مغتربو لبنان... حيرة بين العودة الصيفية والتريّث
عربي
منذ ساعة
مشاركة

ينتظر المغتربون اللبنانيون فصل الصيف كل سنة بفارغ الصبر، لكونه يمثل فرصة لزيارة الأهل والبلاد بعد طول غياب. لكن الصيف الحالي ليس أفضل من سابقه، إذ يأتي بعد حربٍ إسرائيلية واعتداءات متواصلة على لبنان، فضلأ عن العدوان الإسرائيلي على إيران والذي أرخى بظلاله الثقيلة على خطط العودة للوطن، تاركاً المغتربين في حكم التائهين.

منذ بداية الصيف، تردّد بعض المغتربين في العودة باعتبارها خياراً محفوفاً بالمخاطر، في حين تمسّك آخرون بلقاء الأحبة وزيارة الوطن رغم كل الاحتمالات. 

يتحدر محمد قصير، من محافظة البقاع (شرق)، وهو أب لابنتين، ويقيم في غانا منذ عام 2013. يروي لـ"العربي الجديد" تفاصيل معاناته هذه السنة، إذ كان من المقرر أن يعود إلى لبنان بداية هذا الشهر، لكنّ الوضع الأمني خلق لديه شعوراً بعدم الاطمئنان. يقول محمد: "عائلتي وصلت إلى لبنان قبل أسبوعين، وكان من المفترض أن ألحق بها، لكنني الآن أفكر في إلغاء سفري وإعادة عائلتي. خوفي الأكبر هو أن يؤدي حدث ما إلى إغلاق المطار، فأضطر حينها للبقاء في لبنان، ما يعيق عودتي إلى عملي في أفريقيا. وفي الاغتراب، لا مجال للرحمة، فقد يتم استبدالي بسرعة إذا تغيّبتُ لفترة طويلة عن العمل".

في السياق نفسه، تقول كريستال يمّين، المقيمة في فرنسا منذ عام 2022: "أنهيت هذه السنة شهادة الماجستير، وكنتُ أنتظر بفارغ الصبر زيارة لبنان للاحتفال بالمناسبة، خصوصاً أنني لم أزر عائلتي منذ سنتين. لكن الوضع الأمني الراهن غير مشجع، وقد حصلت على فرصة عمل جديدة، ولا يمكنني المخاطرة". 

وتعبّر كريستال (29 سنة) المتحدرة من شمال لبنان، عن قلقها تجاه أهلها الذين بدورهم لا يشجعونها على القدوم إلى لبنان، حيث يردد والدها دوماً نصيحته لها بعدم المجازفة والعودة، لا سيما عند وقوع حدث ما. وتضيف لـ"العربي الجديد": "كررت مراراً دعوتهم لزيارتي في فرنسا، لكنهم يرفضون. انزعجتُ وبكيتُ كثيراً عندما ألغيتُ حجزي، لكن من أجل مستقبلي ومستقبل عائلتي، أعتقد أن البقاء هنا هو الخيار الأفضل".

في المقابل، يكشف قائمون على وكالات سفر عاملة في لبنان أن عدداً من المسافرين الذين يعتزمون زيارة لبنان هذا الصيف، لم ينتظروا للتحقق من مدى استقرار الوضع الداخلي، من أجل تأكيد تذاكرهم وحجوزاتهم أو البحث عن رحلات إلى بيروت.

يُصرّ عبد الله حلّاق، ابن قضاء الشوف (محافظة جبل لبنان) والمقيم في الإمارات منذ 4 سنوات، على زيارة لبنان، ويقول لـ"العربي الجديد": "لم أفكر أبداً في إلغاء حجزي رغم كل شيء، فالشعور بالخوف والتوتر بعيداً عن أهلي أسوأ بكثير من وجودي بقربهم في حال حدوث أي شيء".

ولا يشكل عبد الله حالة فردية، فمعظم اللبنانيين المغتربين متحمّسون لقضاء الصيف في بلدهم. يقول كريم مسلماني، المقيم في جنوب أفريقيا منذ عام: "أجبرتني الظروف على السفر، لكن لا يمكنني البقاء طويلاً هناك، خصوصاً وسط الضغط النفسي الذي نعيشه في الغربة. أتوق كثيراً للاستمتاع بالصيف والعطلة". ويضيف لـ"العربي الجديد": "الوضع الأمني اليوم أفضل نسبياً، ولا أرى ما يمنعني من زيارة لبنان".

أما علي ناجي، المتحدر من جنوب لبنان والمقيم في بلجيكا منذ أكثر من عشر سنوات، فيقول لـ"العربي الجديد": "أهلي وعائلتي في لبنان، وما يصيبهم يصيبني. طبعاً سأعود، ما من شيئ يمنع زيارتي لوطني". بدوره، يؤكد حسين سلمان من قضاء صور (محافظة الجنوب) والمقيم أيضاً في بلجيكا أنهم معتادون على الأوضاع الأمنية المتقلبة، ويوضح لـ"العربي الجديد": "لا أشعر بخوف أو قلق من التصعيد، إنما أنتظر شهر أغسطس/ آب كي أقصد البحر في لبنان، خصوصاً أنني من عشّاق السباحة، والبحر في هذا الوقت يكون رائعاً. لن أضيّع الفرصة".

أما كارول مصري (27 سنة) المتحدرة من المنية (محافظة الشمال)، والمقيمة في السعودية منذ عامين، فتقول لـ"العربي الجديد": "حجزتُ بطاقة سفري إلى لبنان بتاريخ 15 أغسطس، وأنا مصمّمة على السفر طالما الرحلة قائمة. السبب الأساسي لإصراري على زيارة لبنان هو رؤية أهلي وأصدقائي، ولولا وجودهم، لكنتُ سافرت لقضاء عطلة سياحية في بلد آخر، لا سيما أن أسعار لبنان أصبحت باهظة".

ولا تخفي كارول مشاعر القلق والتوتر التي تنتابها خوفاً من تدهور الوضع الأمني، لكنها تؤكد أن الشوق إلى أهلها أقوى من الخوف، وتختم بالقول: "إن قررت عدم الزيارة، سيكون الوضع أصعب". بدورها، تقول آية ملاعب، من بلدة بيصور في قضاء عاليه (محافظة جبل لبنان) والمقيمة في دبي منذ سنوات: "أريد أن أرى أصدقائي وعائلتي. بعد القلق الذي عايشوه طيلة الفترة الأخيرة، أشعر أن من الضروري أن أعود وأطمئنّ عليهم. بصراحة، أختنق إن لم أزر لبنان".

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية