الحكومة اللبنانية تبحث "سلاح حزب الله والورقة الأميركية" وسط خلافات
عربي
منذ يومين
مشاركة

تتجه الأنظار في لبنان إلى الجلسة الثانية التي يعقدها مجلس الوزراء في ملفي "السلاح والورقة الأميركية"، خصوصاً بعد إعلان حزب الله رفض القرار الذي اتخذته الحكومة، بينما اعتبرت حليفته حركة أمل التي يرأسها رئيس البرلمان نبيه بري، أنّ هناك فرصة اليوم لـ"التصحيح والعودة للتضامن اللبناني".

وعند الساعة الثالثة من بعد ظهر اليوم الخميس، بالتوقيت المحلي، يعقد مجلس الوزراء جلسة في القصر الجمهوري، برئاسة الرئيس جوزاف عون، مخصّصة بالدرجة الأولى لاستكمال النقاش بورقة المقترحات التي تقدمت بها الولايات المتحدة الأميركية عبر موفدها توماس برّاك من أجل تمديد وتثبيت إعلان وقف إطلاق النار الذي وقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ولبحث التعديلات التي أضيفت بناءً على طلب المسؤولين اللبنانيين.

ومن المتوقع أن تكون الجلسة أكثر "توتراً"، خصوصاً في ظلّ الموقفين المتشددين الصادرين عن حزب الله، الذي اعتبر أن ما ارتكبته الحكومة "خطيئة كبرى"، وإشارة حركة أمل إلى أن الحكومة تعمل عكس ما جاء في خطاب القسم لرئيس الجمهورية ومخالفة لبيانها الوزاري، مقابل المواقف الصادرة عن الأحزاب المعارضة، الداعية إلى مواصلة المسار نحو بناء الدولة، واحتكار الدولة للسلاح قبل نهاية العام الجاري، ولعلّ أبرزها تصريح وزير الخارجية يوسف رجّي (محسوب على حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع)، بأنّ "القرار حاسم ونهائي ولا عودة إلى الوراء".

وزراء حزب الله لم يحسموا المشاركة في جلسة اليوم

وبحسب معلومات "العربي الجديد"، فإنّ "وزراء حزب الله لم يحسموا بعد المشاركة من عدمها في الجلسة اليوم، والاتصالات مستمرة، خصوصاً مع حركة أمل، كما أن الانسحاب وارد أيضاً من الجلسة في حال حضورها، وربطاً بالمشاورات التي ستحصل، بحيث أن الانزعاج لم يقتصر على حزب الله بل أيضاً على رئيس البرلمان نبيه بري. ويعتبر حزب الله وبري أن ما حصل بمثابة انقلاب واضح على الاتصالات والمباحثات، وأن المنحى لم يكن باتخاذ قرار بشأن الجدول الزمني". وتبعاً للمعلومات أيضاً، فإنّ الطرفين "سيتمسّكان أكثر بموقفهما لناحية أولوية وقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية، وضرورة الأخذ بعين الاعتبار المصلحة الوطنية العليا".

على صعيد متصل، تُطرح تساؤلات حول مفعول القرار الذي اتخذته الحكومة اللبنانية يوم الثلاثاء ووضعية حزب الله من بعده، خصوصاً أن قوته العسكرية كانت منذ عقود طويلة "مشرَّعة" تحت عباءة المقاومة، وتداعيات عدم تنفيذه. إذ يشير المحامي والخبير الدستوري سعيد مالك، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "قرار مجلس الوزراء أكد المؤكد بأن هذا السلاح يجب أن يُنزع وأن يُحصر بيد الدولة اللبنانية"، لافتا إلى أن "سلاح حزب الله بالأساس هو غير دستوري وغير شرعي لأنه عملاً بوثيقة الوفاق الوطني كان يفترض أن تحل كافة المليشيات وتسلم أسلحتها إلى الدولة في مهلة ستة أشهر، بالتالي التصديق على وثيقة الوفاق الوطني وانتخاب رئيس وتشكيل حكومة وإقرار الإصلاحات، وهذه المهلة مر عليها الزمن بعقود وعقود"، مؤكداً أنّ الغطاء الذي كان موجوداً أزيل اليوم على صعيد المقاومة.

ويردف مالك: "أما لجهة التداعيات بحال عدم إنفاذ القرار، فالمجتمع الدولي منفتح على كافة القرارات التي يمكن أن يتخذها، ومنها إخضاع لبنان لأحكام الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (يمنح حق استخدام القوة عند الضرورة)، إضافة إلى الإجراءات الاقتصادية التي من الممكن أن تلحق بلبنان (..) هذه كلها ضغوطات أرغمت أساساً الحكومة على الذهاب باتجاه هذا القرار الذي جاء تكريساً لحق الدولة منفردة وحصرياً بحمل السلاح وامتلاك الشرعية".

بدوره، يقول المحامي جاد طعمه، أستاذ مادة القانون في الجامعة اللبنانية، لـ"العربي الجديد"، إن "الأزمة اللبنانية الحالية أدخلتنا نتيجة الضغط الدولي في صراعٍ بين سيادة الدولة والواقع السياسي والأمني، إذ إن الدستور اللبناني يُلزم الدولة باحتكار القوة، ومسألة وجود سلاحٍ خارج مؤسساتها يناقض هذا المبدأ جوهرياً، لذلك كان قرار مجلس الوزراء بتكليف الجيش وضع خطة لحصر السلاح، لكن غياب الإجماع السياسي سيعرقل تنفيذ أي قرار". ويضيف طعمه: "دولياً من المهم المقارنة بين قراري مجلس الأمن الدولي رقم 425 و1701 لرصد الازدواجية الخطيرة، فالقرار 425 صدر في العام 1978 وفرض تطبيقه في العام 2000 لا نتيجة الضغط الدولي الفعّال بل نتيجة عمليات المقاومة، في حين أن القرار 1701 الصادر عام 2006 لبنان مطالب بتنفيذه، لا سيما بالشق المتعلق بنزع سلاح (الكيانات غير الحكومية)، لكنه يُغفل انتهاكات إسرائيل اليومية والمستمرة للسيادة اللبنانية (الاغتيالات، التهديدات، اختراق المجال الجوي)".

ويتحدث عن وجود مفارقة قانونية مهمة في هذه الحالة، ويقول "كيف تُطالب الدولة اللبنانية بنزع سلاح المقاومة بينما تُحرم من أدوات الدفاع الشرعي؟ علماً أن ميثاق الطائف الصادر عام 1989 يعترف بحق المقاومة بتحرير الأراضي المحتلة، لكنه يربطها باستراتيجية الدفاع الوطني، فمن هي الجهة المخولة بوضعها اليوم". ويتابع طعمه أن "الفساد السياسي يُضعف مؤسسات الدولة، لأن من في السلطة يخشون العقوبات الأميركية خوفاً على أموالهم المهربة إلى الخارج، وهنا تسمو مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة، علماً أن الضغوط الأميركية التي حملتها مذكرة الموفد توماس برّاك تنتهك مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة المنصوص عنها في المادة 52 من ميثاق الأمم المتحدة. أما الانسحاب الوزاري للوزيرين تمارا الزين وركان ناصر الدين وموقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والمسيرات في الشوارع، فكلها تفاصيل تعكس انقساماً طائفياً خطيراً من شأنه تحويل هذه القضية إلى صراع داخلي".

ويختم طعمه حديثه بالقول إن "الحل المتوازن يقتضي ربط تنفيذ القرار 1701 بانسحاب إسرائيل من كامل الأراضي المحتلة ووقف انتهاكاتها اليومية، كما تفعيل آليات الرقابة الأممية المحايدة لمراقبة التزام الطرفين والتمديد لعمل قوات اليونيفيل في جنوب لبنان، كما محاولة دمج المقاومة الوطنية التي تضم حزب الله في استراتيجية دفاع وطني تحت قيادة الجيش، لأن هذا ما ينص عليه الدستور (..) دون توافر ضغط دولي عادل على إسرائيل وإصلاح داخلي يُنهي هيمنة الفساد في الجمهورية اللبنانية ومحاسبة الفاسدين سيبقى لبنان ساحة لصراعٍ يدفع الشعب اللبناني فاتورته فداء للزعماء الطائفيين. فالسيادة الوطنية تُبنى بقوة القانون وإعمال مبادئ العدالة وتوافر القضاء النزيه لا بالسلاح الذي يُفكك الدولة وينحر هيبتها".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية