
عربي
يُعتبر نادي ريال مدريد من أكثر الأندية التي تولي أهمية خاصة لجائزة الكرة الذهبية، إذ دأب الفريق الملكي على التباهي بلاعبيه الذين نالوا هذه الجائزة الفردية الأعلى قيمة في عالم كرة القدم، باعتبارها انعكاساً لهيمنة النادي على الساحة العالمية. ولم يكتفِ ريال مدريد بالاعتماد على نجومه المتألقين، بل جعل رئيسه، الإسباني فلورنتينو بيريز (78 عاماً)، من استقطاب المتوّجين بالكرة الذهبية استراتيجية ثابتة، بهدف تعزيز صورة النادي وجهةً أولى لأفضل لاعبي العالم.
وكانت الجائزة في الموسم الماضي بداية شرخ واضح بين نادي ريال مدريد ومجلة فرانس فوتبول الفرنسية، الجهة المسؤولة عن تنظيمها، وذلك بعد توقف التعاون بينها وبين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بعدما تسربت أخبار داخل أروقة النادي الملكي تفيد بأن النجم البرازيلي فينيسيوس جونيور، الذي كان المرشح الأبرز، لن يتوج بالجائزة، وأنها ستذهب بدلاً منه إلى لاعب وسط مانشستر سيتي الإسباني رودري، ما أثار استياءً واسعاً داخل الإدارة المدريدية التي رأت في القرار تجاهلاً لتأثير فينيسيوس الكبير في نتائج الفريق، خاصة بعدما قاده لتحقيق الدوري الإسباني وكأس السوبر المحلي ودوري أبطال أوروبا، إضافة إلى مساهمته المباشرة في 37 هدفاً (26 تسجيلاً و11 تمريرة حاسمة) خلال الموسم.
ورغم قوة هذه الأرقام، فإن فينيسيوس لم ينل التتويج، وهو ما دفع ريال مدريد إلى مقاطعة الحفل الرسمي للجائزة تعبيراً عن رفضه للقرار، ولم يتوقف التوتر عند ذلك الحد، فحتى بعد موسم شهد تراجع أداء الفريق وغياب نجومه عن دائرة المنافسة على الجائزة، واحتدام الصراع بين المتوج عثمان ديمبيلي وعدد من لاعبي باريس سان جيرمان وبرشلونة يتقدمهم لامين يامال ورافينيا، فإن إدارة فلورنتينو بيريز واصلت المقاطعة للعام الثاني توالياً، رغم محاولات ممثلي المجلة الفرنسية الذين أجروا زيارات رسمية إلى مدريد لتهدئة الأجواء وإعادة المياه إلى مجاريها.
ومما لا شك فيه أن هذا التوتر سيُلقي بظلاله على مستقبل عدد من نجوم ريال مدريد، يتقدمهم الفرنسي كيليان مبابي، الذي بات "نمبر وان" في النادي الملكي، عقب موسمه الأول الناجح، الذي أنهاه هدافاً للفريق، وتوّج بالحذاء الذهبي، كما تبرز في المشهد أسماء أخرى مرشحة للتألق ودخول دائرة الصراع على "البالون دور"، على غرار الإنكليزي جود بلينغهام، الذي يواصل تأكيد مكانته باعتباره أحد أبرز لاعبي الوسط في العالم، والتركي أردا غولر، الذي بدأ يثبت حضوره بعد نيل ثقة المدرب الإسباني تشابي ألونسو، وكذلك يملك الإسباني دين هويسين أسلوباً فريداً يجمع بين صلابة الدفاع وقدرته على بناء اللعب بصفة صانع ألعاب من الخلف، ما يجعله مرشحاً للفت الأنظار، أما البرازيلي فينيسيوس جونيور فلا يخفي رغبته في تعويض خيبة 2024 والعودة بقوة للمنافسة على الجائزة الفردية.
غير أن كل هؤلاء النجوم يجدون أنفسهم وسط أزمة معقدة بين ناديهم والمؤسسة المنظمة للجائزة، إذ قد تؤدي مقاطعة ريال مدريد لحفل الكرة الذهبية إلى إضعاف فرصهم، سواء في الترشيح أو في التتويج. فالمنظمون قد يُسقطون أسهم لاعبي النادي الملكي خشية فقدان زخم الحدث، لا سيما أن غياب لحظة التتويج، وما يرافقها من كلمات مؤثرة وردات فعل صادقة من الفائزين، سيؤدي حتماً إلى تقليل قيمة الجائزة وفقدان جزء من بريقها.
وبين ماضٍ حافل يضع الريال في الصدارة بـ12 تتويجاً عبر ثمانية لاعبين مختلفين، يظل ريال مدريد النادي الأول في تاريخ الجائزة، بعدما حمل ألوانه 11 لاعباً متوَّجاً بالكرة الذهبية، سواء حققوها بقميص الفريق الملكي أو قبل انضمامهم إليه، ليجد لاعبو الجيل الجديد أنفسهم اليوم أمام شرط غريب لرفع الأرقام وترسيخ مكانة الريال بصفته أول الأندية في سجل البطولة، وهو حدوث الصلح بين النادي الملكي والمجلة الفرنسية المنظمة للجائزة.
