
أعلنت جامعة ستانفورد الأميركية العريقة إلغاء أكثر من 360 وظيفة، بسبب اقتطاعات مالية فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، التي تشن حملة ضد مؤسسات جامعية تعتبرها متطرفة. وأبلغت إدارة الجامعة السلطات في ولاية كاليفورنيا، نهاية يوليو/تموز، بخططها لإلغاء 363 وظيفة، وفقاً لوثائق رسمية اطّلعت عليها "فرانس برس".
وتنضم الجامعة إلى جامعات أميركية كبرى أعلنت تسريحات بسبب قرارات البيت الأبيض، مثل هارفرد وكولومبيا وجونز هوبكنز. وأوضحت رئاسة جامعة ستانفورد، في رسالة موجهة إلى الموظفين والطلاب ونشرت على موقع الجامعة، أن هذه الإجراءات الصعبة جاءت نتيجة وضع مالي صعب متأثر بشكل كبير بالتغيرات في السياسة الفيدرالية التي تؤثر بالتعليم العالي.
وأشارت الإدارة إلى أن الجامعة مضطرة لخفض ميزانيتها بمقدار 140 مليون دولار خلال العام المقبل، نتيجة اقتطاعات مالية فرضها البيت الأبيض. وتوظف جامعة ستانفورد أكثر من 18 ألف شخص هذا العام، وفقاً لموقعها الرسمي، وفق "فرانس برس". ومنذ عودته إلى البيت الأبيض، اتخذ دونالد ترامب إجراءات صارمة ضد القطاع الأكاديمي، شملت خفض تمويل البحث العلمي وفرض رقابة على مسائل معينة. وفي ظل هذا الوضع، يتزايد عدد الطلاب والباحثين والأساتذة الذين يفكرون في مغادرة الولايات المتحدة، ما يتيح لدول مثل فرنسا الاستفادة من "هجرة الأدمغة" وجذبهم إلى جامعاتها.
يعود التوتر بين الإدارة الأميركية والمؤسسات الأكاديمية إلى بدايات ولاية ترامب الأولى (2017–2021)، حين عمد إلى انتقاد الجامعات الكبرى، متهماً إياها بـ"التحيّز اليساري" والتضييق على حرية التعبير لتيارات محافظة. وترافقت هذه الخطابات مع سياسات فعلية شملت تقليص تمويل برامج الأبحاث الفيدرالية، خصوصاً تلك المتعلقة بالتغير المناخي، والصحة العامة، والعلوم الاجتماعية.
وخلال ولايته الثانية، شدّد ترامب قبضته على المؤسسات التعليمية، متذرعاً بضرورة "إعادة التوازن الأيديولوجي" إلى الحرم الجامعي، حيث يرى المحافظون أن الجامعات باتت ساحات للخطابات الليبرالية والترويج لأجندات تناقض القيم الأميركية التقليدية، بحسب تعبيرهم. كما أُرفقت هذه السياسة بحملات رقابية استهدفت طلاباً وأساتذة أجانب، خاصة من الصين وإيران، بحجة حماية الأمن القومي ومنع تسرب المعلومات التقنية.
وأثارت هذه الإجراءات جدلاً واسعاً داخل الولايات المتحدة وخارجها، وسط تحذيرات من تراجع المكانة العالمية للجامعات الأميركية وتراجع قدرتها على جذب العقول من مختلف أنحاء العالم. قرار جامعة ستانفورد، بما له من رمزية في الأوساط الأكاديمية العالمية، يسلط الضوء على التحديات العميقة التي تواجه قطاع التعليم العالي في الولايات المتحدة، في ظل سياسات تقشفية وصراعات أيديولوجية متصاعدة.
وبينما تسعى دول أخرى إلى استقطاب المواهب الأكاديمية المتضررة، تواجه الجامعات الأميركية خطر فقدان ريادتها التي بنتها عبر عقود. وفي ظل استمرار هذه السياسات، يبدو أن مستقبل التعليم العالي في البلاد بات مهدداً، ليس فقط مادياً، بل أيضاً على صعيد حرية الفكر والبحث والاستقلالية الأكاديمية.

أخبار ذات صلة.
