
تعكس أعمال المعرض الذي أنتجه "سمبوزيوم الرسم والحروفية والخط العربي" ضمن فعاليات مهرجان جرش، والمتواصل في عمّان لمدة أسبوعين، تنوُّع التجارب المشاركة بين التجريد والحروفيات والتشخيصية. ويقدّم المعرض مخرجات السمبوزيوم لأربعين فناناً عربياً وأردنياً مشاركاً، في مقرّ رابطة الفنانين التشكيليين الأردنيين.
ولا يخفى على الزائر تفاوت التجارب المشاركة والمستويات والخلفيات الفنية والثقافية، فنجد في لوحة الفنان المغربي أحمد جاريد، تمازجَ الطبيعة، بوصفها عنصراً واقعياً، مع التجريد الصوفي، في أسلوب اختاره للمرحلة للثانية من تجربته الممتدّة منذ ثمانينيات القرن الماضي، حيث بدأ بالتجريد وحده ثم تسلّلت ألوان الطبيعة إلى أعماله تدريجياً، وفي مقدمتها الأخضر. أما الفنان التونسي الحبيب بيدة، الذي يرتكز على خلفية أكاديمية في الفن الإسلامي والخط العربي، فيوظف لغة بصرية تتعامل مع الجسد طيفاً يحلّق ضمن فضاءات فانتازية مؤسطرة تبدو منفصلة عن الواقع.
يقدم كل فنان عملاً يُخصص لدعم أهل قطاع غزة
من جهتها، تتغلّل حروفيات الفنان السوري أكسم طلاع، القادمة من عوالم روحية وعرفانية في عمله الذي يهمين عليه اللون، والذي يسعى فيه لإبراز الكتابات في تشكيل هندسي يميل إلى التجسيم ومنح بعدٍ ثالث للعمل. بينما يفضّل الفنان السعودي خالد المطلق إضفاء مسحة رمزية في توظيف أنواع الخط العربي وخاصة الثلث منها.
واختار "سمبوزيوم الرسم والحروفية والخط العربي" الذي عُقد طيلة أيام مهرجان جرش التي امتدت من 24 يوليو/ تموز إلى 2 أغسطس/ آب 2025 في كلية الفنون في الجامعة الأردنية، الفنان الفلسطيني سليمان منصور ضيف شرف هذه الدورة. مع عرض مجموعة منتقاة من أعماله تعكس معجمه البصري الخاص على مدار عقود، بمفرداته المستقاة من التراث والطبيعة في فلسطين.
وللإجابة عن سؤال الحاجة إلى ورشٍ وإقامات ومعارض فنية في مهرجان جرش، لأول مرة منذ نشأته؛ لفت رئيس رابطة الفنانين الأردنيين، إبراهيم الخطيب، في بيان اللجنة المنظمة، إلى أنها "تمثّل فرصة مهمة لتقديم قيمة فنية وثقافية تعزز مكانة المهرجان محفلاً ثقافياً. وتسهم في جذب جمهور أوسع من محبي الفنون التشكيلية والخط العربي، حيث دُمج الرسم مع الحروفية والخط العربي ضمن سمبوزيوم واحد". كما أنها فرصة للفنانين التشكيليين الأردنيين، لتبادل الخبرات والرؤى مع نظرائهم العرب.
ولم ينس المنظمون أن يبقى الحدث الفني على تواصل مع محيطه، في سياق يشهد إبادة إسرائيلية تجري على قدم وساق على بعد عشرات الكيلومترات، حيث يقدّم كل فنان عملاً فنياً يُخصّص لاحقاً لدعم أهل قطاع غزة، مع حرص بعض الفنانين على تسجيل تفاعلهم مع عملية الإبادة، ولو بأعمال مباشرة تغطي حمولتها الإنسانية على قيمتها الفنية المتوسطة.
