إعجاب الجمهور، من دون حاجة إلى أي مؤثرات حديثة. امتد الحفل ليشمل أغنية "يلا تنام ريما" للسيّدة فيروز، أهدتها الحمداني إلى أطفال فلسطين، في لحظة مؤثرة تزينت خلالها المنصة بالكوفية الفلسطينية. وكرمت الفنان زياد الرحباني بأداء بعض من أعماله، في مزيج فني يجمع بين الأصالة والالتزام. في اليوم التالي، قدمت الراقصة الإسبانية جوليا سامريون، المعروفة باسم نسمة، عرضاً للرقص الشرقي على أنغام أغنيات أم كلثوم، وتضمن العرض رقصات شعبية مستوحاة من تراث فرقة رضا للفنون الشعبية، التي كانت جوليا الأجنبية الوحيدة المنضمة إلى صفوفها. جذب الحفل عدداً كبيراً من الجمهور الفرنسي المهتم بالتنوع الثقافي، وهو ما يشكّل أحد أهداف المهرجان المستمرة منذ انطلاقه، إذ يستقطب سنوياً أكثر من 20 ألف زائر خلال 15 يوماً. في ليلة 11 سبتمبر، اصطحب الفنان المغربي ـ الفرنسي عزيز كونكريت الجمهور في رحلة موسيقية مزجت بين أنماط مغربية تقليدية مثل القناوة والعيطة والشعبي، وإيقاعات إلكترونية معاصرة، مقدماً رؤية موسيقية جريئة وجديدة لقيت ترحيباً كبيراً. أما المغنية البلجيكية نتاشا أطلس والموسيقيّ المصري ـ البريطاني سامي بيشاي، فقدّما مشروعهما الجديد "كون موازٍ" الذي جمع بين الموسيقى الشرقية والإلكترونية والجاز. تخلل العرض أغنية "صمود" المهداة إلى فلسطين، أدانت كلماتها القهر الذي يعيشه الأبرياء، وأشادت بصمودهم، شارك في العرض الدي جيه عصام إلياس، الذي قدّم وصلة دمج فيها البوب العربي والدبكة الشامية مع الإيقاعات الحديثة، ما أشعل المسرح حماسة ورقصاً. في 13 سبتمبر، شارك عازف العود الفلسطيني أحمد الخطيب للمرة الرابعة في المهرجان، بمقطوعات من ألبومه طواف، برفقة كل من عازف الإيقاع يوسف حبيش والتشيلو الفرنسي فانسان سيغال، اتّسم العرض بطابع صوفي روحاني، عبّر عن تضامن الثلاثي مع غزة، في حفل استحضرت فيه الموسيقى روح الصلاة. أبدع الدي جيه المغربي عبد الله الحساك، المعروف باسم كدرة كدرة، في مزج إيقاعات مغربية وأفريقية مع أدوات إلكترونية مُفكّكة، ضمن ما وصفه بمحاولة "تفكيك استعمار" الموسيقى الغربية، ظهر مرتدياً قناعاً مستوحى من حجاب المغنيات الأمازيغيات، مقدّماً عروضاً موسيقية من ألبومه الجديد Mutant، إذ التقى التراث بالحداثة في تجربة سمعية مبتكرة. كباريه الشيخات خصّص المهرجان ليلة السبت 13 سبتمبر لتكريم الفنان الجزائري الراحل رشيد طه، شارك في الحفل عدد من الموسيقيين الذين تعاونوا معه، أبرزهم عازف الغيتار رودولف بورغر، والمغني البريطاني جاستن آدام، إضافة إلى نجم الراي الجزائري سفيان سعيدي، والمغنية يسرى منصور من فرقة "باب لبلوز". اختُتمت الليلة بأداء صاخب لفرقة "كوسكوس كلان"، التي أسسها طه، ومشاركة الفنان كمال الحراشي مع "أوركسترا القصبة"، مقدّمين نسخاً حديثة من الموسيقى الشعبية الجزائرية. في 14 سبتمبر، أعاد عرض "كباريه الشيخات" إحياء فن غنائي نسائي مغربي تقليدي، لطالما ارتبط بالحب والفرح والألم. وقد اختُتمت الليلة بصوت الفنانة نجاة عتابو، التي قدمت أغانيها المفعمة بالحزن والشغف والنضال، لتؤكد مكانتها سفيرةً للمرأة المغربية وقضاياها، على مدى أكثر من أربعين عاماً من العطاء الفني. ومن بين أبرز المشاركات، تألق الفنان التونسي ظافر يوسف، الذي قدّم عرضاً موسيقياً جمع بين الجاز والصوفية، والإلكترونيك، عبر أداء مدهش على العود، وصوت عميق حلق بالجمهور في عوالم روحية ساحرة، بأغانٍ مثل "اسقني". أما حفل الختام فكان من توقيع فرقة لابيس Labess الجزائرية، بقيادة المغني نجيم بويزول، الذي ألهب المسرح بأغانٍ من ألبومه "دائماً حرّاً". تميزت الأغاني بدمج الفلامنكو والرومبا والفولك والبلوز، وتطرقت إلى موضوعات الحرب والسلام، كما في أغنية فلسطين المستوحاة من أغنية كولومبية، وLA GUERRE التي انتقدت اللامبالاة تجاه المآسي، إضافة إلى أغنية "حراً دائماً"، وهي بمثابة أنشودة تمجّد قيم مثل المقاومة والحرية. هكذا، اختتم مهرجان أرابيسك دورته العشرين، جامعاً في لوحته الفنية بين التراث العربي وابتكارات الحاضر، بين الأصوات النسائية والمغاربية، وبين رسائل الحب والنضال.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية