تونس: مشروع واعد لتقليص البصمة الكربونية للصيد البحري
عربي
منذ 3 ساعات
مشاركة

يواجه قطاع الصيد البحري في تونس انتقادات بشأن بصمته الكربونية، ويشكل المشروع المدعوم من الصندوق العالمي للطبيعة بقيمة 250 ألف يورو، نموذجاً للحد من الانبعاثات والانتقال نحو محركات كهربائية أقل تلوثاً.

بدأت تونس خطوات أولية باتجاه تقليص البصمة الكربونية في قطاع الصيد البحري بدعم من الصندوق العالمي للطبيعة الذي اختار خليج قابس (جنوب شرق تونس) لتنفيذ أول مشروع في شمال أفريقيا، للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من أسطول الصيد عبر تحفيز الصيادين على الانتقال نحو المحركات الكهربائية الأقل تلوثاً.

ومؤخراً، أعلن المكتب الإقليمي للصندوق العالمي للطبيعة الدخول في شراكة مع السلطات التونسية بهدف تحديث أسطول الصيد واعتماد تقنيات موفرة للطاقة، وتشجيع الصيد التقليدي المستدام. ويواجه قطاع الصيد البحري في تونس انتقادات متزايدة بشأن بصمته الكربونية وتأثيره على البيئة البحرية والتوازن البيئي في المجتمعات الساحلية.

كما تشير تقارير خبراء في البيئة والمناخ إلى أن قطاع الصيد البحري يُعدّ من بين الأنشطة الاقتصادية التي تسهم، ولو بنسب متفاوتة، في انبعاثات غازات الدفيئة، سواء عبر استهلاك الوقود الأحفوري في مراكب الصيد، أو من خلال أنشطة نقل الأسماك وتخزينها وتبريدها.

ويقول مسؤول برنامج المصائد السمكية في الصندوق العالمي للطبيعة بشمال أفريقيا، حمادي الماجري، إن الصندوق اختار تونس لتنفيذ أول مشروع للانتقال الطاقي في الصيد البحري، مؤكداً أن قطاع الصيد البحري ككل القطاعات الاقتصادية ملوّث، ويحتاج إلى خطط للحد من تأثيراته على البيئة. ويكشف الماجري أن معدل الانبعاثات الكربونية الناجمة عن قطاع الصيد البحري يُقدّر سنوياً بـ 55 ألف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون بمعدل انبعاث 6.55 أطنان عن كل وحدة صيد.

وتشير إحصائيات وزارة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري إلى أن عدد مراكب الصيد البحري في تونس تجاوز 12 ألف مركب، من بينها 8400 مركب صيد ساحلي، وهي تستخدم بشكل رئيسي محركات تعمل بواسطة مادة المازوت (السولار)، ما يجعلها مصدراً غير مباشر للتلوث الكربوني. ويشير المسؤول في الصندوق العالمي للطبيعة إلى أن المحركات الكهربائية ستساعد في تقليص انبعاث الغازات التي تسببها مراكب الصيد وتحسّن نوعية الحياة في المناطق الساحلية. ويوضح أن الصندوق خصص في مرحلة التجربة اعتمادات بنحو 250 ألف يورو لتنفيذ التجربة النموذجية في خليج قابس، على أن يتم لاحقاً توسعتها بناء على التقييمات التي ستظهر مدى استجابة الصيادين واستخدامهم وسائل الطاقة النظيفة.

وحول تفاصيل المشروع، يبيّن الماجري أن كراسات الشروط ستُعدّ لتحديد نوعية المحركات الأكثر استجابة لمتطلبات قطاع الصيد التونسي، كما سيتم إنشاء محطات شحن بطاريات في الموانئ تعتمد الكهرباء المولدة من الطاقة الشمسية. ويؤكد ضرورة استغلال إمكانيات الطاقة الشمسية المتاحة في تونس لتحفيز الانتقال الطاقي للقطاعات المتسببة بالانبعاثات الكربونية.

ويلفت المتحدث نفسه إلى أن الصندوق يتطلع عبر هذا المشروع إلى إثبات الجدوى التقنية والمالية لتركيب المحركات الكهربائية الشمسية في خليج قابس، وتقليص التكاليف التشغيلية والبصمة الكربونية لقطاع الصيد الحرفي. كما يهدف المشروع إلى ترويج آلية تمويل ذاتي قابلة للتوسع وحشد الدعم المؤسسي والخاص من أجل تعزيز قدرات الصيادين والمؤسسات المعنية في مجالات إزالة الكربون والطاقة النظيفة.

ويُجمع المتخصصون على أن الأثر الكربوني لقطاع الصيد لا يقتصر على الغلاف الجوي، بل يمتد إلى البيئة البحرية نفسها، حيث تساهم أنشطة الصيد غير المستدامة في الإخلال بالنظم البيئية البحرية، وتدهور الشعاب المرجانية، وتناقص التنوع البيولوجي البحري، إلى جانب التلوث الناتج عن مخلفات المحركات والمعدات المهملة. كما تعمل بعض الجمعيات البيئية بالتعاون مع منظمات دولية على توعية البحّارة بأهمية خفض الانبعاثات الكربونية، وتبنّي ممارسات صديقة للبيئة، مثل استخدام الشباك الانتقائية وتقليص وقت الإبحار.

رغم هذه المبادرات، يؤكد الناشط البيئي حسام حمدي، لـ"العربي الجديد" أن الجهود المبذولة في قطاع الصيد البحري ما زالت غير كافية، مشدداً على ضرورة وضع خطة وطنية واضحة للحد من البصمة الكربونية للقطاع، تشمل تشجيع استعمال الطاقة الشمسية في الموانئ، وتقديم حوافز للبحّارة لتجديد مراكبهم، وفرض رقابة صارمة على أنشطة الصيد العشوائي. ويقترح إدماج الصيد البحري في الاستراتيجية الوطنية للتكيف مع التغيرات المناخية، من خلال جمع البيانات الدقيقة وتطوير آليات الرصد البيئي المستمر.

تنتج تونس غالبية انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري من خلال صناعات مختلفة. ففي العام 2022، سبّب إنتاج الكهرباء والحرارة 32.5% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والصناعة بـ 18.3%، وقطاع النقل بـ 30.8%، والمناطق السكنية بـ 8.8%، والزراعة بنحو 4%. وتُعدّ تونس من البلدان الأكثر تضرراً في حوض المتوسط من تأثيرات التغيرات المناخية رغم تصنيفها ضمن الدول الأقل إنتاجاً للغازات الدفيئة.

وتخطط تونس لوضع شروط مؤاتية تتيح بدء برنامج تسعير الكربون لدعم سياسة انتقال الطاقة والتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة. وتُعتبر آليات تسعير الكربون من الأدوات الرئيسية لتشجيع الاستثمار في تدابير كفاءة الطاقة ومشاريع الطاقة المتجددة، ولا سيما في المناطق التي تمتلك أكبر إمكانيات لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية