الزراعة اليمنية: بين فاتورة الاستيراد الباهظة وآمال التصدير
تقارير وتحليلات
منذ ساعتين
مشاركة

في ظل الاعتماد شبه الكامل على الاستيراد لتلبية الاحتياجات الغذائية، تواجه الزراعة اليمنية رغم الإمكانات الطبيعية الواعدة تحديات مزمنة تعرقل قدرتها على التحول إلى مصدر رئيسي للدخل القومي، ويعد الاهتمام بالقطاع الزراعي وتمكينه الطريق الأمثل لتحقيق الأمن الغذائي، وتقليل فاتورة الاستيراد.

وتشير التقديرات إلى أن اليمن يستورد نحو 85% من غذائه، بما في ذلك 90% من القمح، هذا الاعتماد الشديد على الاستيراد يؤدي إلى ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية ويفاقم أزمة انعدام الأمن الغذائي في البلاد، ووفقًا للتقديرات، فإن ما يقرب من 17 مليون يمني يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي.

وفي ظل الغياب شبه الكامل للاهتمام الرسمي، يشدد الخبير البيئي الدكتور يوسف المخرفي على ضرورة إعادة النظر في واقع القطاع الزراعي، وقراءة فاتورة الاستيراد الزراعي بعين استراتيجية لا تقتصر على الخضروات والفواكه فقط.


   مواضيع مقترحة


ويؤكد المخرفي، في حديثه لمنصة “ريف اليمن”، أن اليمن تستورد سنويًا نحو 4 ملايين طن من القمح، إلى جانب غالبية الخامات الزراعية المستخدمة في الصناعات الغذائية، مثل مسحوق الحليب، والعصائر، والتبغ، والقطن.

جهود غائبة

ويرى أن الجهود الرسمية لإنعاش الزراعة وتحويله إلى مصدر ما تزال غائبة، ولا تتعدى التركيز المحدود على بعض المحاصيل، متجاهلة حجم المشكلة الحقيقية، ويضيف: ” ما يوجد فقط يركز بشكل محدود على الخضروات والفواكه ويتجاهل الحجم الحقيقي للمشكلة”.

ويشير المخرفي إلى أن تصدير المنتجات الزراعية يتم حاليًا بجهود فردية من بعض العاملين في القطاع الخاص، وبدون أي تنظيم أو رقابة، وبعيدًا عن منظومة متكاملة لسلاسل القيمة، داعيا إلى تأسيس شركات مساهمة وطنية كبرى – سواء حكومية أو مختلطة – لتفعيل التصدير المنظم، منوها بالتجربة السعودية، التي قال إنها تستفيد من المنتجات الزراعية اليمنية من خلال تحسين تغليفها وتسويقها وتصديرها إلى أسواق الخليج ودول أخرى.

تقدر واردات اليمن السنوية من القمح حوالي 3.5 مليون طن، بقيمة مليار و2 مليون دولار، وتفوق هذه القيمة واردات الوقود بما يزيد عن 320 مليون دولار للعام 2022، حسب مرصد التعقيد الاقتصادي الذي يقدم بيانات عن التجارة الدولية حول العالم.

مشروع تجفيف التمور باستخدام المجففات الشمسية في محافظة الحديدة(أخبار الزراعة)

في السياق ذاته، يوضح محمد حاتم، المهتم بالزراعة والبيئة، أن فاتورة الاستيراد تمثل عبئًا ثقيلًا على الاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة الوطنية، داعيا إلى التوسع في الإنتاج المحلي، وتفعيل الزراعة التعاقدية لإحلال المنتج المحلي بديلا للمستورد.

يرى حاتم خلال حديثه لمنصة ريف اليمن، ضرورة حماية المنتج المحلي من المنافسة، والارتقاء بالقطاع الزراعي والاهتمام بجودة الإنتاج وعمليات ما بعد الحصاد، كالتعبئة والتغليف، وفق المواصفات العالمية، كي تتمكن المنتجات من المنافسة محليًا ودوليًا.

ويؤكد أن اليمن يتمتع بميزة نسبية واضحة في تصدير عدد من المنتجات الزراعية ذات الجودة العالية والسمعة العالمية، مثل البن والعسل بأنواعه، والمانجو، والرمان، وغيرها، لتحقيق أقصى استفادة من هذه الإمكانيات، يقترح حاتم “إنشاء مراكز تصدير نموذجية تمتلك بنية تحتية متكاملة، والعمل على إظهار المنتج المحلي بشكل يليق بجودته.


رغم أن المنتجات الزراعية اليمنية تُعد من بين الأجود عالميا، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة في التصدير، والجهود الرسمية لإنعاش الزراعة وتحويلها إلى مُصدّر لاتزال غائبة.


كما يؤكد على ضرورة “فتح أسواق جديدة يتم تصدير المنتجات الزراعية اليمنية إليها، إضافة إلى “الترويج للمنتجات اليمنية في الأسواق الخارجية وتنظيم المهرجانات والمعارض الزراعية السنوية محليًا وخارجيًا”.

تحسن محدود

رغم ذلك، يؤكد وجيه المتوكل، مسؤول في دائرة الوقاية الزراعية، أن هناك تحسن في صادرات المنتجات الزراعية، وبكميات أكبر من السابق، وإلى أسواق جديدة، لافتا أن هناك محاولات لتقليل الاستيراد والوصول إلى الاكتفاء الذاتي.

ويوضح المتوكل لـ”منصة ريف اليمن”، أن الفواكه الأكثر تصديرًا هي الرمان، ومؤخرا بدأ تصدير الخوخ البلدي بكميات محدودة، بالإضافة إلى البطيخ والشمام والبصل، مشيرا إلى ارتفاع معدل تصدير العسل والبن، بفضل مساعدة القطاع الخاص والتسويق والاهتمام الكبيرين.

ومع ذلك، يقر المتوكل بأن اليمن لا يزال يستورد منتجات زراعية أكبر بكثير مما يصدر، خاصة فيما يتعلق بالحبوب والبقوليات، ورغم التحسن والتطور في التصدير، لم يصل اليمن بعد إلى 50% من حاجة المواطنين والاستهلاك المحلي.

رغم أن المنتجات الزراعية اليمنية تُعد من بين الأجود عالميًا، إلا أنها تواجه تحديات كبيرة في التصدير، أبرزها العشوائية في الإنتاج والتسويق. ويشير التاجر والمُصدر هايل فيصل إلى أن غياب التنظيم يتسبب في إغراق الأسواق الخليجية بكميات غير مدروسة، ما يؤدي إلى انخفاض الأسعار ويؤثر سلبًا على دخل المزارعين.


“منتجاتنا مطلوبة عالميًا، لكنها تحتاج إلى دعم وتنظيم حكومي لتصل إلى المكانة التي تستحقها، واليمن لديه القدرة على تغطية الأسواق الخليجية، بل وربما الأوروبية”.


ودعا فيصل خلال حديثه لـ”منصة ريف اليمن”، الجهات الرسمية إلى ضرورة تنظيم عملية التصدير من حيث الكميات والتوقيت ووسائل النقل، بما يتناسب مع احتياجات السوق الخارجية، لافتًا إلى الطلب المتزايد على المنتجات اليمنية في عدد من الدول.

جودة بحاجة إلى تنظيم

وقال: “منتجاتنا مطلوبة عالميًا، لكنها تحتاج إلى دعم وتنظيم حكومي لتصل إلى المكانة التي تستحقها”، واستشهد بتجربة تصدير فواكه يمنية إلى إحدى الدول الأوروبية عبر البحر، استغرقت شهرًا في الشحن، ومع ذلك حافظت على جودتها العالية مؤكدًا أن اليمن لديه القدرة على تغطية الأسواق الخليجية، بل وربما الأوروبية إذا توفرت آليات دعم فعّالة.

صور لمزارع السمسم في عزلة الحصون بمديرية المطمة بمحافظة الجوف(أخبار الزراعة)

في السياق ذاته، قال مدير فرع وزارة الزراعة والري بمحافظة أبين حسين فاضل، إن اليمن يمتلك مساحات وأراضي خصبة، أبين مثالا، ورغم ذلك تعاني بسبب كلفة الإنتاج العالية، لكنها لا تزال تنتج محاصيل استراتيجية مثل القطن، والطماطم، والبطاطس، والبصل، والفلفل، إضافة إلى أنواعا متعددة من الفواكه.

وأوضح خلال حديثه لـ منصة ريف اليمن”، أن تحديات جسيمة تواجه القطاع الزراعي وتعرقل استغلال الإمكانيات الزراعية الهائلة للمحافظة، لافتًا إلى غياب الدعم الرسمي وارتفاع أسعار المشتقات النفطية وجفاف الآبار.

ولفت فاضل إلى أن أبين لا تكتفي بتلبية الاحتياجات المحلية، بل تصدر أيضًا الخضروات وبعض أنواع الفواكه كـ البرتقال، الليمون، العنب، المانجو، الموز، البطيخ (الحبحب)، والشمام إلى خارج المحافظة وحتى إلى بعض الدول الخليجية. داعيًا الجهات المعنية إلى سرعة التدخل وتقديم الدعم اللازم للمحافظة لتمكينها من تحقيق الاكتفاء الذاتي الزراعي والمساهمة في الأمن الغذائي الوطني، والتصدير للخارج أيضا.

وبحسب تقرير صادر عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مطلع إبريل/ نيسان الماضي، فإن أزمة انعدام الأمن الغذائي في اليمن لا تزال عند مستويات مثيرة للقلق، مع وجود 62% من الأسر غير قادرة على تلبية الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية خلال الشهرين الماضيين.

The post الزراعة اليمنية: بين فاتورة الاستيراد الباهظة وآمال التصدير first appeared on ريف اليمن.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية