الفن السوداني المنفيّ في الشرق والغرب
عربي
منذ ساعتين
مشاركة

لطالما ارتبط منفى الفنانين السودانيين بالظروف السياسية المحيطة بخروجهم، وهو منفى لم يختاروه، لذا انصبّ تركيزهم على ثيمات الحرب والهجرة والهوية بشكل أساسي منذ بدء النزاع المسلح في إبريل/ نيسان 2023. عكس ما كان الأمر عليه قبلها، حين اعتادوا على استحضار الذاكرة وعناصر التراث في لوحاتهم.  

على ضفاف النيل

يجد الفنّ السوداني ملاذاً ومساحةً للتعبير في القاهرة التي توفّر مشهداً فنياً غنياً يستفيد الفنانون فيه من تجاربه المختلفة، ورغم الحضور الملحوظ لبعض الأسماء وأعمالهم، فإن أصحابها يواجهون تحدّيات في ظلّ غياب الدعم المؤسسي الكافي. ما عدا مبادرات محدودة، منها "ملتقى الفنانين السودانيين" في معهد غوته بالعاصمة المصرية، وهو مشروع يدعم الفنانين والمديرين الثقافيين السودانيين المتأثرين بالنزاع في السودان، عبر التمويل، وتوفير فرص العرض، والتكنولوجيا اللازمة لسد الفجوة الناتجة عن النزوح أو الانتقال القسري، حيث أقام الملتقى معرض "أزرق" في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بمشاركة ميتشي جعفر، وخالد عبد الرحمن، وولاء ياسين، وهاشم نصر، وروان رأفت.

وفي مايو/ أيار 2025، أقام مقعد السلطان قايتباي فعاليات حملت عنوان "على طول ضفاف وادي النيل"، جمعت فنانين وحرفيين وجمهوراً متنوّعاً وتضمّنت ثلاثة معارض سودانية، إلى جانب مشاركات أخرى لتشكيليين مثل حسين شريف، ومحمد عتيبي، والطيب ضو البيت، وأحمد عبد العال الذين اجتمعوا في معرض "الطير المهاجر" عام 2024. يُضاف ذلك إلى تجارب فنانين، منهم صلاح المر ومعتز الإمام اللذين استقرّا في القاهرة منذ أكثر من عشر سنوات.

تشكّل الحرب والهجرة والهوية ثيمات أساسية في أعمال الفنانين

وشهد المنفى المصري حراكاً متعدداً، حيث أقيم معرض "ضفة آفلة: لإعادة إنتاج الخرطوم بصرياً" (يناير/ كانون الثاني 2025) في مؤسسة أرض للفنون، من تنظيم "The Muse multi studios" (من المؤسسات السودانية التي نقلت جزءاً من نشاطها إلى القاهرة)، وضمّ مطبوعات لأعمال أصلية فُقدت خلال الحرب الأخيرة، وتلاه معرض "مدن ممتدة: الخرطوم - بورتسودان  - القاهرة" في إبريل/ نيسان 2025، الذي استكشف تجارب الهجرة القسرية والطوعية والترابط الإنساني.

حضور في الدوحة ومسقط

يجد الفن السوداني ترحيباً ودعماً مؤسسياً في قطر وعُمان، لكنه يواجه تحديات في الاندماج الكامل مع المشهد المحلي الذي يشهد تحولاً كبيراً. في الدوحة، أقامت مجموعة آراك بالتعاون مع غاليري الحوش، وصندوق دعم الفنانين السودانيين، وبيت مزادات الباهي، نشاطاً بعنوان "الليلة السودانية" وطُرحت الأعمال المشاركة لفنانين، منهم راشد دياب، ومعتز الإمام، والحسن المنتصر، وأحمد أبو شريعة، وحازم الحسين، ومسكا محمد، في مزاد علني نُظم في يونيو/ حزيران 2023. ولا يمكن إغفال تجربة خالد البيه المقيم في قطر منذ فترة طويلة، الذي أقام معارض شخصية عدة كما ساهم في تنظيم معارض لفنانين سودانيين، وهم: أحمد علي سلطان، المغيرة عبد الباقي، حسن خالد، وهاشم الرشيد، ونفيسة حفيظ، وريان خليل في غاليري المرخية، تنوّعت أعمالهم بين الفنون البصرية، وفيديو آرت، والتصميم الغرافيكي، والأزياء.

في مساحة جديدة، أقامت الفنانة السودانية ياسمين عبد الله الشاعرية معرضها الفردي "مناظر الروح" في غاليري فيل إكسبرشن في يوليو/ تموز 2024، واستلهمت أعمالها من قصائد محمود درويش.

مشهد أفريقي

كان المشهد الأفريقي الأكثر ترحيباً بالفنانين السودانيين، عبر مساعدتهم في إنشاء مساحاتهم الخاصة لاستمرار إنتاجهم ومعارضهم الفنية، ورغم ذلك ما زالت التحديات موجودة، وأبرزها الاضطرابات السياسية في كينيا، التي شهدت تدفّقاً للفنانين السودانيين الشباب، ومنهم الطيب ضو البيت، وأحمد أبو شريعة، وياسر علي وجلال يوسف وعدلان يوسف ووليد محمد وحذيفة صديق ومحمد وراق، واتخذ العديد منهم استديوهات ومراسم خاصة في العاصمة نيروبي لمواصلة عملهم وإنتاجهم الفني.

ومن المبادرات المؤسسية أُعلن عن برنامج الإقامة الفنية "The Rest Residency" الذي يديره القيم الفني السوداني عبد الرحيم شداد، إذ استضاف البرنامج أكثر من عشرين فناناً في دورته الأولى التي اختتمت بمعرض في غاليري سيركل للفنون في يوليو/ تموز 2024.

وفي أوغندا، استقبلت مساحة "32° East"، وهي مؤسسة غير ربحية في العاصمة كمبالا، ثلاثة فنانين سودانيين في برنامجها للإقامة الفنية في مطلع عام 2024، وهم: تنزيل عبد الله، ومحمد التاج، وحمزة تيراب، ونصر الدين الدومة، وفتحت أبوابها مجدداً لاستقبال الفنان وليد محمد في العام الجاري، بدعم من مؤسسة ألماس التي مقرها في لندن، والتي كرّست جزءاً من عملها في هذا العام لدعم الفن السوداني.

* فنانة سودانية مقيمة في القاهرة

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية