
انطلقت، اليوم الأحد، في مقرّ الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، الدورة غير العادية لمجلس الجامعة على مستوى المندوبين الدائمين لبحث تداعيات إعلان الحكومة الإسرائيلية نيتها احتلال قطاع غزة المحاصر، في ما اعتُبر "تصعيداً خطيراً" و"عدواناً غير مشروع" يهدد الأمن الإقليمي ويزيد من حدة الكارثة الإنسانية المستمرة. وجاء الاجتماع بناءً على طلب من دولة فلسطين، وبمساندة من الدول الأعضاء، لمواجهة ما وصفته القيادة الفلسطينية بـ"مخطط الإخلاء القسري" لأكثر من مليون مواطن في مدينة غزة ومخيماتها، ونقلهم نحو الجنوب، بالتزامن مع استمرار القصف والتجويع ومنع دخول المساعدات.
ووصف مندوب الأردن لدى الجامعة العربية السفير أمجد العضايلة، الذي ترأس الدورة، إعلان إسرائيل نيتها احتلال غزة بأنه "تصعيد خطير وعدوان غير مشروع"، واعتبره انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني، وتقويضاً لفرص حل الدولتين، مشدداً على خطورة تداعياته على الأمن الإقليمي والدولي. ودعا العضايلة إلى تحرك دولي عاجل لدعم جهود الوساطة المصرية والقطرية والأميركية لوقف إطلاق النار، وتسهيل إدخال المساعدات الإنسانية بشكل آمن ومستدام، وتنفيذ اتفاق تبادل الأسرى، مؤكداً ضرورة وحدة الموقف العربي في مواجهة هذه التطورات.
من جانبه، أكد مندوب فلسطين الدائم لدى الجامعة السفير مهند العكلوك أن الاجتماع يُعقد في "لحظة فارقة" أمام أخطر تصعيد تشهده القضية الفلسطينية منذ عقود، متهماً إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية وفصل عنصري" ضد أكثر من 2.3 مليون فلسطيني في غزة، عبر استخدام التجويع سلاحاً، وتحويل مراكز توزيع المساعدات إلى "مصائد للموت" أودت بحياة أكثر من 1500 مدني. وقال العكلوك إنّ الاحتلال يسعى إلى "تفريغ الأرض من سكانها الأصليين" في غزة والضفة الغربية، مشيراً إلى "عجز المجتمع الدولي عن وقف الجرائم رغم وضوح الانتهاكات"، وداعياً إلى تحرك عربي ودولي لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين أمام المحاكم الدولية.
وتبحث الدول الأعضاء تكليف الدولة العربية الممثلة في مجلس الأمن، الصومال، بالدعوة إلى جلسة عاجلة قبل انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة للمطالبة بتحرك فوري لوقف العدوان، وفتح ممرات إنسانية، وضمان الحماية الدولية للمدنيين الفلسطينيين. كما ناقش المندوبون تكثيف التحركات في المنظمات الدولية والإقليمية، والتنسيق مع اللجنة الوزارية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية الاستثنائية التي عقدت في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني في الرياض، ودعت إلى وقف فوري لإطلاق النار ورفض مخطط الاحتلال لإعادة السيطرة على القطاع.
ويعد هذا الاجتماع الطارئ امتداداً لسلسلة تحركات عربية منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، والتي شهدت انعقاد قمتين عربيتين إسلاميتين، وعدة دورات غير عادية لمجلس الجامعة، هدفت جميعها إلى تنسيق المواقف العربية، والضغط لوقف العدوان، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية، وسط انتقادات شعبية لضعف فاعلية هذه التحركات في تغيير مسار الأحداث على الأرض.
ويتزامن هذا التحرك مع استمرار القصف الإسرائيلي على مختلف مناطق القطاع، بما فيها المناطق المعلنة "آمنة"، وسط تحذيرات أممية من تفاقم المجاعة وانتشار الأوبئة، وتدمير واسع للبنية التحتية. وتحذر جهات فلسطينية ودولية من أن تنفيذ الخطة الإسرائيلية سيؤدي إلى نزوح جماعي جديد، ويعيد مشهد النكبة، مع احتمال امتداد موجات التهجير إلى خارج القطاع.
