
(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن القوات البرية الإسرائيلية احتلت مدارس في جنوب لبنان خلال الأعمال العدائية مع "حزب الله" بين سبتمبر/أيلول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، وفي الأسابيع اللاحقة، يُفترض أنها تعمّدت تخريب ممتلكات المدارس ونهبها وتدميرها في مدرستين على الأقل. العديد من أفعالها ترقى إلى جرائم حرب.
بينما يواجه الأطفال في جميع أنحاء لبنان أكثر من ست سنوات من الانقطاعات الكبيرة في تعليمهم منذ الأزمة الاقتصادية في 2019، يتعين على لبنان والحكومات المانحة إعطاء الأولوية لإعادة بناء البنية التحتية الحيوية، بما يشمل المدارس، بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة وخالية من الفساد.
قال رمزي قيس، باحث لبنان في هيومن رايتس ووتش: "العديد من القرى الحدودية في جنوب لبنان سُويّت بالأرض، وحيثما بقيت المدارس قائمة، تعرض العديد منها للتخريب، ونهبت القوات الإسرائيلية اثنتين منها على الأقل. بنهب المدارس، ارتكبت القوات الإسرائيلية جرائم حرب مفترضة وعرّضت تعليم الطلاب في لبنان للخطر".
وفقا لـ"منظمة الأمم المتحدة للطفولة" (اليونيسف)، فإن أكثر من 100 مدرسة في جنوب لبنان "دُمرت" أو "تعرضت لأضرار جسيمة" منذ بدء الأعمال العدائية في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
زارت "هيومن رايتس ووتش" سبع مدارس في جنوب لبنان بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار 2025 في القرى والبلدات الحدودية التالية: عيتا الشعب، وطير حرفا، والناقورة، ويارين، ورامية، وعيترون، وبني حيان. ووثّقت الأضرار والتدمير الذي لحق بالمدارس والقرى المحيطة بها.
عثرت "هيومن رايتس ووتش" على أدلة شملت مواد غذائية إسرائيلية، ومخلفات أخرى تحمل كتابات عبرية، ورسومات وكتابات بالعبرية على جدران المدارس وألواح الصفوف الدراسية، ما يشير إلى أن القوات الإسرائيلية احتلت خَمسا من المدارس السبع التي تمت زيارتها – جميعها باستثناء المدارس في عيترون وبني حيان، التي تعرضت أيضا لأضرار.
Click to expand Image © 2025 Human Rights Watchتحدثت هيومن رايتس ووتش مع مديري المدارس ومسؤوليها الإداريين، الذين فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، حول تأثير ذلك على تعليم الأطفال. تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا مع منظمتين إنسانيتين دوليتين وثّقتا الأضرار والدمار الذي لحق بالمدارس في لبنان، وتأثير ذلك على التعليم.
تعرضت المدارس الخمس التي احتُلت لأضرار جراء إطلاق نيران بالأسلحة الخفيفة والأسلحة المتفجرة. وجدت "هيومن رايتس ووتش" في جميعها رسومات وكتابات بالعبرية والإنغليزية على الجدران وألواح الصفوف الدراسية. في يارين والناقورة، تشير الأدلة إلى أن القوات الإسرائيلية دمرت المدارس عمدا ونهبتها، ما يُشكل جرائم حرب. تركت القوات الإسرائيلية المنسحبة خلفها صفوفا مدرسية ومكاتب إدارية متضررة ومنهوبة. دُمر أو تلف الكثير من المعدات المدرسية المتبقية، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر ومعدات الصفوف الدراسية.
تضررت المدارس في عيتا الشعب وطير حرفا ورامية بشدة، على الأرجح نتيجة القتال البري. قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مدرسة في طير حرفا لأن عناصر من حزب الله كانوا يستخدمون مبنى المدرسة. احتلت القوات الإسرائيلية لاحقا المدرسة . قال مديرو المدارس لـ هيومن رايتس ووتش إن ممتلكات المدارس مفقودة. لكن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد المسؤولية عن الممتلكات المدرسية المفقودة في ضوء القتال الذي وقع في المدارس أو حولها، بالإضافة إلى أن هذه القرى والبلدات قد أفرِغت إلى حد كبير من السكان منذ اندلاع الأعمال العدائية في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
تشير كتابات بالعبرية مؤرخة عُثر عليها في مدرسة الناقورة المتوسطة الرسمية إلى أن الجيش الإسرائيلي واصل احتلال بعض المدارس لأسابيع بعد وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
في 16 مايو/أيار، أرسلت هيومن رايتس ووتش رسالة توضح نتائج تحقيقاتها وتطرح أسئلة على الجيش الإسرائيلي. رد متحدث عسكري بأن الجيش الإسرائيلي "يضطر أحيانا إلى العمل من داخل مبان مدنية لفترات متفاوتة، حسب الاحتياجات العملياتية والظروف على الأرض". وقال إن "تخريب الممتلكات المدنية لا يتماشى مع قِيَم الجيش الإسرائيلي ويُشكل انتهاكا لأنظمته... والحوادث الاستثنائية التي تثير مخاوف من الخروج عن أوامر الجيش الإسرائيلي والسلوك المتوقع منه سيتم التعامل معها وفقا لذلك".
أرسلت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى حزب الله في 4 يونيو/حزيران، سألت فيها عما إذا كان الحزب قد احتل مدارس أو شارك في قتال بري في المدارس أو بالقرب منها، لكنها لم تتلق أي رد.
تشكّل الانتهاكات الجسيمة لقوانين الحرب التي يرتكبها أفراد بنية إجرامية – أي عمدا أو بتهور – جرائم حرب. تشمل جرائم الحرب مجموعة واسعة من الجرائم مثل الهجمات المتعمدة والعشوائية وغير المتناسبة على الأعيان المدنية ونهبها. وتتمتع المدارس والممتلكات الثقافية الأخرى، حتى لو كانت ملكية عامة، بحماية خاصة من "الاستيلاء... أو التدمير أو الإتلاف المتعمد"، والتي تشكّل جرائم حرب.
في 2015، صادق لبنان على "إعلان المدارس الآمنة"، وهو التزام سياسي دولي يهدف إلى حماية التعليم في أوقات الحرب من خلال تعزيز منع الهجمات على الطلاب والمعلمين والمدارس والجامعات والاستجابة لها. بموجب الإعلان، تتعهد الحكومات بأن تمتنع جيوشها عن استخدام المدارس والجامعات لأي غرض يدعم الجهود العسكرية.
لم تُصادق إسرائيل على إعلان المدارس الآمنة. على حلفاء إسرائيل الضغط على الحكومة الإسرائيلية حتى توقف فورا الهجمات المتعمدة والعشوائية وغير المتناسبة ضد المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك المدارس، وتتجنب استخدام المنشآت التعليمية لأغراض عسكرية.
على المانحين الدوليين والوكالات الإنسانية دعم الحكومة اللبنانية لضمان إعادة إعمار المدارس في الوقت المناسب، إلى جانب البنى التحتية المدنية الحيوية الأخرى. لضمان المساءلة والعدالة عن الانتهاكات الجسيمة، على الحكومة اللبنانية منح "المحكمة الجنائية الدولية" الولاية القضائية للتحقيق في الجرائم الدولية المرتكبة على الأراضي اللبنانية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومقاضاة مرتكبيها.
قال قيس: "ثمة حاجة إلى جهود إعادة إعمار عاجلة حتى يتمكن عشرات آلاف السكان النازحين من العودة إلى منازلهم وقراهم، ويتمكن الأطفال من التمتع بالكامل بحقهم في التعليم. ومن المهم بالقدر نفسه أن تضمن الحكومة اللبنانية تحقيق العدالة عن الانتهاكات والجرائم بسبل تشمل منح المحكمة الجنائية الدولية الاختصاص القضائي".
اندلعت أحدث موجة من الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2023. في 9 أكتوبر/تشرين الأول، بدأ العام الدراسي رسميا في المدارس الرسمية في لبنان، لكن العديد من المدارس في القرى الحدودية اللبنانية اضطرت إلى إغلاق أبوابها في ظل الهجمات عبر الحدود. نتيجة لذلك، نزح عشرات آلاف الأشخاص من القرى الحدودية اللبنانية، التي ظلت خالية إلى حد كبير طوال فترة الأعمال العدائية.
بين أكتوبر/تشرين الأول 2023 ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، أسفرت الأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله عن مقتل أكثر من 4 آلاف شخص في لبنان، وتهجير نحو مليون شخص، وكان لها أثر مدمر على حصول الأطفال على التعليم.
في 30 سبتمبر/أيلول 2024، اجتاحت القوات البرية الإسرائيلية جنوب لبنان واحتلت بعد ذلك عشرات القرى الحدودية. بين 1 و7 أكتوبر/تشرين الأول 2024، دعا الجيش الإسرائيلي سكان أكثر من 100 بلدة وقرية في جنوب لبنان إلى إخلاء منازلهم والتوجه إلى مناطق تبعد نحو 60 كيلومتر شمال الحدود اللبنانية مع إسرائيل.
كانت العديد من القرى الحدودية مسرحا لقتال نشط بين القوات الإسرائيلية وحزب الله، بالإضافة إلى عمليات هدم منظمة نفذتها القوات الإسرائيلية. بعد وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واصلت القوات الإسرائيلية احتلال العديد من القرى الحدودية، ومنعت السكان من العودة، وارتكبت أعمال تدمير واسعة قبل أن تنسحب في نهاية المطاف.
ما تزال القوات البرية الإسرائيلية متمركزة في خمسة مواقع في جنوب لبنان. حتى يوليو/تموز 2025، أسفرت الهجمات الإسرائيلية منذ وقف إطلاق النار في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 عن مقتل 260 شخصا على الأقل في لبنان، بينهم 71 مدنيا على الأقل، بحسب "مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان". وفقا لـ "المنظمة الدولية للهجرة"، ما يزال أكثر من 82 ألف شخص نازحين حتى مايو/أيار 2025.
عمليات إصلاح وإعادة بناء أكثر من 100 مدرسة تعرضت لأضرار جسيمة ودمار نتيجة القتال، وغيرها من البنى التحتية الأساسية، ستتطلب موارد كبيرة ووقتا طويلا، ما سيحرم على الأرجح العديد من الأطفال من التعليم في غضون ذلك.
قال جميع مديري المدارس والإداريين الذين قابلناهم إن مدارسهم كانت تحتوي على لوازم ومعدات مدرسية مقدمة من برنامج "كتابي (جودة التعليم نحو الوصول وتحسين التعليم الأساسي)"، الذي تموله "الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية".
قد يكون لتدمير المدارس أو إلحاق أضرار جسيمة بها آثار مدمرة على الأطفال، الذين غالبا ما يضطرون إلى التنقل لمسافات أطول، في بيئة قد تكون غير آمنة، للحصول على التعليم، وغالبا ما يكون ذلك في مدارس مكتظة. قد لا يتمكن بعض الطلاب من مواصلة تعليمهم بسبب نقص المرافق المتاحة، والصعوبات والتكاليف المتعلقة بالنقل، وانعدام الأمن، والصدمات النفسية، وعوامل أخرى.
يؤثر تدمير المدارس على الفتيات بشكل غير متناسب لأنهن يواجهن ضررا أكبر جراء صعوبة الوصول إلى المدارس. قد يكون أهالي الفتيات أكثر حساسية للمخاطر الأمنية المرتبطة بالتنقل لمسافات طويلة، بما يشمل العنف الجنسي والعنف القائم على الجندر، ويمكن أن تشجع الأعراف الاجتماعية التمييزية على عدم إعطاء الأولوية لتعليم الفتيات.
مدرسة يارين المتوسطة الرسميةفي 6 مارس/آذار 2025، زارت هيومن رايتس ووتش مدرسة يارين المتوسطة الرسمية. قالت مديرة المدرسة إن المدرسة كانت تستقبل سابقا 170 طالبا من يارين وقرى أخرى، من مرحلة الروضة حتى الصف السادس. أدى اندلاع القتال عبر الحدود إلى إغلاق المدرسة في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وتسبب في نزوح الموظفين والطلاب من القرية، حسبما قالت المديرة.
تشير الأدلة التي راجعتها هيومن رايتس ووتش، بما يشمل صورا وفيديوهات توثق الأضرار، إلى أن القوات الإسرائيلية على الأرجح دمرت ممتلكات المدرسة عمدا ونهبتها، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب.
الدمار الذي لحق بمدرسة يارين المتوسطة الرسمية، لبنان، 6 مارس/آذار 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتش الدمار الذي لحق بمدرسة يارين المتوسطة الرسمية، لبنان، 6 مارس/آذار 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتش صف مدرسي مدمر في مدرسة يارين المتوسطة الرسمية، لبنان، 6 مارس/آذار 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتش كتابات تشير إلى "لواء غولاني" التابع للجيش الإسرائيلي عُثر عليها على جدران فصل دراسي في مدرسة يارين المتوسطة الرسمية، لبنان، 6 مارس/آذار 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتشعثرت هيومن رايتس ووتش على أدلة تشير إلى أن القوات الإسرائيلية احتلت القرية بين 20 أكتوبر/تشرين الأول 2024 و26 يناير/كانون الثاني 2025، واحتلت أيضا مدرسة يارين المتوسطة الرسمية، على الرغم من أن الباحثين لم يتمكنوا من تحديد التواريخ الدقيقة.
تشير صور الأقمار الصناعية إلى أن عمليات الهدم المنظمة توسعت بعد 20 أكتوبر/تشرين الأول، ما أدى إلى تدمير قرية يارين بالكامل تقريبا في أقل من 10 أيام. يُظهر فيديو نشره الجيش الإسرائيلي في 25 أكتوبر/تشرين الأول، حُدد موقعه لأول مرة بواسطة "جيو كونفيرمد" ("GeoConfirmed") وأكدته هيومن رايتس ووتش، قوات إسرائيلية تعمل في يارين، على بعد أقل من 300 متر من المدرسة. وأظهرت صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بين 19 و25 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل يومين من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، جنودا إسرائيليين في المدرسة. عثر الباحثون أيضا على كتابات عبرية على لوح أبيض في أحد الصفوف مؤرخة في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.
بين 22 و26 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدر حزب الله خمسة بيانات أشار فيها إلى أنه شن، في مناسبات عدة، هجمات بمسيّرات ضد القوات والمعدات العسكرية الإسرائيلية في القرية.
بحسب تقارير، لم يتمكن السكان من العودة إلا بعد الانسحاب الجزئي للجيش الإسرائيلي من بعض القرى والبلدات الحدودية في 26 يناير/كانون الثاني 2025.
عندما زارت هيومن رايتس ووتش المدرسة في مارس/آذار، عثر الباحثون على بقايا عبوات مواد غذائية ونفايات أخرى تحمل كتابات عبرية في المدرسة، وعلى سرير عسكري نقال، ما يشير إلى أن القوات الإسرائيلية ربما قد أقامت في المدرسة.
كانت هناك صناديق خشبية فارغة لذخائر، بما في ذلك ذخائر مدافع مباشرة عديمة الارتداد، وهي سلاح غير موجود في ترسانة الجيش الإسرائيلي لكنه شائع الاستخدام من قبل حزب الله وجماعات مسلحة أخرى، قد تُركت في ساحة المدرسة حسب الافتراض. تحقق الباحثون من عدة صور نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024 تُظهر جنودا إسرائيليين في يارين يحملون أسلحة يفترض أنها صودرت من حزب الله. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد متى تُركت الصناديق في المدرسة ومن قام بذلك.
راجعت هيومن رايتس ووتش وحددت المواقع الجغرافي لصور جنود إسرائيليين نشرها الصحفي الفلسطيني يونس الطيراوي على وسائل التواصل الاجتماعي في 25 نوفمبر/تشرين الثاني، والتي تظهر فيها دبابتان إسرائيليتان ومركبة "همفي" متوقفة في ساحة المدرسة. في الصور، يبدو أن الواجهتين الجنوبية والغربية للمدرسة غير متضررتين إلى حد كبير، على الرغم من أن النوافذ محطمة وتظهر آثار ثقوب من أسلحة صغيرة وخفيفة، بما في ذلك أسلحة متفجرة، على واجهة المدرسة، ما يشير إلى احتمال وقوع قتال بري في المدرسة.
يفترض أيضا أن هناك أضرارا ناجمة عن نيران أسلحة خفيفة على بعض جدران الممرات الداخلية. يُفترض أن الجنود ربطوا مواد مختبر الأحياء، بما في ذلك نموذج مصغر لهيكل عظمي بشري، على مقدمة إحدى مركباتهم. وتوجد دبابتان على الأقل وشاحنة عسكرية واحدة متوقفة عند مدخل المدرسة. تظهر الصور أيضا جنودا إسرائيليين جالسين في أحد صفوف المدرسة، ومعدات عسكرية موضوعة على طاولات الصف، بينما يكتب جنود آخرون على الألواح البيضاء في المدرسة.
عندما زار باحثو هيومن رايتس ووتش المدرسة، وجدوا أنها تعرضت لأضرار بالغة واحترقت جزئيا. وعندما زار الباحثون الصف الدراسي الذي يظهر في الصور، وجدوا كراسي وطاولات وجدران متضررة بشكل كبير. كانت أجزاء من الجدار الشرقي مفقودة، وتناثرت على الأرض كتل اسمنتية مكسورة وملفات ومواد دراسية أخرى. أشار ملصق معلق في الصف إلى أن المواد المدرسية، بما في ذلك الكراسي والطاولات و10 كومبيوترات، كانت تبرعات من فرنسا.
تضررت الواجهات الخارجية الجنوبية والغربية للمدرسة والأعمدة والممرات في الطابقين الأرضي والأول. وتضررت جميع جوانب الواجهات الخارجية للمدرسة. يبدو أن الغرف في الطابقين الأرضي والثاني، على الجانب الغربي من المدرسة، قد احترقت، كما احترق المولد الكهربائي الواقع بجوار المدرسة شمالا، والذي كان يزودها بالكهرباء، وانقلب على جانبه مع القفص المعدني الثقيل الذي كان يحتويه وعمود كهرباء قريب. كما تم هدم سقف القرميد في ساحة المدرسة، الذي بدا سليما في صور نشرها الجنود في 25 نوفمبر/تشرين الثاني أو قبل ذلك.
عثر الباحثون على كتابات بالعبرية على اللوح الأبيض في أحد الصفوف، بما في ذلك عبارة ذكرت "لواء غولاني"، وهو وحدة في الجيش الإسرائيلي مرتبطة بانتهاكات. قال مدير المدرسة إن القوات الإسرائيلية أخذت المراتب (الفرش) المستخدمة للقيلولة في الحضانة إلى الطابق الثاني و"حولت بعض الصفوف إلى غرف نوم".
تُظهر صورة نُشرت على الإنترنت في 19 نوفمبر/تشرين الثاني، وحددت هيومن رايتس ووتش موقعها الجغرافي، جندي احتياط إسرائيلي يُرجح أنه من لواء غولاني، الكتيبة 13، استنادا إلى صور من فعاليات الوحدة كان قد نشرها على الإنترنت، وجندي آخر، داخل المدرسة المتوسطة إلى جانب جندي آخر.
يظهر الجنديان في الصورة وهما يقفان أمام جدار أبيض وأزرق عليه شعار لواء غولاني، الكتيبة 13، السرية ب، بالإضافة إلى أسماء جنود من الكتيبة 13، الذين قُتلوا في إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولاحقا في غزة، ونص يقول: "تخليدا لذكرى شهداء السرية الذين سقطوا أثناء الخدمة". شاهد الباحثون نفس الغرافيتي وقائمة الأسماء على الجدار الأزرق والأبيض داخل المدرسة في 6 مارس/آذار 2025.
أظهر نص آخر على اللوح الأبيض، مؤرخ في 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أن جنديا أنهى خدمته العسكرية هناك. يتطابق الاسم مع جندي احتياط إسرائيلي يقول إنه ينتمي إلى "وحدة النخبة في جيش الدفاع الإسرائيلي" ويفترض أنه ينتمي إلى "وحدة دوفديفان"، وهي وحدة كوماندوس إسرائيلية خاصة ارتبطت أيضا بانتهاكات، وذلك أيضا بناء على شارة على زيه العسكري. في 21 نوفمبر/تشرين الثاني، نشر على إنستغرام صورة له وهو يرتدي الزي العسكري ويرفع سلاحه، قائلا إنه أنهى "جولته الثالثة".
قالت مديرة المدرسة إنها زارت المدرسة في 27 يناير/كانون الثاني 2025، بعد يوم واحد من انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرية، ووجدت أن أجهزة اللابتوب الـ 10 الخاصة بالمدرسة قد سُرقت. قالت إن ستة منها كانت هبة من برنامج "كتابي" الممول من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، واثنين أخريين من الكتيبة الفرنسية التابعة لـ"قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان" (اليونيفيل). وأضافت أن أجهزة الكمبيوتر المكتبية في "غرفة الكمبيوتر" بالمدرسة قد دمرت بالكامل، إلى جانب ماسح ضوئي (سكانر) وآلة طباعة قيمتها 5 آلاف دولار أمريكي. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تأكيد الجهة المسؤولة عن سرقة أجهزة اللابتوب المفقودة.
قالت المديرة إن المدرسة ستحتاج إلى "إعادة البناء من الصفر". تُظهر صور الأقمار الصناعية المُلتقطة في 30 يناير/كانون الثاني، بعد ثلاثة أيام من زيارة مديرة المدرسة، كميات كبيرة من الأنقاض متناثرة في ملعب المدرسة. تبدو مجموعات من المباني في المنطقة المجاورة مباشرة مدمرة، وتحولت يارين بأكملها تقريبا إلى أنقاض.
مدرسة الناقورة المتوسطة الرسميةتقع مدرسة الناقورة المتوسطة الرسمية على بعد أقل من 3 كيلومترات عن الحدود اللبنانية مع إسرائيل، وكانت تستقبل 300 طالب من مرحلة الروضة حتى الصف التاسع، وفقا لمديرة المدرسة. أغلقت المدرسة في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023. زارت هيومن رايتس ووتش المدرسة في 31 يناير/كانون الثاني 2025 ووجدت أدلة واضحة على أن القوات الإسرائيلية احتلت المدرسة وألحقت أضرارا بالمعدات المدرسية ودمرتها، كما ألحقت أضرارا بمباني المدرسة.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد التواريخ الدقيقة للفترة التي احتُلت فيها المدرسة. إحدى العبارات العبرية التي عُثر عليها في المدرسة كانت مؤرخة في 22 ديسمبر/كانون الأول 2024، ما يشير إلى أن القوات الإسرائيلية ربما كانت هناك لعدة أسابيع بعد وقف إطلاق النار في 27 نوفمبر/تشرين الثاني.
بين مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، نشر الجيش الإسرائيلي عدة بيانات على مواقع التواصل الاجتماعي قال فيها إنه ضرب أهدافا لـ حزب الله في الناقورة. يُظهر فيديو نُشر في 16 مايو/أيار، وتحققت منه هيومن رايتس ووتش، ضربة جوية على منزل يقع على بعد أقل من 150 مترا من المدرسة. تُظهر فيديوهات نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2024، والتي حددت "جيو كونفيردمد" مواقعها الجغرافية، ما لا يقل عن ست ضربات جوية على مبان في نطاق 300 متر من المدرسة.
راجعت هيومن رايتس ووتش صورا وفيديوهات منشورة على الإنترنت، وبيانات صادرة عن الجيش الإسرائيلي وحزب الله واليونيفيل تشير إلى وقوع قتال بري في القرية. في بيانين صدرا في 6 و12 نوفمبر/تشرين /الثاني 2024، قال حزب الله إنه هاجم قوات إسرائيلية في الناقورة.
في بيان صدر في 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، قال الجيش الإسرائيلي إنه استهدف مواقع لحزب الله في الناقورة. في بيان صدر في 27 ديسمبر/كانون الأول، بعد شهر من وقف إطلاق النار، قال الجيش الإسرائيلي إنه "حدد معدات عسكرية ومخازن أسلحة داخل مبان مدنية" في الناقورة، وعرض صورا لأسلحة تابعة لـ حزب الله يُفترض أنها صودرت. انسحب الجيش الإسرائيلي من الناقورة في 7 يناير/كانون الثاني 2025، بحسب تقارير.
تشير الأدلة على احتلال القوات الإسرائيلية للمدرسة وتخريبها، بما في ذلك في الأسابيع التي أعقبت وقف إطلاق النار، إلى أن القوات الإسرائيلية دمرت عمدا ممتلكات المدرسة، وهو ما يُشكّل جريمة حرب.
عثر الباحثون في مدرسة الناقورة المتوسطة الرسمية على مواد غذائية إسرائيلية تحمل ملصقات عبرية ومخلفات متناثرة في صفوف وملاعب المدرسة، ومعدات عسكرية في بعض الصفوف. وفي أحد الصفوف التي بدا وكأنه كان يستخدم كمكان للنوم، عثر الباحثون على فرش وأغذية ومعدات عسكرية. وتضمنت الرسائل المكتوبة بالعبرية والعربية على الألواح البيضاء رسالة بالعبرية تقول: "سبت سعيد يا شعب لبنان، اشكروا نصر الله على كل الدمار الذي جلبه كلم"، في إشارة إلى حسن نصر الله، الزعيم السابق لـ حزب الله. وفي صف آخر، عثر الباحثون على معدات مدمرة ومتضررة، بما في ذلك أجهزة لابتوب أُخرِجت من صناديقها الأصلية وتحطيمها بجانب عبوات طعام إسرائيلية. قال مديرة المدرسة إن أجهزة اللابتوب كانت "جديدة تماما" وتبرع بها مؤخرا برنامج كتابي.
قالت مديرة المدرسة إن المعدات دُمرت، وإن مواد المختبر ألقيت على الأرض و"أتلِفت"، وإن غرف التخزين في المدرسة تم اقتحامها وتدمير محتوياتها. ويبدو أن شاشات التلفزيون في صفوف عدة تم ثقبها عمدا. كانت المكاتب المتضررة تحمل ملصقات تشير إلى أنها تبرعات من بلجيكا.
صف مدرسي في مدرسة الناقورة المتوسطة الرسمية، لبنان في 31 يناير/كانون الثاني 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتش معدات مدرسية متضررة متناثرة على أرضية الممر في مدرسة الناقورة المتوسطة الرسمية، لبنان، 31 يناير/كانون الثاني 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتش أجهزة لابتوب مدرسية متضررة متناثرة على أرضية أحد الفصول الدراسية في مدرسة الناقورة المتوسطة الرسمية، لبنان، 31 يناير/كانون الثاني 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتشقالت مديرة المدرسة: "يبدو أنهم ركزوا على المعدات التكنولوجية في المدرسة. دمروا كل شيء. دمروا ألواحنا التفاعلية وأجهزة العرض. حاولوا إزالة بعضها بالقوة، وأطلقوا النار على بعضها الآخر. دمروا التلفزيونات... كانت لدينا غرف تخزين مغلقة، اقتحموا هذه الغرف ودمروا محتوياتها". أكدت الأدلة التي فحصها باحثو هيومن رايتس ووتش روايتها.
كما عثرت هيومن رايتس ووتش على أدلة تظهر جرف بعض الأراضي الزراعية أمام المدرسة. كانت الأشجار قد اقتلعت وامتدت آثار مسارات الجرافات في ملعب المدرسة. أكد تحليل صور الأقمار الصناعية الذي أجرته هيومن رايتس ووتش أن الأرض جُرفت والمنازل المجاورة دُمرت بين 20 و25 ديسمبر/كانون الأول، وفي مناطق متعددة حول الناقورة حتى أوائل يناير/كانون الثاني على الأقل، قبل انسحاب القوات الإسرائيلية.
يُظهر فيديو نشر على "تلغرام" في 20 ديسمبر/كانون الأول، وحددت هيومن رايتس ووتش موقعه الجغرافي وتحققت منه، جرافة عسكرية إسرائيلية مدرعة وهي تجرف صفوفا من أشجار البرتقال في بستان على بعد 450 مترا شمال شرق المدرسة. يمكن سماع دوي انفجار بينما يقف ثلاثة جنود إسرائيليين يراقبون. يضحك أحد الجنود بينما يتصاعد الدخان في مكان قريب. شكر منشور تلغرام "اللواء 226، الكتيبة 9255" على خدمتهم. يرتدي جندي في الفيديو شارة، حددها الباحثون على أن أفراد "لواء المظليين الاحتياطي 226، الكتيبة 9255" التابعة للجيش الإسرائيلي، يرتدونها على زيهم العسكري.
مدارس في عيتا الشعب وطير حرفا وراميةكانت المدارس الثلاث التي زارها الباحثون في عيتا الشعب وطير حرفا ورامية متضررة بشكل كبير، على الأرجح نتيجة الاشتباكات البرية التي دارت في المدارس أو بالقرب منها. وفي المدارس الثلاث، عثر الباحثون على أدلة تظهر احتلال الجيش الإسرائيلي لها.
في حين قال مديرو المدارس والمسؤولون الإداريون فيها إن المواد والمعدات المدرسية مفقودة، لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد الجهة المسؤولة عن ذلك بسبب القتال وكون هذه القرى والبلدات قد خلت من سكانها إلى حد كبير منذ اندلاع الأعمال العدائية.
في "ثانوية عيتا الشعب الرسمية"، عثر باحثو هيومن رايتس ووتش على كميات كبيرة من القمامة، بما في ذلك مواد غذائية وزجاجات مياه، تحمل ملصقات مكتوبة بالعبرية، بالإضافة إلى صناديق يفترض أنها كانت تحتوي في السابق على خراطيش بنادق من عيار 7.62x51 ملم. عثروا أيضا على أدوات تستخدم في أنظمة الهدم، بما في ذلك "أنبوب صدم" وجهاز إشعال، والتي قد تكون استُخدمت في عمليات الهدم المنظمة للمباني المحيطة بالمدرسة.
Click to expand Image أنبوب صدمة يُستخدم عادة في عمليات الهدم الموجهة عُثر عليه في ثانوية عيتا الشعب الرسمية، لبنان في 30 يناير/كانون الثاني 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتشعثرت هيومن رايتس ووتش على نظام تفجير مستخدم، سليم جزئيا، يحمل رقما تسلسليا يشير إلى أنه من صنع أمريكي في أوائل 2023، بالإضافة إلى رسوم وكتابات بالعبرية على جدران المدرسة. قال المدير إن معدات مختبر الكيمياء والبيولوجيا، التي مولتها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، قد دمرت أيضا. كما تحققت هيومن رايتس ووتش من صور أرسلها المدير تظهر عشرات الكراسي المبطنة في قاعة محاضرات، قال إنها كانت هبة من اليونيفيل، ويفترض أنها تعرضت لأضرار متعمدة. قال إنها تبدو وكأنها "قُطعت بسكين". لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من الجهة المسؤولة عن ذلك.
في مدرسة طير حرفا المتوسطة الرسمية، عثر الباحثون على أدلة تشير إلى تجريف الأراضي والطرق المحيطة بالمدرسة، ما أدى إلى إلحاق أضرار بالطريق والأراضي الزراعية والبنية التحتية للمياه الجوفية المحيطة بالمدرسة. كانت أنابيب المياه المكسورة والحصى التي جُرفت والقمامة التي خلفها الجيش متناثرة خارج المدرسة. عثر الباحثون على صناديق نبيذ إسرائيلية، ومواد غذائية، وصناديق ذخيرة خشبية فارغة، بما في ذلك لـ 800 خرطوشة من عيار 7.62x51 ملم أمريكية الصنع موصولة بحزام لاستخدامها في رشاشات، وعلب ذخيرة معدنية.
داخل المدرسة، عثر الباحثون على زجاجات مياه ومواد غذائية وقمامة عليها ملصقات عبرية. تضمنت كتابات بالعبرية على جدران الصفوف أسماء أشخاص، ربما جنود، كانوا في المدرسة، وجداول زمنية، وجداول مواعيد مسيرات، وسجلات مراقبة. تضمنت رسومات غرافيتي أخرى كلمات أغاني وشتائم بالإنغليزية والعبرية تُخلد ذكرى جنود من "الكتيبة 51" في لواء غولاني الذين قتلوا في لبنان في نوفمبر/تشرين الثاني، وتقول "ليثأر الله لهم".
Click to expand Image كتابات عبرية عُثر عليها على لوح دراسي في مدرسة طير المتوسطة الرسمية، 31 يناير/كانون الثاني 2025. © 2025 هيومن رايتس ووتشقال المدير، الذي أفاد بأنه كان من آخر من غادر المدرسة في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 ومن أوائل من عادوا إليها بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من القرية في يناير/كانون الثاني 2025، إن 12 جهاز عرض تبرعت بها الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية مفقودة. وأضاف أن أكثر من 20 جهاز كمبيوتر مكتبي و18 جهاز لابتوب وجميع آلات الطباعة دمرت. كانت بعض المعدات المدمرة تحمل ملصقات تشير إلى أنها تبرعات من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. لكن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التحقق من الجهة المسؤولة عن تدمير المعدات أو سرقتها.
في مدرسة رامية الرسمية، عثر الباحثون على مواد غذائية إسرائيلية وزجاجات مياه وقمامة ورسوم غرافيتي بالعبرية، بالإضافة إلى كتيبات عسكرية إسرائيلية تحتوي على تعليمات حول كيفية تسخين الأطعمة الجاهزة. تضمنت الكتابات العبرية على الجدران والألواح البيضاء أسماء يفترض أنها لأفراد إسرائيليين، ربما جنود، لكن دون ذكر رتبهم أو أسماء وحداتهم. أشارت رسومات غرافيتي أخرى إلى لواء غولاني.
تعرضت المدارس الثلاث لأضرار بالغة جراء القتال البري والغارات الجوية التي استهدفت المدارس أو المناطق المجاورة لها. ولم يتمكن الباحثون من التحقق مما إذا كان مقاتلو حزب الله داخل المدارس أو في المناطق المجاورة لها خلال تلك الفترة.