ماذا تخسر إسرائيل عند طردها من برنامج هورايزون الأوروبي؟
عربي
منذ ساعتين
مشاركة

في تطور غير مسبوق على صعيد العلاقات العلمية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، جاء قرار المفوضية الأوروبية تعليق مشاركة تل أبيب في برنامج هورايزون أوروبا البحثي، وهو أحد أضخم برامج الابتكار العلمي في العالم، وذلك على خلفية تورط شركات إسرائيلية في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في قطاع غزة والضفة الغربية. القرار الذي جاء قبل أيام بمبادرة من دول أوروبية بارزة، يعكس تحوّلاً نوعياً في موقف القارة تجاه الاحتلال، ويهدد بحرمان إسرائيل من تمويلات البرنامج العلمية والتقنية الذي تُقدّر ميزانيته بنحو 95 مليار يورو، ما يضع مستقبل التعاون الأكاديمي الإسرائيلي الأوروبي على المحك.

الخطوة غير المسبوقة تمثلت بإعلان الاتحاد الأوروبي قبل أسبوع عن توصية رسمية بطرد إسرائيل من برنامج "هورايزون أوروبا" للبحث العلمي، ضمن سلسلة عقوبات تستهدف شركات إسرائيلية لها صلات مباشرة بالنشاط العسكري في غزة والضفة الغربية، بسبب ما وصفته المفوضية الأوروبية بـ"الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان وجرائم الإبادة الجماعية"، إذ أثار القرار صدمة في الأوساط العلمية والسياسية الإسرائيلية، وجاء بعد مراجعة المادة الثانية من اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، والتي تنص على ضرورة احترام حقوق الإنسان شرطاً أساسياً للتعاون الثنائي في المجالات العلمية والتكنولوجية.

وأكد الاتحاد أن إسرائيل لم تلتزم بهذه البنود، ما دفع المفوضية إلى التوصية بتعليق تمويل الشركات الناشئة الإسرائيلية العاملة في مجالات تكنولوجية ذات استخدامات عسكرية محتملة، مثل الذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة والأمن السيبراني. والمبادرة جاءت بتوجيه من مفوضة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس، وبدعم من دول مثل هولندا وإسبانيا وأيرلندا، التي طالبت خلال اجتماع لسفراء الاتحاد الأوروبي في بروكسل باتخاذ إجراءات ملموسة للضغط على إسرائيل، خاصة بعد تقارير تفيد بعرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.

ويُعد برنامج "هورايزون أوروبا" من أكبر برامج البحث العلمي في العالم، حيث تبلغ ميزانيته نحو 95 مليار يورو، ويهدف إلى دعم الابتكار والنمو الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة. وقد انضمت إسرائيل إلى البرنامج عام 2021 بصفة دولة منتسبة، ما أتاح لباحثيها ومنظماتها العلمية المشاركة على قدم المساواة مع نظرائهم الأوروبيين، إلى جانب مساهمتها المالية في البرنامج.

لكن هذا التعاون بات مهدداً، إذ يتطلب تنفيذ قرار الطرد موافقة أغلبية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أي 15 دولة على الأقل من أصل 27، وفقاً لوكالة رويترز. وفي حال المصادقة، ستُمنع الشركات الإسرائيلية من الحصول على منح من مجلس الابتكار الأوروبي، الذي يقدم تمويلات تصل إلى 2.5 مليون يورو لتطوير تقنيات ومنتجات مبتكرة. فقد وصفت صحيفة معاريف العبرية القرار بأنه "سابقة تاريخية"، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي يناقش لأول مرة استبعاد إسرائيل من برنامج علمي بهذا الحجم، بسبب الأوضاع الإنسانية في غزة. وأضافت أن القرار جاء بطلب مباشر من أيرلندا وإسبانيا، في ظل تصاعد الانتقادات الأوروبية لسلوك إسرائيل العسكري في القطاع.

وبحسب موقع بوليتيكو الأميركي، فإن الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة قد تعرض للخطر مشاركة تل أبيب في البرنامج الأوروبي، ما سيؤثر بشكل مباشر على تمويل التكنولوجيا الإسرائيلية، خاصة في مجالات الابتكار ذات الاستخدام المزدوج. كما أشار موقع ساينس بيزنس إلى أن الشركات الإسرائيلية قد تُحرم من منح تسريع الابتكار، وهو ما سيؤثر على قدرتها على تطوير منتجات وتقنيات قريبة من السوق الأوروبية.

عموماً، القلق يتصاعد في الأوساط الأكاديمية الإسرائيلية، حيث حذر "المجمع الوطني الإسرائيلي للعلوم والآداب" في مايو/ أيار الماضي من "خطر فعلي على مستقبل العلاقات العلمية مع الاتحاد الأوروبي"، معتبراً أن التطورات السياسية الأخيرة بعد مجازر غزة "تهدد بشكل جدي العلم الإسرائيلي والتعاون البحثي العابر للحدود". وقد ظهرت مؤشرات ملموسة إلى هذا التدهور، حين أُعلن قبل أسبوع عن فوز تسعة باحثين إسرائيليين فقط بمنح ضمن البرنامج الأوروبي من أصل 100 طلب قُدم، رغم أن عدد المتقدمين ظل مستقراً في السنوات السابقة.

أخبار ذات صلة.

( نوافذ يمنية) محرك بحث إخباري لا يتحمل أي مسؤولية قانونية عن المواد المنشورة فيه لأنها لا تعبر عن رأي الموقع..

جميع الحقوق محفوظة 2025 © نوافذ يمنية