
منذ أكثر من عام، ترزح مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور غربي السودان، تحت حصار خانق من "قوات الدعم السريع"، مع تحذيرات متزايدة من خطورة الأوضاع الإنسانية، وتترافق التحذيرات مع نداءات لتدخل عاجل من أجل تقديم مساعدات إنسانية بسبب تفشي الأمراض والجوع بين سكان المدينة والنازحين إليها.
والأربعاء الماضي، قالت شبكة أطباء السودان (أهلية) في بيان: "نطلق نداء استغاثة عاجلا للسلطات المحلية والمنظمات الدولية لإنقاذ الفاشر بسبب وصول الجوع للمرحلة الثالثة. ما تتعرض له الفاشر من حصار مطبق أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية والصحية بشكل كارثي، وبلغت مستويات الجوع المرحلة الثالثة (الطوارئ) بحسب التصنيفات الدولية لانعدام الأمن الغذائي، ما يعرض آلاف الأطفال والنساء إلى خطر الموت".
وشددت شبكة أطباء السودان على أن هذا الوضع "يجعل حياة المدنيين، وخاصة الأطفال وكبار السن، تحت خطر المجاعة والأوبئة. تعاني آلاف الأسر من نقص حاد في الغذاء والدواء والمياه الصالحة للشرب، مع انقطاع الإمدادات نتيجة الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية من قبل الدعم السريع".
والثلاثاء الماضي، لفت برنامج الأغذية العالمي إلى مرور عام على تأكيد المجاعة لأول مرة في مخيم زمزم في شمال دارفور. وحذر البرنامج الأممي من أن "العائلات المحاصرة داخل الفاشر تواجه خطر المجاعة. المدينة معزولة عن وصول المساعدات الإنسانية، مما لا يترك للسكان خياراً سوى الاعتماد على ما تبقى من إمدادات محدودة للبقاء على قيد الحياة".
ومنذ 10 مايو/ أيار 2024، تحاصر قوات الدعم السريع مدينة الفاشر، رغم تحذيرات دولية من المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس. ويعتمد جزء كبير من النازحين والسكان في المدينة على المطابخ الجماعية (التكايا)، التي تقدم الوجبات لهم عبر ناشطين، بدعم من منظمات مدنية وخيرين. ومن جراء نقص الغذاء، لجأ كثيرون إلى أكل علف الحيوانات، والتي يتم طبخها ثم تناولها.
ويقول المتحدث باسم المنسقية العامة للنازحين واللاجئين في السودان، آدم رجال، إن "الظروف الإنسانية بالغة التعقيد في دارفور، وخاصة في الفاشر. الوضع عبارة عن موت بطيء وكارثة إنسانية، والموت بصمت من دون أن يشعر أحد. وصل الناس إلى مرحلة صعبة، واختفت كل الاحتياجات الأساسية من الأسواق. لن تجد شيئاً تشتريه بمالك، وحتى المال الذي تريد أن تشتري به لن تجده".
وأضاف رجال: "تحدٍ مرير يعيشه الناس في الفاشر، حيث الجوع والمجاعة وسوء التغذية تفتك بالأطفال في صمت. الأمر يحتاج لمعالجة عاجلة، وأن ينظر الناس إلى هذا الواقع المرير. وصل الحال بالناس أن تأكل الأعلاف، حتى أنها غير متوفرة، أو تضاعف سعرها. أن يأكل الإنسان علف الحيوان هي مرحلة تفوق حد الكارثة الإنسانية. ينبغي أن يتحرك العالم للضغط على أطراف النزاع لفتح المسارات لوصول المساعدات في أقرب وقت".
ومن مدينة الفاشر، يؤكد الناشط الحقوقي محمد خميس: "نعاني كثيراً لعدم توفر الخدمات والسلع الأساسية نتيجة حصار قوات الدعم السريع للمدينة. يعاني سكان الفاشر من القصف المدفعي، والأعيرة النارية الطائشة، ويعانون من الجوع الذي يترصدهم في كل لحظة، ويعانون للحصول على المواد الغذائية، ومنهم من اضطر لأكل المخلفات التي تعطى للحيوانات من زيت السمسم والفول السوداني".
(الأناضول)
